في الورقة المقدمة من الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن إلى الحلقة النقاشية التي نظمتها جامعة عدن: «الأزمة المالية العالمية في الولايات المتحدة وتأثيرها على اليمن»
متابعة/محمد أبو رأس :عقدت بمبنى كلية العلوم الإدارية جامعة عدن في الـ 25 أكتوبر المنصرم الحلقة النقاشية عن «الأزمة المالية في الولايات المتحدة وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي»، وقدمت في الحلقة عدد من الأوراق العلمية القيمة التي حاولت تشخيص هذه الإشكالية برؤية علمية مجردة وشفافة، ومن بين تلكم الأوراق المقدمة جاءت الورقة البحثية المقدمة من الدكتور/ عبد العزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن رئيس الجمعية العلمية لخريجي كليتي الاقتصاد والعلوم الإدارية لتشكل إحدى الأوراق المهمة في الحلقة النقاشية وانطلاقا من هذه الأهمية والرؤية العلمية المطروحة فإن الصحيفة تقوم بنشر ما ورد فيها تعميماً للفائدة للمختصين والباحثين وكل المهتمين: تعد «الأزمة المالية التي عصفت باقتصاد الولايات المتحدة والعالم واحدة من المواضيع الهامة التي يعاني منها العالم اليوم واستحوذت على كثير من المسميات منها الإعصار المالي ومنها الكارثة والزلزال كل هذه المصطلحات كانت عناوين بارزة لكثير من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمكتوبة واهتمت كثير من الفضائيات العربية بها وبالذات قناة الجزيرة التي كانت لها حضور كبير في استضافة العديد من المختصين والخبراء والمهتمين بهذا الشأن وهذا دليل على أن هناك مشكلة كبيرة وان هناك حدث جلل يهز السوق العالمية برمتها وبدأ هذا الزلزال بدءاً من وول ستريت من الولايات المتحدة الأمريكية , اعتقد أن الأشياء غير الجيدة تأتينا من هناك من الضفة الغربية للأطلسي وبالتالي علينا أن نركز في حديثنا لماذا تم اختيار هذا العنوان من قبل المنظمين؟ , لماذا تم اختيار الولايات المتحدة الأمريكية كموضوع لمناقشة علمية جادة مع مجموعة من الأساتذة وطلاب أكفياء جادين لمناقشة هذه القضية الخطيرة التي دون شك لا تمس المواطن الأمريكي فقط ولكن بالتأكيد سيصل تأثيرها لكل فرد على الكرة الأرضية ، لكن هناك شيء من التجاهل يحدث وشيء من التخدير ربما من بعض السياسيين وبعض المهتمين والمسؤولين عن البنوك والاقتصاديات. فبالوطن العربي على سبيل المثال يهونون من هول الكارثة ويعتبرونها كارثة سطحية عابرة ربما لا تحدث هذا الضرر الذي يمكن أن نواجهه في الفترات القادمة فلذلك هذه الحلقة النقاشية إسهام من جامعة عدن ومن أساتذتها وطلابها مع الجمعية العلمية لخريجي ومنتسبي كليتي العلوم الإدارية والاقتصاد مساهمة منهم في إثارة هذا الحوار وتوضيح كثير من الأجزاء المظللة من الصورة التي حجبت إما بفعل السيل الإعلامي الهائل الذي ظللنا في بعض المجالات وكذلك الكم الهائل من المعلومات التي تراكمت خلال هذه الفترة وأحدثت شيئا من الاهتزاز حتى من الناحية الاقتصادية المألوفة لدينا جميعاً نريد أن نناقش في هذه الصباحية هل ما حدث في الولايات المتحدة وفي وول ستريت على وجه الخصوص هي أزمة طارئة ربما