أكثر المخاطر المهددة للحياة
عرض/ سعاد الحامدي (ليبيا) جميع المعلومات الحالية عن إعادة تصنيع النفايات الإلكترونية تشير إلى أن هذه الفعاليات تتم في الدول النامية بصورة أكبر من تلك التي تتم بالدول المتقدمة إلا أن الدراسات لم تتطرق إلى الفروق الاقتصادية بين الدول مع الافتراض أن الأثر السلبي لهذه الأعمال على البيئة والصحة يكون كبيراً في كلتا الحالتين.فقد أصبحت الثورة العلمية في كثير من جوانبها وبالاً على الإنسان, وخطراً على صحته وتدميراً لبيئته, فالعلم هو الذي أوجد أسلحة الدمار الشامل, وهو المسؤول عن القنابل الذكية, وأدوات الترويع, وكل وسائل فناء الكون, إذن الإنسان عدو نفسه وصانع أسباب موته بيديه, وللأسف صار التسابق في ميادين العلم للفوز بقصب السبق لا يلازمه تنافس في إيجاد الحلول العملية الصحية لإفرازات هذا التسابق العلمي المحموم.فالإنسان بشكل متواصل يتعرض إلى سيل من الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الأجهزة الالكترونية والكهربائية كالحاسوب والتلفزيون والانترنت ومحطات تقوية شبكات الهواتف النقالة المنتشرة في المناطق السكنية وهو ما يعرف بخطر التلوث الإلكتروني الذي له أثر مدمر في صحة الأفراد.فقد حذر بيان نشرته جمعيات بريطانية تعنى بشؤون البيئة عبر مواقعها على شبكة (الانترنت) من خطر تلك الأجهزة المنزلية وأثرها المدمر في حياة الإنسان فهي تؤثر في الخلايا العصبية في المخ وتضعف القدرة المناعية للأجسام فتسبب الإصابة بصداع مزمن وانعدام التوازن والإرهاق الفكري والجسدي والنوم المضطرب الذي كثيراً ما يعجز الأطباء عن معرفة أسبابه.. إلا أن الأمر لا يقف عند هذا الحد فثمة مخاطر أخرى تكمن في مخلفات تلك الأجهزة التي تحوي بعض قطعها الصغيرة مواد سامة مثل الزئبق والرصاص التي تترسب في التربة لفترات طويلة وتحويلها إلى أرض غير صالحة للزراعة.ويعتبر كل من الزجاج والبلاستيك والكربون الصلب وغاز الكلورين السام التي تكون الكم الأكبر من محتويات تلك المخلفات مواد يصعب التخلص منها أو إعادة تصنيعها مما يجعلها مصدراً دائماً لتلويث البيئة.. فقد أظهرت إحصائية أعدتها إحدى الجامعات الأمريكية أن الشركات الأمريكية تتخلص مما يقرب من 50 مليون جهاز حاسوب قديم سنوياً عبر تصديرها إلى الصين والهند وباكستان حيث شهدت هذه البلدان وغيرها بروز صناعة جديدة لتأهيل الحواسيب المتقادمة.(وأوضح تقرير صادر عن لجنة عملت تحت إشراف الأمم المتحدة في هذا المجال) أن ما يزيد من خطورة هذه الظاهرة هو عدم وجود قوانين تحمي العاملين في مجال التخلص من النفايات الإلكترونية التي تظهر آثارها على المدى البعيد في تلك الدول، وأكد التقرير الذي أعده نحو 1300 باحث بشأن مصادر التلوث في العالم أن جهوداً غير مسبوقة يتعين بذلها باعتبارها ضرورية لمواجهة مثل تلك الأخطار التي تهدد حياة الإنسان.