القاهرة/ 14اكتوبر/عبد الله حمود : الجراح المصري العالمي د· أحمد شفيق، موسوعة طبية وعلمية، مثيرة للجدل ·· هذا الجراح استطاع أن يصل إلى العالمية، بمئات الأبحاث والاكتشافات، ونشرت في الدوريات العلمية، واخترع عمليات جراحية، سميت - في قاموس الطب - باسمه، واستطاع تشخيص أكثر من 20 مرضًا، جاء في تشخيصها أطباء العالم ·· إنه نجم يعرفه الناس، مثل نجوم السينما والكرة، مع أن مهنته تفتقد الأضواء والشهرة، حتي لقبه البعض بـ «المكوك الطائر»، لمشاركاته الكثيرة في المؤتمرات العلمية حول العالم ··ود. شفيق يملك رصيدًا علميًا، يزيد علي 600 بحث في مجال الجراحة وغيرها، وأجري جراحات ناجحة لرؤساء وزعماء دول ومشاهير عالميين، يحفظها في أسرار المهنة ·· هو يشغل منصب "أستاذ الجراحة في كلية طب القصر العيني بالقاهرة، ورئيس الأكاديمية العالمية لجراحة الجهاز الهضمي بنيويورك، بالولايات المتحدة" ·· وحول هذه الرحلة والإنجاز العلمي والطبي، نجري معه حوارًا، يتطرق في نهاية، لبعض فصول من حياته الشخصية والأسرية·- معروف عنك المشاركة الواسعة في المؤتمرات في معظم دول العالم ·· هل من جديد في علم الجراحة ·· وبدائلها ؟الطب يتقدم باستمرار، وكل يوم هناك اكتشافات وأبحاث ودراسات جديدة، فالمناظير في ظل التكنولوجيا، أصبحت تصل إلي أدق جزء في الجسم وتشخصه، بالإضافة إلى أخذ عينة من الرئة أو البنكرياس، وخاصة الأورام البسيطة، مما ساعد الجراح على إجراء الجراحة، وهو متأكد من نوعية وحجم المرض، أيضًا ساهمت التكنولوجيا في تقدم جراحة المناظير، بحيث يمكن استئصال أورام المرارة، أو الفتق الأربي والحجاب الحاجز وغيرها، الجديد أيضًا، أن الجراحة أو الإستئصال بالليزر، أصبح عملية سهلة، وخاصة في حالة تضخم البروستاتا، ولكن رغم ذلك أقول: لا يزال المشرط هو الأساس في الممارسة الجراحية، ولا يمكن الاستغناء عنه، وما المناظير والليزر، إلا أدوات مساعدة لمشرط الجراح·[c1]أبحاث واكتشافات[/c]- أجريت كثيرًا من الأبحاث، ولك اكتشافات علمية عديدة ·· ما أهمها في وجهة نظرك ؟نشرت حتى الآن، حوالي 600 بحث في مجال الجراحة والجهاز الهضمي والسرطان والشرج والقولون، وأجريت أكثر من 55 عملية جراحية بطريقة جديدة، في تاريخ الطب، وتسمي باسم جراحة د· شفيق، خاصة جراحة المعدة ·· بالإضافة إلى جراحة الأورام السرطانية، أيضًا وصفت حوالي 20 مرضًا، لم يسبقني أحد في وصفها، كالثنية القولونية، وتدهن الخصية، وكل هذا منشور في الدوريات العالمية·أما عن أبحاثي واكتشافاتي، التي قمت بها مؤخرًا، فكان أهمها التوصل - ولأول مرة - لتسجيل النبضات الكهربائية، المنبعثة من الحوصلة المرارية، عن طريق الأسلاك المثبتة على جلد البطن من الخارج، بحيث يمكننا تسجيل أمراض المرارة، بواسطة هذه الوصلات، كما أن هذه النبضات، ترسم لنا شكلاً معينًا لكل مرض، مثل تسجيل النبضات أثناء رسم القلب ·· أيضًا من الجديد الذي قدمته مؤخرًا، وصف مرض سمي "العصب الحوضي"، وهذا المرض يصيب منطقة الشرج والحوض والمسالك البولية، وقد حار الأطباء في مصدر هذا المرض، إلا أنه بعد إجرائي لعدة بحوث، اكتشف أنه بسبب الضغط على العصب الحوضي، تترهل العضلة الحوضية، وتشد على عصب الحوض، فتحدث آلامًا شديدة، وبالفعل أجريت جراحة لهذا العصب، فحدث الشفاء العاجل، وعرضت هذه الجراحة أمام العديد من أساتذة العالم·[c1]مهمتي ·· البحث[/c]- في مسألة أبحاثك ·· هل ينتهي دورك عند تقديمها ونشرها في الدوريات العلمية فقط ؟