تمر ، وبالتالي يمكن أن تكون تأثيراتها محدودة أو أن هناك معطيات موضوعية وهناك فعل وهناك عمل كان هو السبب الرئيس ربما في وصول الأزمة إلى ما وصلت إليه , نحن جميعاً وانتم تشتغلون بالحرفة بالتأكيد عند قراءتنا للتاريخ الاقتصادي الغربي سنجد أن هناك مشكلات مر بها الاقتصاد الرأسمالي العالمي (اقتصاد السوق) واقتصاد السوق له أوجه عديدة في المناسبة وليس وجه واحد وله منظرين كثر ، وكما قال أحد المفكرين بان هذا الاقتصاد ليس له كتاب مقدس واحد وليس له مفكر واحد كثيرين الذين قدموا وأعطوا لهذه التجربة الإنسانية الطويلة وهي تجربة استمرت لتاريخ الإنسانية كلها , الفكر الاشتراكي أو الفكر الماركسي جاء به الشخصية العلمية المعروفة كارل ماركس وجاء بكتابه رأس المال ولكن هذا له بعد تاريخي محدد وزمن معين ولو انه في الحقيقة كثير من جامعات العالم تدرس نظرية كارل ماركس باستقلالية وبموضوعية بعيد عن الادلجة بعيد عن إخفاء الهالة على بعض الأفكار التي تقدم بين حين وآخر أو الانتقاد الصريح الجارح للفكرة باعتباره خصم سياسي ، والجامعات المحترمة تدرس نظرية كارل ماركس باعتبارها نظرية علمية اقتصادية محترمة وبالتالي العودة لها ليس فيه ضير ، الإشكالية التي وقعت بها الماركسية هي جمعها مع الفكر اللينيني الذي طبعا انتم تعرفون التاريخ التي آلت إليه هذه الفكرة وسقطت النظرية لان هناك رغبة اداروية كانت وراء تطبيق القوانين الاقتصادية الموضوعية ، وهذه الإشكالية ربما كانت سبب من أسباب تعثر النظرية الماركسية في مواصلة تطورها ونموها ، لكن الاقتصاد الرأسمالي أو اقتصاد السوق له منظرين كثر وله أوجه كثيرة وله تطبيقات عديدة وهم يعالجون الحاجة بشكل براجماتي عندما تبرز هناك إشكالية في السوق ولمعالجة قضية ما أو قضية موضوعية ، حصل طبيعيا وكما هو معروف أزمة الكساد العظيم في عام 1929م انتم درستم هذا الكلام والطلاب بالذات والأساتذة درسوا هذه المادة وهذا الكساد تجلياته ظهرت في وقت لاحق من خلال صعود قوى نازية فاشية إلى السلطة من خلال اقتراع ديموقراطي ومن ثم الانقلاب على هذه المعادلة الديموقراطية وظهرت النزعة الديكتاتورية وحصل ما حصل في الحرب العالمية الثانية وانهيار الأسواق وظهور التطرف إلى أخره من المواضيع التي ليس المقام يكفي لاستطراد كل هذه المواضيع ، لكن ظهر هناك شي آخر تعرض له الاقتصاد العالمي من خلال أزمة أمريكا اللاتينية التي حصلت في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وكانت لها تداعيات كثيرة أثرت كثيرا في الاقتصاد العالمي ، بالإضافة إلى ذلك حصلت ألازمة المالية في المكسيك في منتصف التسعينات وأزمة روسيا الاتحادية التي تابعناها وقرانا عنها في عام 1998م ، وأزمة البرازيل عام 2000م ، وكل المحللين يجمعون أن هذه ألازمات لم تنهي النظام الرأسمالي بل قوت هذا النظام وأسهمت في تطوير جوانب الضعف لديه وهناك من يتفق مع هذه الفكرة وهناك من يختلف وهناك سلسلة من المحاجات الفكرية حول هذا الصدد لكن القاسم المشترك هو الإقراض غير المسئول ، الإقراض المفرط الذي كان سبب رئيس في انه يحصل نوع من الضخ للمقترضين وبالتالي هؤلاء المقترضين لا يستطيعون إعادة الديون وبالتالي تحصل ألانتكاسه ومن ثم يبدأ الانكماش وبداية الركود ، هذه هي المقدمات الطبيعية لوجود حدث كهذا .