قد يقول قائل لماذا كل هذا الضجيج لارتفاع أسعار المواصلات “خمسة ريالات” يمنية فقط ! إلا أنني أؤكد أن الأمر لا يبدو كما تراه إذ يأخذ بعداً مأساوياً على كاهل المواطنين محدودي الدخل في مدينة عدن.بدأ سيناريو محاولة رفع “خمسة ريالات” يمنية منذ حوالي عامين تقريباً وتعود المواطن في مدينة عدن على إضافة “خمسة ريالات” يمنية بعد كل ستة أشهر ويبدو أن الارتفاع الذي شهدته أسعار المشتقات النفطية إثر أزمة الديزل في عموم اليمن بالتزامن مع تساقط الأمطار في مدينة عدن شكلا سببا وجيهاً لرفع قيمة المواصلات من مديرية إلى أخرى من “40 ريالاً يمنياً” إلى “50 ريالاً يمنياً” !ويصف احد المواطنين صباح يوم تساقط المطر على مدينة عدن انه تعذر عليه إيجاد حافلات نقل الركاب في المدينة عدا القليل منهم الذين حرصوا أن ينتهزوا هذه الفرصة لزيادة قيمة التنقل بين مديريات مدينة عدن من “40 ريالاً” إلى “60 ريالاً ” والبعض إلى “100 ريال يمني” _ذلك اليوم_ أي ما يعادل نصف دولار أمريكي تقريباً لمجرد الذهاب ! كما أورد الخبر موقع “حياة عدن الإخباري”.منذ يومين فقط كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء عن مفهوم “the Ethical sense” أي “الحس أو المعنى الأخلاقي” وهو مراقبة الإنسان لجميع تصرفاته دون أي رقابة أو وصاية من قبل أفراد أو سلطة قانونية إنما مجرد إحساس ينطلق من مجموعة من “القيم الأخلاقية”نابعة من العمق الإنساني تجاه التصرفات والسلوك وهي_ القيم الأخلاقية_ من تراقب الأفعال والتصرفات التي تصدر من الإنسان. وأضرب مثالاًُ على ذلك، شخص يقود سيارته في طريق لوجهة معينة في منتصف الليل و صادف أن وصل إلى إشارة المرور “الحمراء” أثناء ذلك يكون الشارع خالياً تماماً من السيارات و الأفراد و شرطيي المرور. ليتوقف السائق “طواعية” استجابة منه للإشارة الحمراء واحتراما لها دون خوف من رؤية الآخرين له في ظل خلاء الشارع وانعدام شرطي المرور إنما يدل على “حس ومعنى أخلاقي” لذلك الشخص الذي تصرف وفقاً للقيم التي يملكها دون التفكير بالعواقب القانونية مع إتاحة الفرصة الكاملة أمامه لمواصلة السير وانتهاز خلاء الشارع وغياب شرطي المرور ! وعلاقة المثال السابق بمقال اليوم أنه يشير إلى “انعدام” واضح لذلك “الحس أو المعنى الأخلاقي” لدى سائقي الحافلات الذين يبتز بعضهم المواطنين الملتزمين بالذهاب إلى أعمالهم بالرغم من شدة تساقط المطر ومخلفات ذلك التساقط على الأرض وانتهاز سائقي الحافلات الذين طلبوا منهم أجوراً أعلى من العادة ذلك اليوم وهو الأمر المحزن لأن أمة لا تملك “حساً أو معنى أخلاقياً” ذاتياً ينظم سلوكها وتصرفاتها لا يمكن الاعتماد عليها ببناء مستقبل مشرق أو حتى حاضر يمكن التفاؤل بغده ! إن لعنة “الخمسة ريالات”اليمنية تكمن في الارتفاع الذي سيطرأ على جميع أوجه الحياة بدءاً من أسعار المواد وانتهاء بالأعباء المعيشية المتزايدة على المواطنين في ظل اعتماد مواطني مدينة عدن على مصدر واحد للدخل و ربما لا أبالغ إن قلت أن ثمة تأثيراً لهذا الارتفاع في زيادة “الإحباط” و “ضيق التفاؤل” الذي يسود عدد لا يستهان من المواطنين أيضا. وهنا لا أوجه اللوم لفئة معينة دون أخرى إذ الكل يتحمل آثار ذلك الارتفاع والكل عليه العمل لزيادة مساحة التفاؤل والأمل لتشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين أمام التحديات المعيشية الصعبة التي تواجههم اليوم.وأخيراً... كالعادة قد ينطلق الصقور والمطبلون في تفسير المقال على هواهم، لكن رغماً عن كل شيء , يبقى علينا نحن “الناشطين الاجتماعيين” أن نتفاعل بصدق مع قضايا “المواطن و الوطن” لأننا جميعاً علينا أمانة ليست فقط أمام الله إنما أمام أنفسنا أولاً و وطننا ثانياً وما أحوجنا اليوم إلى أن نبني وطننا بصدق بعيداً عن المجاملة والنفاق والانجراف مع التيار.
أخبار متعلقة