وظيفتي الأساسية كباحث تقف عند حد تقديمه، فأنا أقوم بإجراء البحث، ثم نشره في المجلات العالمية، حتى يستفيد منه الجراحون، في جميع أنحاء العالم، وبالنسبة للأدوية في بعض الأمراض، مثل الروماتويد والإيدز والجزام، فأنا لا علاقة لي بعمليات تصنيع الدواء، ومهمتي تقف عند نشر البحث فقط·- الدوائر الطبية العالمية، أوصت مؤخرًا باستبعاد المنظار من جراحات الأورام السرطانية ·· ما السبب من وجهة نظرك ؟عمليات استئصال السرطان، لا تزال تعاني من مشاكل، لم تحل بعد، خاصة مع ظهور أمراض سرطانية ثانوية، تقضي علي حياة المريض، بالإضافة إلى أن الأورام السرطانية، تحتاج إلى طرق ومهارات خاصة، في إجراء الاستئصال، لا تتوافر في المنظار، الذي يستأصل أوراماً حميدة، ولا يستطيع استئصال أورام متداخلة ومتشعبة، وهذا يؤكد، أنه رغم التكنولوچيا في عالم الطب، لا زالت يد الجراح الماهر، هي الفيصل في نجاح أي جراحة، ولم يستطع المنظار أو الليزر، إلغاء دور الجراح·[c1]ضريبة النجاح[/c]- دائمًا ما يثور الجدل حول أبحاثك واكتشافاتك ·· فهل تري أنك شخص مثير للجدل ؟اعتبر ذلك ضريبة الطبيب الناجح، بالإضافة إلى أن هذا هو حال العلماء دائمًا، تاريخهم كله مثير، وبه كثير من المآسي، وأضرب لك مثالاً بالعالم "اينشتاين"، عندما اكتشف النظرية النسبية، عام 1905، وكان يعمل -وقتها- أستاذًا بالجامعة، فاجتمع مجلس الجامعة واتهمه بالنصب والاحتيال، وقرر فصله بسبب النظرية النسبية، التي نعتمد عليها في القرن العشرين، أيضًا "جاليليو"، عندما أعلن نظرياته الفيزيائية، هددوه بالحرق في ميدان روما، وعلى مستوي العالم العربي، سجن "ابن سينا" أبو الطب والأطباء، بسبب نظرياته التي طبقها العالم كله ·· إذن فأنا لست أول ولا آخر من يثير الجدل، بل أعتبر هذا الجدل حولي هو ضريبة نجاحي ·· وهناك نقطة أود أن أشير إليها في هذا الصدد، رغم أنها لا تشغلني إطلاقًا، وهي الحقد المهني، وهو موجود بشدة بين الأطباء·[c1]البلهارسيا ·· والاستئصال علاج[/c]- ما سبب ارتفاع معدل الإصابة بسرطان المثانة في المنطقة العربية ·· وما هو العلاج ؟السبب في ذلك معروف، وخصوصًا في مصر، فهناك ارتباط وثيق بين مرض البلهارسيا وسرطان المثانة، ووجد أن المصابين بمرض بلهارسيا المسالك البولية، تزداد عندهم نسبة الإصابة بسرطان المثانة ·· أما عن سبب السرطان فهو غير معروف ·· ويكون العلاج في هذه الحالة هو الاستئصال، مثل أي سرطان في الجسم، ولكن ليس معني هذا أن نستسلم للمرض، بل نحاول الوقاية من الإصابة بهذا المرض الخبيث، فينبغي على الدولة القيام بدورها في التوعية الصحية السليمة، وعلى المريض أيضًا الاستجابة، لأن الشفاء من السرطان، مرتبط عمومًا بالتشخيص والعلاج المبكر·- أيضًا هناك أمراض الجهاز الهضمي والمسالك البولية والقولون ·· لماذا تزداد نسبة الإصابة بها في البلدان العربية ؟