أكاديميون وشخصيات سياسية واجتماعية لــ 14اكتوبر :
لقاءات /سمير الصلوي:إن الاحتفال بأعياد الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر هو احتفاء بذكرى لا يمكن نسيانها أو التقليل من حجم التضحيات التي قدمها أبناء الوطن من شطري اليمن في الدفاع عن الثورة.صحيفة 14 أكتوبر بهذه المناسبات العظيمة التقت عدداً من الأكاديميين والشخصيات الاجتماعية والسياسية الذين تحدثوا عن أهداف الثورة اليمنية،وأبرز رواسب الماضي التي أعاقت تحقيق الأهداف،وأهمية المنجزات التي تحققت وكانت الحصيلة الآتي..[c1]تحولات عظيمة[/c]وكانت البداية مع الدكتور حسين أحمد قروان الباحث الأكاديمي بجامعة صنعاء الذي يرى أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر تعتبر “شمعة” مضيئة في تاريخ اليمن المعاصر،وأنها تمثل نقطة تحول في حياة الشعب اليمني.ومما لا شك فيه أن كل ثورة في العالم لابد أن تحدث تحولات في المجتمع الذي تنطلق منه كما هو حال الثورة 26سبتمبر اليمنية.وقال إن الاختلاف بين الثورات في العالم يكمن في نوعية وحجم التحولات التي تحدثها كل ثورة في حياة المجتمع الذي تنطلق منه.فهناك ثورة تحدث تحولات كمية ونوعية إيجابية في حياة الشعب في جميع مجالات الحياة.وهي الثورة المطلوبة الناجحة التي لا يخاف عليها.وهناك ثورات تحدث تحولات كمية في بعض مجالات الحياة,ومثل هذه الثورات يخشى عليها من الإجهاض والفشل وإن طال زمن قيامها.وحقيقة إن ثورة 26سبتمبر تعد من الثورات التي أحدثت تحولات عظيمة ولا يمكن الاستهانة بها إلا أن هذه التحولات بكل صدق وموضوعية ليست جذرية ولا كافية لتحقيق جميع أهداف الثورة وترسيخ قواعدها على اعتبار أن الثورة منذ قيامها منذ 48 عاماً حتى الآن لم تتمكن من تحويل بنية المجتمع اليمني من التقليدية إلى الحداثة.فما تزال روابط المجتمع وأسس علاقاته التفاعلية قائمة على أسس قبلية ومناطقية وسلالية ومذهبية وهذا ما يعيق حركة تطور المجتمع اليمني ويحد من قدراته في التنمية والاستقرار. وفي الجانب الاقتصادي ندرك أن عدم قدرة الثورة على تحقيق تحولات بنيوية حقيقية في البناء الاقتصادي اليمني قد كرس في أوساط المجتمع الفقر والبطالة والحرمان وهو ماأدى إلى بروز العديد من الإشكاليات والظواهر السلبية بين أفراد المجتمع اليمني.إن عدم قدرة ثورة 26 سبتمبر على أحداث تحولات جذرية فاعلة في هذين المجالين قد انعكس بدوره سلباً على الجوانب الأخرى:السياسي والإداري والثقافي والقانوني.لذلك لا نستطيع أن نجزم اليوم بأن جميع أهداف ثورة 26 سبتمبر قد تحققت كما هو مرسوم لها وكما ينبغي أن تكون لإحداث التحولات الكبيرة في حياة المجتمع اليمني التي تحقق الاستقرار والتنمية.والدليل على ذلك أننا اليوم وبعد 48 عاماً على قيام الثورة نجد من ينادي ويدعو إلى الانفصال.فهناك العديد من العوامل التي حدت من قدرة ثورة 26 سبتمبر على إحداث تحولات جذرية في حياة المجتمع اليمني والتي يطول شرحها ، وحلها معروف لدى الشرائح المثقفة في المجتمع اليمني.