باريس / متابعات : يتناول كتاب "العنف الزوجي" تأليف ليليان داليغان قضية العنف بين الأزواج حيث يشير إلى أن البيت الزوجي، بيت الحب، هو أيضا مسرح أكثر الأعمال: عنف، غضب، إهانات، إذلال، ضرب، اغتصابات..كل شيئ فيه، حتى الموت .العنف الزوجي خلل خطير يصيب العلاقة العاطفية بين الزوجين، ويتعين تمييزه عن النزاعات العرضية التي قد تحدث بين الحين والآخر، وأيضا عن العنف كردة فعل عابرة، حتى لو ان العنف الزوجي كظاهرة يبدأ في أغلب الأحيان عند القبول بهذه الأعمال العنيفة العابرة.ويعرف البروفيسور روجيه هنريون حالات العنف - وفق جريدة "الوسط" الكويتية - بأنها "تحمل عاملا مشتركا، وهو تطور علاقة مميزة يمارس فيها أحد الشريكين سيطرته من خلال اعتداءات بدنية ونفسية أو جنسية، وهي تتميز عن حالات النزاع العادي بين الزوجين أو حتي النزاعات التي تشهدها العلاقات الزوجية المتدهورة، ذلك أن العنف فيها يحمل طابعا غير متساو، إذ أن الرجل يريد السيطرة على زوجته واذلالها واخضاعها وتظهر حالات العنف علي دورات تتخللها بعد فترات الأزمة مراحل من العودة إلي الحياة الطبيعية، تستعيد خلالها المرأة الأمل بزوال العنف نهائيا، بيد أن وتيرة حالات العنف وحدتها تزداد مع الزمن، وقد تصل الى انتحار المراة أو الى قتلها.ويعتبر العنف الزوجي من أخطر أشكال العنف الموجه ضد المرأة لما لهذا الشكل من آثار ونتائج خطيرة على صعيد المرأة والأسرة تحديداً، باعتبار الأسرة هي أساس الاستقرار والتكيف في الحياة الاجتماعية للفرد. حيث يرى الباحث أنه إذا كنا بحاجة إلى التكيف في مجالات الحياة المختلفة، فإننا في أشد الحاجة إلى التكيف في مجال الحياة الزوجية، لأن هذا التكيف يتيح للفرد ولجميع أفراد الأسرة وبصفة خاصة الأطفال جواً صالحاً لنموهم نمواً سليماً وإشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية، كما وأن الحياة الزوجية تعتبر الخلية الأولى للمجتمع، الأمر الذي يجعل طبيعة الحياة الزوجية موضوعاً له قيمته التطبيقية والنظرية في حياتنا اليومية.وتدل الإحصاءات في فرنسا- وفق الكتاب - على أن 90% من ضحايا العنف الزوجي من النساء، مقابل 10% للرجال، والعنف الذي يمارس على الرجال هو عنف نفسي أساسا، إذ يشكو الرجال من الإهانات والمعاملة السيئة والازعاجات الخ، وقليلون من بينهم يعانون عنفا بدنيا، يكون في أغلب الأحيان مع صنيع اسرة المرأة (أخيها، اختها أو والدها) التي تعمل علي إخراج الزوج من البوتقة العائلية.كيف يمكن التقاط العنف؟ هل ثمة مؤشرات وعلامات يمكن أن تنذرنا أو تنذر اللواتي يعشن هذه الحالة، وأيضا محيطهن ومجتمعهن من أجل حمايتهن؟ ليس لكل هذه الأسئلة جواب محدد، وما من نظام سببي أساسي مؤد إلي العنف، في المقابل، كل شئ يدل علي أن العنف ظاهرة شديدة تجد مصدرها في أصول الإنسان وفي تاريخ كل فرد.وغالبا ما تنشأ قصص العنف على حكايات بدأت بسرعة كبيرة، أي علىحب من أول نظرة، تكون العلاقة اندماجية منذ البداية وترتكز علي انجذاب جسدي قوي ومتبادل.تقول الدكتورة دوروثي بور نيكولا في اطروحتها عن النساء ضحايا العنف الزوجي - وفقا لنفس المصدر - ان النساء اللواتي سألتهن عن ذكري لقائهن الأول بزوجهن يتحدثن عن حب من أول نظرة وزواج سريع لم يترك مجالا للتفكير، جميعهن شعرن بانجذاب كبير إزاء شريكهن ويصفونه بانه شخصية "جذابة" محط أنظار كل النساء.وينصح الكاتب الزوجين ألا يسمحا للحب الأول أن يغشهما وأن يبنيا علاقة مرتكزة علي الكلام الذي هو شرط الحب الحققيقي. فحين ينعدم الأساس الصلب في العلاقة ولا يتوطد مع الزمن بواسطة مشروع مشترك، ينطلق الخيال ليخترع قصة لا علاقة لها مع واقع الآخر. وتنجم عن هذه المسألة خيبات الأمل وحالات الفشل الذريع.وقد يرغب الزوجان أو أحدهما في العيش مجددا في الحالة الاولى فيذهبان للاحتفاء بعيد زواجهما في المطعم الذي شهد اول لقاء لهما، ويحاولان خلق الأجواء نفسها. ولكن المطعم لم يعد هو نفسه والزمن قد مر، وخيبة الأمل ما زالت على الموعد. بهذه الطريقة تولد ظروف العنف الممكن الذي يتولد من فكرة تبدد الخيال والإصطدام بصخرة الواقع.أما الوجه الآخر في شخصية الرجل العنيف فقد يكون موجودا حقا، وفي بعض الأحيان، نسمع عن أولئك الرجال الذين يتصرفون بشكل مستبد داخل المنزل متي اقفل عليهم بابه، هذا أيضا ما قد يحدث في بعض المهن الأكثر تعرضا للآخرين من غيرها إذ يكون الرجل علي اتصال دائم مع الآخرين، إما في علاقة منفتحة كعلاقة التاجر مع زبائنه، أو في علاقة سلطة ونظام وقانون، كما الطبيب مع مرضاه أو الأستاذ الجامعي مع طلابه.
|
ثقافة
كيــف ينظــر الفرنسيــون للعنــف الزوجــي ؟
أخبار متعلقة