السؤال الذي يطرحه كثير من علماء الاقتصاد وكثير من المهتمين اليوم حيث انه لم يعد الاقتصاد حكر على الاقتصاديين فقط بل الكل أصبح مهتم لأنه يمس الناس بشكل مباشر ، ويقولون هل الإشكالية في النظام الرأسمالي ذاته؟ ، وهل الإشكالية في القوانين التي تنظم هذا النظام الاقتصادي؟ ، أم هناك إشكالية أخرى تتعلق بالآليات . في الحقيقة هناك مجموعة من الموضوعات يجب التطرق إليها من خلال المناقشات، طبعا هناك فكرة موجودة لدى الكثير من المنظرين لفكر الاقتصاد الإسلامي ، الفكر الإسلامي يقول والمفكرون في هذا المجال يقولون أن السبب الرئيس لوجود ألازمة الاقتصادية بهذا النحو أو بهذه الحدة هو ابتعاد الاقتصاد عن مراميه الطبيعية والصحيحة وبالتالي زيادة الربا، والربا ذاته كان سبب رئيس لوجود هذه ألازمة ولا بد من إعادة الفكرة مرة أخرى إلى جذورها والحديث حول الاقتصاد الإسلامي بأنه يمكن أن يكون صالح للتطبيق لكل زمان ومكان، وهناك مفكرون في الغرب يدرسون هذا الأمر بعناية وجدية كبيرة ، وهناك أطروحة أخرى تقول انه ربما أن كارل ماركس استيقظ من قبره وقال أن الوقت حان لمجيء هذه النظرية من اجل أن تعيد الوضع إلى وضعه الطبيعي وان هذه الرأسمالية أصبحت مهترئة وهي في أعلى مراحل الانهيار ولا بد من تدخل الدولة، أي ليس على الأسس القائمة حاليا، أي على أسس اقتصاد السوق ولكن على أسس اشتراكية، طبعا هناك كثير من المفكرين يقولون أن هذا الأمر سابق لأوانه لان الرأسمالية سيطرت الآن على العالم كله ، الصين لا تعمل بالآلية الاشتراكية على الرغم من وجود الحزب الشيوعي في قيادة البلاد وهي توجه عجلة الاقتصاد وتوجه الآليات السياسية والاقتصادية كبناء فوقي ولكن كل العمليات التي تدور هي وفقا لاقتصاد السوق على مستوى البناء التحتي ، أيضا روسيا التي كانت القلعة الأولى للفكر الماركسي هي التي لا تتعامل اليوم مع هذه القضية بل أنها تخلت عن هذه الآلية وأصبح الأمر معروفاً ومحسوماً بأنه لا بد من وجود آلية لاقتصاد السوق ولا بد من التفكير لتطوير هذه الآلية ، هناك طبعا نقد موجه اليوم من قبل اقرب حلفاء هذه النظرية (الرأسمالية) بل هم من قلب الفكر الرأسمالي يقولون أن انفصال النظام الاقتصادي الحقيقي عن النظام المالي سبب هذه الإشكالية ولذلك ظهرت بهذه القوة، ويقولون انه من غير المعقول ولا هو ممكن أيضا لا في الحسابات ولا في الاقتصاد أن يكون هناك ما خصص للإنتاج المادي (الإنتاج الحقيقي) 2 % من السيولة المالية المتحركة بينما 98 % منها هي للمضاربات والمراهنات وأوراق الأسهم وغيرها من الابتكارات من قبل مفكرين اقتصاديين ، لكن أحيانا المشكلة الكبيرة هي ظهور مجموعة من المفكرين الاقتصاديين الذين لا يهمهم إلا إطلاق العنان لمجموعة من الأفكار التي لا تجد لها حضور حقيقي في الواقع وعن ما يتم تطبيقه وبالتالي تفشل بعد عقد أو عقدين من الزمان.