أن تحقيق أهداف ثورة سبتمبر المجيدة يتطلب من أفراد المجتمع كافة والسلطة السياسية العمل بسرعة لإحداث تغيير علمي مدروس ومستمر للظواهر السلبية التي تعيق تطور المجتمع اليمني في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإدارية القانونية في آن واحد.وعلى السلطة السياسية العمل على كسب ثقة وولاء أفراد المجتمع عن طريق البرامج العلمية الشاملة التي تمس حياة المواطن اليومية ومعاشه.كذلك لابد أن تعمل السلطة السياسية بجد للحد من تكون مراكز القوى في المجتمع اليمني لكسر الفجوة العميقة بين الأغنياء والفقراء،تفادياً لتفجر الأوضاع الشاملة،والعمل على سرعة الكشف المبكر عن الظواهر المخلة بأمن الدولة والمجتمع،وألا ندعها تتفاقم حتى تتحول إلى مشكلات مستعصية يصعب حلها وتجاوزها،وسرعة تطوير الأداء السياسي والإداري للسلطة حتى يلمس المجتمع ما يخلق لديه الأمل في الحياة والثقة بالسلطة والدولة.وكذلك العمل على تحقيق ترابط وتكامل وتنسيق علمي مدروس بين عناصر السلطة السياسية وأجهزتها المختلفة،والعمل على خلق صورة مثالية عن السلطة السياسية بين أفراد المجتمع عن طريق الأفعال لا الأقوال. ويرى قروان أن ديمومة الثورة اليمنية وفاعليتها تتطلب جهوداً علمية صادقة ومدروسة لجميع ما يعيق حركة تطور السلطة السياسية والمجتمع. إننا اليوم بحاجة إلى قفزات نوعية في شتى مجالات الحياة تتطلب تفجير طاقات الشباب والاستفادة من مواهبهم المتعددة. فالوطن يحتاج اليوم إلى تغيير علمي مستمر في كافة جوانب الحياة،بحيث تمكن هذه التغيرات من تجاوز الفقر والصراع بين أفراد المجتمع،ويجب على كل يمني مخلص أن يلعب الدور المناط به لكي تتحقق جميع أهداف ثورة 26 سبتمبر،ونرتقي بالمجتمع اليمني إلى كل ما يتطلبه من أمن واستقرار ورخاء..فجميعنا على سفينة واحدة إما ننجو بها أو نغرق جميعاً. [c1]مرحلة تاريخية مهمة[/c]الأخ /حمود النقيب رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بأمانة العاصمة عضو الهيئة الإدارية بالأمانة تحدث عن واحدية الثورة،وأوضاع شطري اليمن قبل الثورة،والإنجازات التي شهدها الوطن خلال 48 عاماً فقال:في البداية أشكر لصحيفة (14أكتوبر) تبنيها لمثل هذه المواضيع وأقول: إننا اليوم نحتفل بمرور 48 عاماً منذ قيام الثورة التي مثلت مرحلة تاريخية مهمة في حياة الشعب اليمني بعد معاناة من الهيمنة والشتات والتمزق وإذا نظرنا إلى هذه الفترة منذ قيام الثورة لوجدنا أن هناك فوارق كبيرة وشاسعة،وأن هناك منجزات مختلفة جاءت ثمرة لأهداف الثورة وأبرزها:إعادة تحقيق الوحدة التي وضعها الثوار ضمن أبرز أهدافهم،لإدراكهم أن اليمن يمن واحد.وهو ما سطرهُ اليمنيون في الدفاع عن ثورتي سبتمبر وأكتوبر بالتحامهم صفاً واحداً في مواجهة الإمامة والاستعمار حين كان جنوب الوطن يرزح تحت الاحتلال بعد تخلي الإمامة عن تلك المناطق بغرض فرض هيمنتها وسطوتها على ما تبقى من أرض اليمن،واتفاقها مع الاستعمار على ذلك مقابل إعطائهم شرعية احتلالهم للجنوب.