فالمخلفات أو النفايات الإلكترونية هي أكبر مشكلة نفايات متعاظمة في العالم، ولا تكمن المشكلة في كميتها فقط بل في مكوناتها السامة المتمثلة في عناصر البرليوم والزئبق والكادميوم فضلاً عن غاز البروم الذي ينبعث عن احتراق مكونات الأدوات الإلكترونية الذي يعتبر تهديداً للصحة وللبيئة.ورغم هذه المخاطر نلحظ أن الخطوات الحكومية والصناعية التي اتخذت لمواجهة هذه المخاطر تعتبر متواضعة مقارنة بحجم التهديد, ويظهر هذا التقرير أسباب القصور لدى الولايات المتحدة على وجه الخصوص بجانب الدول الاقتصادية الكبرى الأخرى في تعاملها مع هذه الكارثة رغم أنها تسهم بقدر كبير في تصدير هذه النفايات إلى الدول الآسيوية النامية، ويعد الاتجار في المخلفات الإلكترونية بمثابة تصديراً للأذى. فالحريق المفتوح لهذه النفايات وأنهار الأحماض والمكونات السامة التي تمر عبر مركبات هذه النفايات تعد من أهم الملوثات للأرض والهواء والماء ومجلبة لكثير من الأمراض التي يواجهها الرجال والنساء والأطفال، فالثمن الصحي والاقتصادي لهذه الممارسات باهظ جداً عند مقارنة أذى هذه الصناعة بنفعها وتظل عملية تصدير نفايات الإلكترونيات من أسرار الثورة التقنية. [c1] عدو البيئة[/c]تعتبر البطاريات من ألد أعداء البيئة، خاصة الأنواع (نيكل كادميوم ) و (نيكل ميتل هايدرايد) وتوجد هذه البطاريات بكثرة في أجهزة الحاسوب المحمولة وأجهزة الهاتف النقال.كما أن المادة الموجودة على الشاشة تسمى الباريوم ويستفاد منها لحماية المستخدم من الإشعاعات، فالباريوم خطر جداً على القلب، والأوعية الدموية والأعصاب، وما يجعل الباريوم خطراً هو قابلية ذوبان مركباته في الماء، وبالتالي سهولة اختراقه مصادر المياه، كالأنهار والمياه الجوفية.أما الزئبق، وهو موجود في المفاتيح الفاصلة في الدوائر الكهربائية والبطاريات ومن خواصه سرعة التسرب إلى المياه الجوفية واختلاطه بالدورة الغذائية لمعظم الكائنات، فالزئبق يلحق الضرر بالمخ البشري على المدى البعيد،بالإضافة إلى أعراض أخرى منها فقدان الشهية، وسوء الهضم، الإسهال, الصداع، وفقدان الذاكرة.ويشكل البلاستيك القدر الأكبر من مخلفات الحاسب الآلي، ويحتوي الجهاز الواحد ما مقداره حوالي 6كجم من البلاستيك، وحرق البلاستيك المصنوع من مادة ((POLYVINLECHLORIDE-PVC))[c1]النفايات الإلكترونية[/c]معدل الحاسبات الآلية المستهلكة والتي تأخذ طريقها إلى مكبات النفايات يرتفع بشكل ينذر بكوارث مستقبلية, بينما تجري الجهود للتخلص من هذه النفايات عبر إعادة تصنيعها. نجد أن مسألة إعادة التصنيع تمر بمراحل متفاوتة تتمثل في الفرز والتفكيك والتطويع والحرق وغيرها حيث تتم هذه العمليات بصورة عشوائية غير مدروسة وعادة ما تشكل خطورة إضافية كبيرة.وتقول الأبحاث والدراسات الحكومية في الولايات المتحدة أن ثلاثة أرباع أجهزة الحاسب الآلي التي تم بيعها في أمريكا قد أصبحت مخلفات الآن وأخذت طريقها إلى النفايات. وبذلك علينا أن نتخيل حجم النفايات التي ستصدر عن 500مليون جهاز حاسب آلي وهو العدد المخزن في المستودعات وينتظر طريقه إلى مكبات النفايات.