إن سيادة روح المضاربات والمراهنات أدت بسوق الأوراق المالية إلى هذه الحالة وطرحت قضية الأدوات المسمومة في الجسم الاقتصادي الرأسمالي الذي لا يستطيع هذا الاقتصاد أن يبتلعها أو يهضمها وبالتالي الآن توجد عمليات جراحية أما لاستخراج هذه السموم أو بعملية من اجل إخراجها بأي وسيلة من الوسائل لأنه عندما تفشل كثير من المؤسسات يحول هذا الفشل إلى أسهم وهذه الأسهم تحول إلى سوق الأوراق المالية للمضاربات والمراهنات وبالتالي تظهر قيمة الأسهم من جديد وهكذا دواليك، وتحصل نوع من المبالغة والمراهنة من اجل لا شيء فإذا كان الإنتاج الحقيقي لدولة ما 100 سيارة في الشهر فهم يراهنون في هذه الأسواق المالية على 1000 سيارة كما لو أن 900 سيارة عبارة عن قضية حلم وهم ويتضاربون على حلم ويحول الحلم إلى أوراق ومن ثم تأتي المضاربة ويحصل ما حصل.تخفيض معدلات الفائدة . في الرأسمالية معروف انه لا يوجد إنتاج إلا ويقابله ربح وإذا كان هذا الربح مجزي يبدأ ينمو راس المال فالذي يحدث أن هناك سيولة كبيرة موجودة فبدلا من مواصلة الفكرة الذهبية للرأسمالية وهي الادخار ولكن الذي يحصل وحصل فعلا في السنتين الأخيرتين أن أصحاب البنوك يبحثون عمن يقترض لا يبحثون عمن يدخر وبالتالي تحولت الرأسمالية من رأسمالية راسية إلى رأسمالية أفقية فأكان الذين يمتلكون في الولايات المتحدة قبل ثلاثة عقود 17% أصبحوا اليوم هم 40% من المواطنين الأمريكان ، السؤال من أين يأتي ذلك ؟، هذه الوفرة الهائلة وهذه المدخرات الهائلة الذين لا يجدون لها حتى المصارف من اجل المنافذ ومن اجل الاستغلال والاستثمار ، طبعا الإشكالية الكبيرة هي أن وول ستريت تحولت إلى بيئة من أأمن البيئات الاستثمارية في العالم وبالتالي أي مواطن عندما يفكر يدخر يتجه بفلوسه إلى مكان امن ، ولم يعد المكان الآمن هو سويسرا لأنه لا توجد بها مضاربات عديدة وفيها مجموعة من القوانين الرقابية ، والمكان الطبيعي هو وول ستريت حيث تحصل فيها كل العمليات بعيدا عن رقابة الدولة وبعيدا عن القوانين ، ليس هناك انضباط وليس هناك شفافية بل أن هناك تداول كبير وعالي ولكن دون أن ينظر إليه ويقال من خلال الإحصاءات أن كل النشاط الذي يجري يمكن أن يجري في 10 % كقيم دفترية موجودة بينما 90 % يوضع خارج الحسابات الدفترية كما يحدث في البلدان النامية حيث أن غالبية ما يجري يكون خارج الموازنة لكن الموازنات المعلنة لا توجد فيها أي أرقام تدل على هذه الحسابات.السيولة أو المدخرات الكبيرة التي حدثت في سوق الخليج العربي تقدر بتريليون ونيف هذه حولت كلها مباشرة إلى هذا السوق ، أيضا المدخرات الكبيرة من عرق المواطن الصيني الذي يصرف معظم وقته في الإنتاج تحول حوالي 450 مليار دولار إلى أسواق الولايات المتحدة ، وهذا الأمر ينطبق على غرب أوروبا وعلى أمريكا اللاتينية وعلى روسيا أيضا التي ادخرت مبالغ كبيرة ، وكأن المواطن الأمريكي يستهلك إنتاج الآخرين ، الآخرين يبحثون عن مكان أمن ويضعونها هناك والمواطن الأمريكي يصرف وكأن هذه الأموال أمواله.