غضون
* توجب الاتفاقيات الدولية وكذلك القوانين الوطنية على أي دولة أن تضمن للاجئين مساكن تؤويهم وبحيث تتوافر فيها شروط العيش اللائقة بكرامة الإنسان.. مثل المساحة الكافية والتهوية والإضاءة والأمن والخدمات الأساسية الأخرى كالهاتف والصرف الصحي..و ..و. فما بالك عندما يتعلق الأمر بمواطني الدولة وليس باللاجئين الأجانب.إن حق المواطن اليمني في السكن غير مضمون لمعظم السكان في هذا البلد بمن فيهم محدودو الدخل وليس فقط أولئك الفقراء الذين لا يتمتعون بحق الحصول على دخل يومي أو شهري مضمون.. رغم أن حق المواطن في الحصول على مأوى له ولأسرته هو حق أصيل وأساسي مثل حقه في أن يأكل ويشرب ويلبس ويأمن.. فالمسكن هو الوطن الأول.. وليس من حق هؤلاء الذين يخاطبون ضمائر الفقراء ومحدودي الدخل حول ضرورة الولاء والانتماء الوطنيين أن يقدموا ذلك على حق السكن فكيف تطلب من شخص الولاء والانتماء الذي تريده بينما هو لا يملك شبراً من الأرض تحت سماء وطنه؟.* لا نطلب من الدولة أو الحكومة أن تبني مساكن لكل المواطنين وتملكهم إياها بالمجان.. فدولة مثل هذه ولى زمانها.. بل نطلب منها أن تتخذ تدابير قانونية وإجرائية وعملية تضمن للمواطن حقه في الحصول على مسكن له ولأسرته. هذا السكن قد يكون بالإيجار.. لكن إلى الآن ليس في اليمن قانون ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، قانون يحدد الإيجار المعقول.. ويحمي المستأجر من طغيان المؤجر الذي صار بيده كل شيء.. هو الذي يقرر قيمة الإيجار وهو الذي يخرجك متى شاء. وهذا المسكن قد يكون بيتاً خاصاً.. لكن إلى الآن لا يوجد في اليمن أي تشريع أو قرار أو إجراء يمكنك من الحصول على أرض بقيمة مناسبة والحصول على قرض للبناء تسدده مع فوائده “بالراحة” بحيث لا يؤثر ذلك في تلبية الاحتياجات الأساسية كالمطعم والمشرب والملبس.. وبالمرة لا توجد بنوك حكومية تقرض لأغراض السكن.. والموجود يقرضك خمسمائة ألف يأخذ منها الخمس كأرباح ومقدماً ويفرض عليك أن تسدد القرض بثلاثين ألف ريال شهرياً بينما راتبك خمسون ألفاً.وقد يكون هذا المسكن ضمن مجموعة.. لكن أصحاب المدن السكنية ـ وهذا مفهوم ـ يعرضون عليك شراء شقة في عمارة بقيمة ثلاثين ألف دولار مثلاً ومطلوب منك أن تدفع مبلغاً مقدماً ثم الباقي يقسط.. وقيمة القسط الشهري خمسمائة دولار.. وهاتوا لنا موظفاً حكومياً أو مواطن محدود الدخل راتبه ثلاثمائة دولار في الشهر.. فمن أين يدفع خمسمائة دولار شهرياً.ومن هذا النوع أيضاَ.. السكن الجماعي.. الجمعيات السكنية.. وما أكثرها.. جمعية سكنية للكتاب وجمعية للشهداء وجمعية لهيئة التدريس.. وجمعية العاملين هنا وهناك.. إلى الآن هي “قيمة دفترية” وغير موجودة على الأرض.. ومعظم أراضي الجمعيات السكنية استحوذ عليها نافذون، والأمل الوحيد.. هو مشروع الصالح السكني.. لكن “كم الديك وكم مرقه”.. والحل هو أن توجد الحكومة تشريعات ومؤسسات وإجراءات تضمن من خلالها الوفاء بواجباتها تجاه مواطنيها في أن يسكنوا.. بالإيجار.. بالتمليك.. بالقروض.. سكن شخصي.. مسكن جماعي.. كله مقبول.. المهم يكون (مضمون) .