وللأسف بدلاً من أن يناضل الأئمة لأجل اليمن وعدم تقسيمها فقد عملوا على تقسيمها وإعطاء الشرعية للاحتلال .وهذا من أكبر مساوئ الحكم الإمامي المتسلط الذي كان يدعي الوصاية على اليمن وشعبها،وهو ما دفع أبناء اليمن من شمال الوطن وجنوبه لتفجير ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين ودحر النظام الإمامي والاستعماري،وقدموا التضحيات الجسيمة للتخلص منهما.وأضاف:إن ما نلمسه اليوم في الواقع المعاش هو نتاج لتلك التضحيات التي ستبقى دوماً في ذكريات الشعب اليمني وأجياله القادمة،وستبقى حاجزاً منيعاً أمام كل من يحاول استغلال المناخ الديمقراطي وأمام الحالمين بالعودة إلى ما قبل قيام الثورة والوحدة الذين تصدى لهم الشعب أكثر من مرة،وفي أكثر من منطقة من مناطق اليمن.وفشلت محاولاتهم وانتصرت إرادة الشعب.ونقول للجميع:من له مطالب من أبناء الشعب فإننا سنعمل سوياً للمطالبة بالحقوق تحت سقف الدستور والقانون،ولا نتخذ من المطالب الحقوقية ذريعة يستغلها البعض لزعزعة الأمن والاستقرار لأغراض سياسية ومادية خاصة بهم.فالجميع يدرك ما عاناه الشعب في ظل الحكم الإمامي والاستبدادي والاستعماري السلطوي،فالثورة اليمنية التي تحققت بإرادة الله وبصمود وتضحيات أبناء الشعب الذين وضعوا أهدافهم الوطنية المتمثلة في البناء والتنمية والوحدة الوطنية وإزالة الفوارق بين أبناء الشعب- لا يمكن لأحد التفريط بها ولا بأهدافها أو المزايدة عليها.وأقول لهؤلاء المزايدين على الوطن: إن الشعب اليمني والمحيط الدولي يدركان أهمية الأمن والاستقرار لليمن ووحدته.وأدعو أبناء الشعب في هذه المناسبة إلى الحفاظ على منجزات الثورة كواجب ديني ووطني،وأن ينزعوا كل رواسب الماضي الطائفية،العرقية والمذهبية.فمصيرنا مصير واحد ولفتنا واحدة وديننا واحد،وعلى كل المغرر بهم العودة إلى صوابهم والمساهمة في بناء الوطن وعدم إتاحة الفرصة لأعدائنا وأعداء الأمة في نفث سمومهم وأحقادهم بين أبناء الشعب.[c1]واحدية الثورة اليمنية[/c]الدكتور سمير العبدلي أستاذ العلوم السياسية ونائب رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني تحدث بدوره قائلاً:في البداية اشكر لصحيفة (14أكتوبر) اهتمامها بهذه الأحداث الوطنية الجليلة.إن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كانت الأم والعامل المساعد لقيام ثورة الـ14 من أكتوبر في الشطر الجنوبي من الوطن.وواحدية الثورة هي التي فتحت الطريق أمام الوحدة اليمنية التي كانت أحد أهداف الثورة إلى جانب عدد من الأهداف الأخرى التي أحدث تحقيقها نقلة نوعية كبيرة في حياة الشعب اليمني.بالعودة إلى ما قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر نجد أنه كانت هناك عناوين رئيسية لحياة الشعب تتمثل في الفقر والجهل والمرض والحكم الفردي المطلق المستمد من الحق الإلهي حسب رؤاهم.وكانت الرؤية لدى الضباط الأحرار في الشمال والجنوب هي واحدية الثورة التي لم تتغير وبقيت هدفاً إستراتيجياً.