هناك مشكلة حدثت وهي من قضايا الفكر الاقتصادي فهناك مفكر اقتصادي معروف اسمه ملتين فريدمان حصل في نهاية السبعينات على جائزة نوبل وهذا ينظر كثيرا ونظرياته تحولت إلى سياسات تطبيقية ويقول لماذا تتدخل الدولة في حياة المواطن ، على الدولة أن ترفع يدها بالكامل فترفع يدها عن الاستثمار وترفع يدها عن تقديم الخدمات ، أما من يقدمون هذه الخدمات فهم مجموعة من الموظفين يقدمون الخدمات للمواطنين إذا المواطن ذاته يستطيع أن يقرر هذا الأمر ، هذه النظرية أعجبت فيها مارجريت تيتشر وطبقتها في بريطانيا وأعجب بها رونالد ريجان وطبقها في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت فعلا كما يقولون المسمار الذي دق في نعش هذا النظام القائم على هذه الليبرالية الجديدة المنفلتة من عقالها والتي أثرت تأثير سلبي كبير على هذه الاقتصاديات .لماذا نحن نلتقي وندرس مشكلة الولايات المتحدة فهي مشكلة أمريكية ويفترض نحن أن نعتني بأنفسنا ونناقش قضايانا ولذلك ساترك القضايا التي تتعلق بتأثير ألازمة المالية الاقتصادية على السوق العالمية وعلى السوق العربية وعلى السوق اليمنية أيضا لزملائي المتحدثين بعدي.الاقتصاد الأمريكي شئنا أم أبينا هو الاقتصاد الرائد في العالم ويمثل نسبة 40 % من الاقتصاد العالمي والمبلغ الذي يتم تداوله والعمل به هو 14 تريليون دولار والعجز هذا العام 2008-2007م هو 455 مليار دولار أي انه ارتفع ثلاث مرات خلال سنة واحدة ويخطط له أن يرتفع خلال عام 2009م إلى 700 مليار دولار أي أن هذه المعالجة التي طالب بها الرئيس الأمريكي بوش لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي هو أصلا عجز ، وهو طالب في المناسبة في الأسبوع الماضي بــ 150 مليار دولار لدعم الصناعات وبعض القطاعات التي يعتبر أنها مهمة ورائدة .العالم يتجه كما أسلفنا سابقا إلى مكان أمن لوضع مدخراته وبالتالي اعتبرت أمريكا هي المكان الآمن لوضع هذه المدخرات ، فجأة هذه البيئة الآمنة تحولت إلى سراب والى مشكلة كبيرة والى اختناق عالمي سيئ ارتداداته يمكن أن نلمسها بعد سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات لان المشكلة كبيرة يمكن أن نعاني منها لاحقا ندرسها لأن معظم الاقتصاديات العالمية مقومة بالدولار وهذه المعادلة كانت من نتاج الحرب العالمية الثانية حيث تم الإقرار بها كعملة عالمية هي مشكلة من المشاكل ربما يتم الآن تجاوزها من خلال المعالجات القادمة ، أيضا كما نتحدث حول مراكز اتخاذ القرار في العالم ، اتخاذ القرار المالي والسياسي وهو موقعه في أمريكا - عندنا البنك الدولي - الصندوق الدولي - الأمم المتحدة كل السياسات ترسم من هناك وبالتالي فإننا نتجه سواء كنا بطواعية أو مرغمين لمناقشة قضية هي القاطرة التي تقود اقتصاد العالم فأما أن تقوده إلى السلام أو إلى التهلكة.عندما حصل الإفلاس الكبير لبنك ( ليمن براذرس ) في 15/9/ 2008م حيث خسر البنك مباشرة 639 مليار دولار وقد تكون أصول البنك الهائلة انتهت وقد تكون هذه الأصول موجودة ، ولذلك حصل هذا الإفلاس الهائل لكل شي بعد ذلك مثل أحجار الدومينو عندما تسقط واحدة تستمر في السقوط حتى آخر واحدة في اللعبة أيضا لدينا شركة التأمين العالمي أمريكان انترناشيونال جروب (American international group) وهذه الشركة لنا علاقة مباشرة نحن في منطقة الشرق الأوسط معها