غضون
- لدى مجلس النواب مشروع قانون لتنظيم حمل وحيازة الأسلحة قدمته الحكومة منذ زمن بعيد، لكن المجلس اكتفى بحفظ المشروع حتى (لا يضيع) كما يبدو .. وكلما وجدت محاولة لطرح المشروع للمناقشة أحبطت من قبل قلة قليلة بدعوى أن مشروع القانون تعرض “للحيازة” وهم يريدون حيازة الأسلحة بدون تنظيم ولا تسجيل، رغم أن مثل هذا القانون مطلوب لوضع حد لظاهرة انتشار الأسلحة والاتجار بها وهي ظاهرة كلفت اليمن وأهله ثمناً باهظاً جراء استخدام الأسلحة .. حروب قبلية .. إرهاب .. وغيرها من المشاكل .. ورغم أن القانون لا يستهدف سوى المجرمين فإن بعض النواب سعوا لإحباطه بسبب وساوس وهواجس غير مبررة وبدعوى أن الولايات المتحدة ودول أخرى تقر في دساتيرها حق المواطن في “التسلح” دون أن يلاحظوا أن تلك الدول قد لجأت بعد ذلك إلى اتخاذ تدابير متشددة تجاه انتشار الأسلحة، ودون أن يلاحظوا أن الولايات المتحدة هي أعلى الدول تسجيلاً لمعدلات الجريمة، ودون أن يلاحظوا أن الدول التي فيها ضوابط متشددة تجاه حمل وحيازة الأسلحة مثل اليابان هي أكثر مناطق الدنيا استقراراً وأماناً وأقل جريمة.- ولكي يسكتوا المسؤولين في وزارة الداخلية عن المطالبة بمناقشة وإقرار القانون يقولون : لديكم قانون ينظم حمل الأسلحة والاتجار بها وهو قانون ساري المفعول منذ عام 1992م تقريباً، فطبقوه ولا حاجة لقانون جديد .. وهذا كلام عجيب .. فأولاً كل القوانين عدلت مرات ومرات لمواكبة المتغيرات، فلماذا عندما يأتي ذكر مشروع القانون الجديد يتمسكون بالقديم فلا يريدون له تطويراً ولا تعديلاً ولا تبديلاً؟ ثم إن القانون الساري المفعول بحسب التسمية هو قانون قديم لا مفعول له إلا من حيث أنه “يشرعن” لظاهرة التسلح، يحتوي على نصوص تشجع على تسليح الصغير والكبير ونصوص تحمي فوضى الأسلحة، ونصوص تقيد رجال الأمن وتحد من صلاحياتهم حتى في مصادرة أسلحة مستخدمة في معارك داخل العاصمة .. حتى أن وزارة الداخلية عندما وجدت قبل ثلاث سنوات أن عليها الحد من هذه الفوضى ووجدت في الوقت نفسه أن القانون النافذ يكبح تصرفاتها وأنها بدون غطاء قانوني لجأت إلى وضع لائحة أو قرار كغطاء لتنفيذ خطة منع حمل الأسلحة في المدن الرئيسية، مع العلم أن هذه الخطة حدت من الظاهرة وأدت إلى إغلاق مئات المتاجر ومصادرة أكثر من سبعمائة ألف قطعة سلاح غير مرخصة.وكما قلنا .. لماذا نخشى من إقرار مشروع قانون يستهدف المجرمين وليس الصالحين .. وهو ينظم ولا يحظر بمعنى أنه يضع ضوابط للاتجار بالأسلحة وحيازتها وحملها وتسجيلها بحيث يحرر المجتمع من هذه الفوضى المكلفة .. هل من الدفاع عن الحرية أن نقول لا نريد قانوناً يوجب على المواطن تسجيل قطعة السلاح الخاصة به والحصول على ترخيص بحيازتها أو حملها؟.على أية حال .. مشروع القانون موضوع الآن في جدول أعمال مجلس النواب .. وما نريده من النواب أن يستحضروا تجربتنا المريرة مع ظاهرة انتشار الأسلحة وحرية التسلح، وهي تجربة مؤلمة، وأن يزيدوا المشروع تشدداً في أي جانب تساهلت فيه الحكومة.