يرجع ذلك إلى نظام الأكل غير السليم، والمجتمعات العربية بالذات، تتساهل في نظام غذائها، ولا توجد توعية، بل والخطير، أنها تركز على تناول الأكل بين الوجبات، ونكثر من الدهون والنشويات، وكل ذلك يرهق الجهاز الهضمي، والحل هو التنظيم في تناول الوجبات، الذي يعود الجهاز الهضمي على مواعيد ثابتة، يغرز فيها الهرمونات، فضلاً عن عدم إجهاده بأنواع مختلفة من الطعام، الذي يصعب هضمها·[c1]العقل البشري[/c]- لماذا تعتمد البلدان العربية على ما وصل إليه الغرب في الأبحاث والاكتشافات الطبية الحديثة ·· ولماذا هي قليلة عند العرب ؟بالفعل، الأبحاث أو الاكتشافات الطبية لدينا لا زالت تسير ببطء، وأرجع البعض ذلك إلى قلة الإمكانيات المادية، ولكن هذا غير صحيح، فالتقدم العلمي يعتمد أولاً وأخيرًا على الإمكانيات البشرية، وليس الإمكانيات المادية والمعملية، والدليل على ذلك، أن أعظم الأبحاث العلمية في تاريخ العلم، خرجت ما بين القرن الرابع عشر والقرن الثامن عشر، على يد "مندل" مؤسس علم الوراثة، و"إسحاق نيوتن" في الطبيعة والرياضيات ·· وهؤلاء لم تتوفر لديهم الإمكانيات المادية أو العلمية بالقدر الكافي ·· ولكن الإمكانية التي توفرت لهم وساعدتهم علي الخلق والابتكار، هي العقل البشري ·· وفي عالمنا العربي، لا توجد مشكلة في الإمكانيات المادية، فهي موجودة ·· ولكن الكفاءات البشرية - وإن كانت متوفرة - تنقصها القدرة على المثابرة والمتابعة، وجدية البحث والدراسة، نتيجة لعوامل كثيرة ترتبط بالمناخ الثقافي والسياسي والاجتماعي·- لماذا أنت ممن ينادون بتعريب الطب، وتدريسه باللغة العربية ·· وهل تري إمكانية تحقيق ذلك ؟حتي الآن مازلت أدعو بتعريب الطب، لما فيه من إفادة كبيرة للأمة العربية، وجميعنا يأمل في ذلك ·· ولكن التعريب لابد أن تسبقه خطوات كثيرة، أهمها مواكبة التقدم العلمي، أي أن تساير الدول العربية التطور العالمي، لكي تستطيع فرض لغتها على العالم، مثلما حدث قديمًا أيام "ابن خلدون وابن سينا والفارابي"، حينها تفوقت الحضارة العربية، وغزت الحضارة الأوروبية في العصور الوسطي، وكان الغرب يقوم بترجمة حضارتنا إلى اللغات الأجنبية ·· وهذا يعني أنه ليس المقصود من التعريب، الترجمة إلى العربية، بل التعريب، بمعني التفوق علميًا وحضاريًا، ثم تدوين ذلك باللغة العربية، ويحدث هذا عندما نتفوق ونتقدم علميًا، وهو ما سيضطر العالم معه إلى نقل حضاراتنا، لأن التعريب يعتمد أساسًا علي المستوي الحضاري للعالم العربي·[c1]أسرار مهنية[/c]- رؤساء وزعماء ومشاهير في العالم، أجريت لهم جراحات ·· ماأسباب عدم الكشف عنهاحتي الآن ؟ لن أتحدث عن جراحاتي للمشاهير والزعماء، لأني أعتبر هذا عقد أمان بين الطبيب ومريضه، ورغم أنني أجريت العديد من الجراحات لهؤلاء الزعماء، إلا أنني ألتزم بميثاق الشرف الطبي، بعدم إفشاء سر المريض، وحتي الآن لم أخرج عن هذا الإلتزام إطلاقًا، وما تنقله شبكة "الإنترنت" من معلومات على لساني، والتحدث عن جراحات بعض الزعماء، لا علاقة لي به على الإطلاق، وبشكل عام، أعتبر العلاقة بين الطبيب والمريض، مهما كان مركزه، لا يجوز الإطلاع عليها، أن ما يهمني في ذلك كله، هو الكتب والمراجع العلمية في مجال الجراحة، والتي بها نظريات د· شفيق، وعمليات تحمل اسمي، وأيضًا كليات الطب العالمية، التي تدرس ضمن مناهجها هذه النظريات·- ما أهم المواقف الإنسانية التي واجهتك أثناء عملك الطبي ؟ بالتأكيد، هناك مواقف إنسانية كثيرة نواجهها في عملنا، ولكن لا يمكن التمييز بين حالة وأخرى، لأن هذا يتنافى مع آداب وتقاليد المهنة، ومهنة الطب في الأساس، هدفها تحقيق الشفاء للمرضى المعذبين، وفي الحقيقة، ندرك جيدًا أننا نتعامل مع أغلى شيء في الوجود، وهو الإنسان، وهو ما يجعلنا نتعامل مع جميع المرضي بشكل إنساني بالدرجة الأولي، دون تمييز بين حالة وأخرى·- شفاء مريض أم لحظة الاكتشاف في بحث جديد ·· أيهما يشعرك بالسعادة ؟بالتأكيد، البحث العلمي، لأنه يضمن علاج الملايين من المرضى في المستقبل، وهذا يمثل لي سعادة كبيرة، أما شفاء المريض فيعود بالنفع على إنسان واحد، ورغم سعادتي أيضًا بنجاح الجراحة، وإنقاذ مريض من الموت، إلا أنها لا تعادل سعادة البحث العلمي·[c1]ابن الوز ·· عوام[/c]- أولادك وزوجتك أطباء وجراحون ·· هل يعني أن المثل >ابن الوز عوام< ينطبق على أسرتك ؟نعم يمكن القول بذلك، فزوجتي هي أول جراحة مصرية، وهي الدكتورة/ ألفت السباعي، وأولادي عشقوا الطب والجراحة منذ صغرهم، وتربوا في مناخ علمي، ونتيجة لإعجابهم الشديد بالمكانة الكبيرة، التي وصل إليها والدهم، في عالم الجراحة، حدث لهم نوع من الإعجاب، جعلهم يتخذون نفس طريق والدهم، والتحقوا بكلية الطب وتخصصوا في الجراحة·- بعيدًا عن الطب والجراحة ·· ما هوايتك المفضلة ؟البحث العلمي، ويكفي أن أقول أن عالمًا مثل "إسحاق نيوتن"، كان يقضي في معمله 72 ساعة عمل متواصلة، ويوم أن أري اسمي في المراجع العلمية، أعتبر هذا أكبر وسام على صدري، وأصلي شكرًا لله رب العالمين، الذي أنعم علي بهذه النعم، وأنا مؤمن بالله، وألتزم بتعاليم ديننا الحنيف، واحترام كل الأديان الأخرى·[c1]هوايات ممنوعة[/c]- وماذا عن هوايات أخرى ·· كالفن والرياضة ؟مع الأسف الشديد ليست عندي أي اهتمامات فنية، بسبب نشأتي الغريبة، فمثلاً عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي، ظهرت عندي بعض الاهتمامات في الرسم، فدخلت جمعية الرسم، وسعدت بذلك، وذهبت للبيت وحكيت لأبي وأمي ما حدث، فإذا بوابل من الإهانات والشتائم، لأن الاعتقاد السائد، وقتها، أن الفن والرياضة تفسدان الولد، وبعد تخرجي من كلية الطب، أصبح البحث العلمي هو شغلي الشاغل، ومهمة تذوق الجمال سلوك تربوي، يجب أن يتعلمه الإنسان منذ الصغر·- ألا ترى أن هناك علاقة بين الجراحة والتذوق الفني ؟الجراح بالذات في الأساس فنان، لأنه يتعامل مع جسم الإنسان بالمشرط، بفن شديد وموهبة كبرى·[c1]ثقافة وفنون ·· وعلوم[/c]- ماذا تنطوي مكتبتك العلمية ؟من فروع العلم تضم 520 بحثًا، وأكثر من 30 كتاب علمي ·· أما الكتب الثقافية، فتضم كل مجموعات الدكتور طه حسين، ونجيب محفوظ، والعقاد، والحكيم، وأنيس منصور، والمنفلوطي، وأحمد حسن الزيات·- هل تتذكر آخر مرة ذهبت للمسرح أو السينما ؟منذ أكثر من عشرين عامًا، لم أصطحب أسرتي للسينما أو المسرح، لأن وقتي ليس ملكي، فأنا أنام في اليوم 4 ساعات فقط، وأعمل 20 ساعة·- وما أهم الأوسمة التي حصلت عليها ؟بالطبع، كان ترشيحي لجائزة نوبل في الطب عام 1982م وسامًا كبيرًا، رغم عدم حصولي على الجائزة، وذلك لأن عملية الترشيح للجائزة، تعتمد على أساس علمي صرف ·· أما الحصول عليها فيخضع لبعض المؤثرات السياسية والدينية والاجتماعية، وأيضًا حصلت على الميدالية الذهبية لأحسن الأبحاث، في المسالك البولية من الجمعية الأمريكية·
جراحات الرؤساء ومشاهير العالم من أسرار المهنة
أخبار متعلقة