أمين عبدالله إبراهيمشهد العقد المنصرم تحولات إيجابية كبيرة في نظرة الحكومات ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والجمعيات غير الحكومية والأهلية الدولية والإقليمية والوطنية إلى قضايا السكان والتنمية،وخاصةً بعد انعقاد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة عام 1994م،ومن ضمن هذه التحولات الإيجابية بروز الاهتمام بالشباب وبحقوقهم كشرط أساسي للتنمية البشرية المستدامة،وذلك لأن الشباب هم من جهة الأكثر عرضة لمخاطر الأمراض المنقولة جنسياً وترديات الصحة الإنجابية،وتشوهات التنمية الاقتصادية والاجتماعية،وتردي البيئة،وتحديات العولمة،ومن جهة أخرى هم الفئة الأكثر قدرة على لعب دور أساسي في مواجهة كل هذه المخاطر والتحديات وعلى رأسها الفقر- وفي صناعة مستقبل أفضل على الأمدين القريب والبعيد.وقد ترجم هذا الاهتمام عملياً بانعقاد مؤتمرات واجتماعات دولية وإقليمية ووطنية شكل الشباب محورها الرئيسي،وصدرت عنها مقررات وتوصيات تدعو إلى تطبيق إلزامية التعليم وسد الثغرات بين الجنسين في هذا المجال،وتوفير فرص عمل،وإشراك الشباب في رسم السياسات الخاصة بهم،وتأمين حقوقهم الإنجابية،وتوفير خدمات صحية لهم،وتطوير مواد إعلام وتثقيف.واتصال وبرامج دعوة لتمكينهم من اتخاذ قرارات مسؤولة مبنية على المعرفة خاصة تلك المتعلقة بسلوكهم الإنجابي،بالإضافة إلى أمور أخرى تمكن الشباب من تعزيز مؤهلاتهم وتفعيل جهودهم الإنتاجية.ومن الموضوعية بمكان أن يتم رسم أي سياسة أو خطة أو برنامج على أساس علمي واضح توفره البيانات والمعلومات المتاحة حول الموضوع المعني،فتأتي هذه السياسات أو الخطط أو البرامج مبنية على الحاجة والأولويات ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً بواقع ملموس تحاول الإرتقاء به إلى مستوى أفضل فتكون بالتالي انعكاساتها في المجتمع إيجابية،وفي هذا الإطار،يتفق معظم الباحثون المعنيون بقضايا السكان والتنمية عامة والشباب خاصة في العالم العربي على وجود ضعف كبير في البيانات المتوفرة على المستويين الإقليمي والوطني حول هذه القضايا،واختلاف واسع في منهجيات مقاربتها،بالإضافة إلى تعدد مصادر هذه المعلومات والبيانات.إن هذه الحالة العامة في البلدان العربية تنطبق كذلك على بلادنا «اليمن» الذي يعاني بدوره من نقص المعلومات والبيانات المتوفرة وضعف مصادرها وغيرها من المشاكل. ولعل الوجه الأبرز لهذا الخلل هو غياب تعريف موحد لمفهوم الشباب والمراهقة وتعدد التقسيمات التي يتم على أساسها تحديد الفئات العمرية التي تشمل الشباب والمراهقين مما يصعب مقارنة البيانات الواردة بين دراسة وأخرى.وفي هذا الصدد- وبعد الإطلاع على الدراسات والبحوث المتوفرة التي أجريت في بلادنا خلال السنوات الماضية حول الشباب وقضاياهم المختلفة والنظر في المنهجيات والأساليب المعتمدة في جمع البيانات وتحليلها- لوحظ وبشكل واضح أن أغلب هذه الدراسات والبحوث المتوفرة هي إحصائية وصفية،بمعنى أنها تركز فقط على تبيان المعدلات والنسب دون التصدي إلى الجانب التحليلي لتفسير هذه النسب والمعدلات وشرح العوامل المؤثرة فيها،الأمر الذي يؤكد أن غالبية الدراسات والبحوث المتوفرة حول الشباب في اليمن تعتبر كمية،فقلما نجد دراسات نوعية تحاول الدخول في تفاصيل الأمور التي تهم الشباب،وهذا أمر في غاية الأهمية نظراً لحساسية بعض القضايا والمواضيع ودقتها والحاجة إلى النقاش مطولاً حولها للوصول إلى الأجوبة الصريحة التي تعكس بوضوح آراء الشباب وهمومهم وتطلعاتهم بشكل أفضل وأشمل من الأرقام البحتة.كما لوحظ أيضاً الاعتماد بشكل شبه كلي على الاستمارات لجمع البيانات (ما يفسر كثرة الدراسات الكمية) والابتعاد شبه الكامل عن إجراء المقابلات المرنة ومجموعات النقاش البؤرية التي تعتبر أساليب لجمع المعلومات أكثر تفاعلاً مع الشباب تستطيع أن تضفي البعد النوعي على المعلومات وتغوص في عمق كل موضوع قيد المعالجة.وأخيراً لابد من التأكيد هنا على أهمية وضرورة التركيز أكثر على إجراء الدراسات والبحوث النوعية،الخاصة بالشباب في بلادنا،والتي تمكن من تحليل الواقع الذي تكتفي البحوث الكمية بوصفه وصفاً سطحياً،وعلى ضرورة ربط كل عمل بحثي إحصائي بالعمل الميداني،بحيث يتم تصميم البحوث لتخدم البرامج والسياسات الشبابية،وتصب نتائجها في تحديد الحاجات التي يجب أن تلبيها البرامج والسياسات الجديدة،وأيضاً في تقييم أثر البرامج والسياسات المعمول بها حالياً على الشباب اليمني.كما ينبغي زيادة عدد الدراسات التي تستطلع آراء الشباب وتشركهم في رسم السياسات الخاصة بهم وتطوير البرامج والأنشطة الموجهة إليهم.
أهمية إجراء دراسات وبحوث توعية خاصة بالشباب
أخبار متعلقة