اقواس
كنت أفكر كثيراً بالسفر إلى موسكو للدراسة والعمل وكنت أعلم أيضاً أن المعيشة هناك لم تكن سهلة أمامي، ولكنني سافرت.وحملت معي حملي وأملي في تحقيق أعلى مستوى دراسي في الغربة في دولة احترمت حقوق المرأة واحترمت قوانين مساواتها مع الرجل، دولة تحترم العمل وحقوق العمال، في دولة يتوفر فيها الآمن والأمان.هناك لم أشعر بأنني غريبة وسط شعب يتكلم لغة غير لغتي، وفي روسيا الشتاء قارس والثلج يغطى كل شيء أبيض ناصع وهذا يتطلب العمل والحركة المستمرة، وفي ظل الإضاءة الخافتة والجو البارد في موسكو وأشعة الشمس الهادئة، قررت القيام برحلة ثقافية لزيارة المعارض والمتاحف ومشاهدة المسارح، وفي موسكو توجد عشرات المسارح ودور السينما والمكتبات والحدائق الثقافية، أخذت أتابع الحركة الفنية الروسية في القرن الماضي بعمق، وفي موسكو أكبر سوق للوحات الفن التشكيلي والتحف والزخارف وأعمال النحت أما في مجال الموسيقى فلم تضف لي موسكو كثيراً ففي عدن كنت أتابع أغاني الموسيقار اليمني المتميز أحمد قاسم وأغانيه الكلاسيكية بتركيز أكبر وكنت أعشق ومازلت أتذوق أغاني الفنانة اللبنانية فيروز وأغانيها العذبة أكثر من تذوقي لأغاني الفنانة الروسية (الا بجت شوقا) ومن الناحية الأدبية كنت على معرفة بأعمال الكاتب الروسي تشيخوف ولكنني في موسكو اطلعت على جوانب أخرى لم تكن معروفة لدينا من اليمن تعرفت في موسكو على عددمن الفنانين التشكيلي والموسيقين وقرأت العديد من الروايات الأدبية إلى جانب الدراسة الأكاديمية.رحلتى وأقامتي في موسكو لم تكن لمجرد التحصيل العلمي الأكاديمي فقد كانت رحلة رائعة غنية ومكاسبها كثيرة.وعندما أعود إلى تلك الفترة التي عشتها في روسيا أتذكر أحد المعارض الفنية التي زرتها في موسكو للفنانة التشكيلية كاترينا جر يجوريفا هذه الفنانة التي قدمت عشرات المعارض الفنية الروسية وعالجت قضية الإنسان الباحث عن السلام رغم الزحام والانشغال بأخبار الحرب والسياسة والشيشان والركض وراء (الخبر اليومي) استطاعت هذه الفنانة أن تعرض مائتا لوحة فنية في مكان واحد على الساحة الحمراء بقلب موسكو هذا أمر يلفت النظر وأن تكون جميع هذه اللوحات لفنان واحد رسمها خلال 25 سنة هي فترة نشاطه الفني فمعنى هذا أنه المعرض اليوبيلي للفنانة كاترينا جريجوريفا وإسهاماتها هذه في تنمية الحركة الفنية الروسية التي تدعو للسلام في كل أنحاء الأرض وأجمل لوحة في نظري ونال إعجابي لوحتها الرائعة بعنوان (ميلاد العالم) والتي عبرت عن القيم الإنسانية العامة وجسدت بواقعية رفيعة جسور قيم العمل والحب والخير والعطاء والتضامن مع شعوب العالم.