عن أبي هريرة t قال: الغيبة تخرق الصيام، والاستغفار يُرَقِّعه؛ فمَن استطاع منكم أن يجيء بصوم مُرقَّع فليفعل.وعن ابن المنكدر معنى ذلك: الصيام جُنة من النار ما لم يخرقها، والكلام السيئ يخرق هذه الجُنة، والاستغفار يُرَقِّع ما تخرق منها. فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع وعمل صالح له شافع.. كم نخرق صيامنا بسهام الكلام ثم نرقعه، وقد اتسع الخرق على الراقع.. كم نرفو خروقه بمخيط الحسنات، ثم نقطعه بحسام السيئات القاطع.. كان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر من تقصيره فيها، كما يستغفر المذنب من ذنبه. إذا كان هذا حال المحسنين في عباداتهم، فكيف حال المسيئين مثلنا في عباداتهم؟! فرحماك يا ربِّ لمَن حسناته كلها سيئات، وطاعاته كلها غفلات.. و قريب من هذا أمر النبي e لعائشة ل في ليلة القدر بسؤال العفو؛ فإن المؤمن يجتهد في شهر رمضان في صيامه وقيامه، فإذا قرب فراغه وصادف ليلة القدر لم يسأل الله تعالى إلا العفو، كالمسيء المقصر. كان صلة بن أشيم يُحيي الليل، ثم يقول في دعائه عند السحر: اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار؛ ومثلي يجترئ أن يسألك الجنة؟! وكان مطرف يقول: اللهم ارضَ عنا، فإنْ لم ترضَ عنا فاعفُ عنا. وقال يحيى بن معاذ: ليس بعارف مَن لم يكن غاية أمله من الله العفو. إن كنتُ لا أصلحُ للقُربِ فشأنُكمُ العفوُ عن الذنبِ وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، وهي حل عقدة الإصرار؛ فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود؛ فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود. قال كعب: مَن صام رمضان وهو يُحدِّث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان أنه لا يعصي الله؛ دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب، ومَن صام رمضان وهو يُحدِّث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان عصى ربه؛ فصيامه عليه مردود. [لطائف المعارف] عن الزبير t أن رسول الله e قال: “مَن أحبَّ أنْ تَسرَّهُ صحيفتُهُ فليكثِرْ فيها مِن الاستغفار» [حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، وقال: رواه البيهقي بإسناد لا بأس به] وعن عبد الله بن بسر t قال: سمعت النبي e يقول: “طُوبَى لمن وجدَ في صحيفتِه استغفارًا كثيرًا”. [رواه ابن ماجه، والبيهقي، وصححه الألباني] وقال بكر بن عبد الله المزني: استكثروا من الاستغفار؛ فإن الرجل إذا وجد في صحيفته بين كل سطرين استغفارًا سَرَّه ذلك. وقال أبو المنهال: ما جاور عبد في قبره مِن جار أحب إليه مِن استغفار كثير. عن أبي أمامة t أن رسول الله e قال: “إنَّ صاحبَ الشمال ليرفعُ القلمَ سِتَّ ساعاتٍ عن العبدِ المسلمِ المخطئ أو المسيء، فإنْ ندمَ واستغفرَ اللهَ منها ألقاها، وإلا كُتِبَتْ واحدةً». [رواه الطبراني، وحسنه الألباني في صحيح الجامع]والاستغفار عبادة يحبها الله، شرعها لعباده تفضلاً منه وإنعامًا ليكفر عنهم سيئاتهم ويمحوها.قال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، وأينما كنتم؛ فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة. وفي بعض الآثار أن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بـ»لا إله إلا الله» والاستغفار. قال محكول الشامي: مَن آوى إلى فراشه ثم لم يتفكر فيما صنع في يومه؛ فإن عمل خيرًا حمد الله، وإن أذنب استغفر ربه عز وجل.. وإن لم يفعل كان مثل التاجر الذي ينفق ولا يحسب؛ حنى يفلس وهو لا يشعر! وما ألطف قول ابن الجوزي إذ سئل: أأُسَبِّح أو أستغفر؟ فقال: الثوب القذر أحوج إلى الصابون من البخور.
|
رمضانيات
الاستغفار يرقع ما خرقته الجوارح
أخبار متعلقة