وهي أعلنت إفلاسها وحصل نوع من التدخل خسرت 90% من أرباحها السنوية ، لأنها الضامن على اقتصاديات النفط في كل الشركات في الشرق الأوسط ، كما أن البعض يقول أننا ليس لدينا علاقة وتأثيرنا سيكون بسيط وان علاقتنا محدودة وهذا التطمين صحيح لكي لا يحصل شي واحد هو الخوف والذعر لدى المدخرين الذين خسروا في الولايات المتحدة الأمريكية نصف مدخراتهم خلال شهرين 50% من كل الادخارات المطروحة والآن يخسرون والخسارة تتصاعد في 30% وأكثر بالنسبة لكل ما عملوا به للضمان الاجتماعي لسنوات العمر الطويلة.الحقيقة كثير من السياسيين تكلموا حول ألازمة وكان كلامهم مخيف إلى درجة أن الإنسان الذي ليس له علاقة بالاقتصاد وإنما يريد أن يعيش حياة مستقرة لا بد أن يصيبه الذعر عندما يقول الرئيس الأمريكي إن اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية في خطر ويقول ساركوزي المطلوب إعادة النظر في النظام الرأسمالي الحر المنفلت من عقاله أي انه يريد نظام رأسمالي ولكن بتدخل للدولة ، الأقوى من هذه التصريحات كلها كانت لوزير المالية الألماني الذي قال بأنه بعد هذه ألازمة لن تكون العلاقة بين ضفتي الأطلسي كما كانت عليه قبل 15 سبتمبر من هذا العام بل أن هناك مشكلة مسئولة عنها الولايات المتحدة الأمريكية ولا بد من ظهور وتعدد الأقطاب المالية وأكد على ذلك الرئيس الروسي مديفيدف بقوله لا تستطيع الولايات المتحدة أن تحل المشكلة وعلينا أن نتعاون من اجل إرساء نظام رأسمالي اقتصادي تحت أي مسمى أيدلوجي ولا بد من الحفاظ على هذا التوازن على الصعيد العالمي لأنه لا يوجد طرف من الأطراف خاسر وطرف كاسب إذا حصلت الإشكالية سيخسر الكل وعندما حصل المؤتمر في بكين كان لمناقشة هذه القضية وكيف ينقذون النظام المالي العالمي و يجتمع فيه أهم قطبين قطبي الباسيفيك وأوروبا ويناقشوا معا كيفية إنقاذ الاقتصاد العالمي.الحقيقة بعض الأفكار لا زالت تحتاج إلى نوع من التعميق ونوع من التكثيف والتعميق وبالتأكيد في خلاصة الحديث أود أن أقول إن هناك معطيات ستكون قادمة دون شك ولا بد أن نشترك نحن على الأقل بالأحلام والأفكار والمناقشات ولا نقف متفرجين وهذه مسئولية متخذ القرار السياسي على المستوى العربي ، يعني أن النظام المالي العربي على الأقل لم يقف موقف مسؤول تجاه هذا الحدث ويقفوا لمعالجة كل المترتبات التي يمكن أن تحدث وان يسهموا بمعالجات من نوع ما وألا يكونوا على مقاعد المتفرجين ، ويشعرون أنهم قائمين وموجودين لان هذه الدول ضخت أكثر من تريليون ونيف من اجل مساعدة الرأسمال العربي والاستثمار ولكن هذه الأموال غذت دون شك كثير من الصناعات ، والخسائر التي ترتبت عليها خلال الفترة الماضية في الأسواق المالية العالمية ، كما بشروا ألان بدراسة اقتصاد السوق ذو الطابع الاجتماعي كما هو مطبق في دول ألمانيا الاتحادية أو في الدول الاسكندنافيه لكن بالطبع لن يكون هناك بعد اليوم مركز القرار محتكر في الولايات المتحدة الأمريكية ستكون هناك أقطاب أخرى جديدة ، التوقع سيكون هناك قطب الباسيفيك واسيا والسوق الأوروبية والولايات المتحدة نفسها سترسم هذه السياسة العالمية القادمة.