واليوم إذا نظرنا إلى أهداف الثورة بعد (48) عاماً نجد أن الكثيرمنها قد تحققت ولكن ليس بالحجم أو الكم المطلوب.فالتعليم والصحة والطرق كل ذلك من إنجازات الثورة ولكن هناك بعض الاختلالات التي ما زلنا بحاجة إلى مسيرة طويلة لتجاوزها لتحقيق أهداف الثورة بالشكل المطلوب.كما أن هناك رواسب لم تعمل الثورة حتى اليوم على إذابتها تماماً مثل القبلية والمشيخة التي لا تزال تلعب دوراً رئيسياً في العمل السياسي والاجتماعي داخل اليمن،كما أن لها نشاطات سيئة مثل التقطع وإقامة علاقات مباشرة مع دول خارجية وإقلاق الأمن،فنحن لن ننجح حتى تكون القبيلة عاملاً مساعداً للدولة في الأمن والاستقرار، مثل الكثير من الدول العربية كالأردن والإمارات وغيرها فالشيخ في اليمن دائماً ما يكون فوق القانون والمجتمع ويستغل ضعف الدولة لسلب حقوق المواطنين وعدم الالتزام بالحقوق والواجبات وهو ما يفرض على الدولة العمل على دمج القبيلة في المجتمع وفرض القانون والمساواة. وهذا ما لن يتحقق إلا في إطار الحكم المحلي الواسع،ومعالجة الآثار والمشكلات القائمة،ووجود توافق سياسي بين الأحزاب السياسية،وأن ندمج ثقافة القبيلة في ثقافة المجتمع،باعتبار أن هذه المشكلة هي أكبر عائق أمام التنمية الثقافية والاقتصادية والسياسية، ونبذ ثقافة القبيلة وتعزيز المساواة في المواطنة بين الجميع الذين يحكمهم القانون والمؤسسات الدستورية المختلفة.كما أننا نعاني في الوطن اليوم من إشكالية جديدة وهي المذهبية التي يستغلها البعض لتفجير صراعات لحظية تؤدي إلى صراع أكبر وتفتيت المجتمع.[c1]توعية جيل الثورة[/c]أما الأخ/عبدالله طه هاجر رئيس الملتقى الوطني لأبناء الشهداء والمناضلين فقد تحدث بالمناسبة قائلاً:إننا اليوم وبعد 48 عاماً من قيام الثورة اليمنية المجيدة ثورة 26 سبتمبر ندرك حجم التضحيات التي قدمت خلال مسيرة الثورة، والتحديات التي واجهت هذه المسيرة منذ بداياتها من داخل الوطن وخارجه بهدف إجهاض هذا الإنجاز الذي استمات أبناء اليمن المخلصون في الدفاع عنه،ليقينهم أن العودة إلى الماضي عودة إلى التخلف والجهل والاستبداد.إن الثورة اليمنية نجحت في تحقيق أهداف الشعب اليمني،وإن كان هناك نقص فهو يعود إلى التحديات الكبيرة التي لا تزال قائمة حتى اليوم،والتي أعاقت تنفيذ بعض الطموحات في المجالات الخدمية والتنموية.وما تحقق في ظل الثورة لا يمكننا التقليل منه إذا ما قسناه بعهد الحكم الإمامي البائد الذي جثم على أبناء الشعب واستغل كل الطاقات والمقدرات لمصالحه الخاصة،وترك الشعب يرزح تحت الظلم والاستبداد،ويعاني التخلف والأمية والطائفية والعنصرية.فعلينا اليوم أن نركز على توعية جيل الثورة بما قدم آباؤهم من تضحيات،وأن يقفوا ضد كل المحاولات العبثية التي يقوم بها بعض الحاقدين على الوطن والثورة الذين يظهرون ما بين فترة وأخرى حاملين أهدافاً وذرائع لتحقيق مكاسب ذاتية وليست من باب الحرص على الوطن وازدهاره..متناسين أن المكاسب الفردية زائلة،وأن الشعب يدرك ما يدور حوله،ويميز بين ما ينفع الوطن وما يعود بالضرر عليه.