الحالة السياسية والأوضاع عموماً في اليمن توفر مادة ثرية وبيئة خصبة لنمو أعمال روائية - أدبية - وسينمائية ودرامية تعالج الواقع وقضاياه وتقترح صيغة مخارج يمكن للأدب والفن المساهمة بها في هذا الشأن.لكن، ولأنها اليمن، كل شيء يمضي بحال سبيله دونما التفات من أحد ودونما توجهات مواكبة للأحداث تعيد رسمها وتجسيدها في قوالب فنية وأدبية راقية، كما حدث مع السينما والإنتاج الدرامي والتلفزيوني في مصر وسوريا - مثلاً.وتبقى الصحافة - التلقائية - وصحافة الرأي وحدها تحاول مجاراة الواقع.. وهي في الأخير تجاري نفسها في أحسن الأحوال! وسوى الصحافة والإعلام التقليدي المنمط ليس هناك من ظاهرة فكرية أو فنية تحاول - ولو مجرد محاولات أولى - الخروج عن النص المتحجر واصطناع مبادرات نوعية يمكن البدء منها والبناء المستقبلي عليها! النقاش النخبوي في اليمن لا يزال محاصراً بهموم آنية وقضايا يومية دارجة ومستهلكة أكثر من أي شيء آخر في هذه البلاد، هي في الغالب قضايا سياسية قصيرة النظر وعديمة الجدوى. لأنه حتى في النقاش السياسي هناك إمكانية موضوعية واسعة المضمون لإشراك الفكر والدراما والفن والأدب في تحليل المضمون وإعادة تركيبه وقراءة تفاصيله الداخلية المقصية عن الواجهة والاهتمام.وحتى نتحرر ونحرر واقعنا من هذا الجمود المحبط ومن هذه السلبية العدمية، فإنه يلزمنا أن نحرر - أولاً - المشهد الثقافي، بل والوطني عموماً من التبعية البائسة للسياسة وللسياسيين المتجمدين عند درجة الصفر الحزبي! لماذا لم تنتج حالتنا المحلية الراهنة والمعاصرة أعمالاً روائية وأدبية وفنية من جنس المرحلة؟ولماذا لا أحد من الفاعلين المؤثرين في صناعة الأحداث وإدارة النقاش الوطني والنخبوي حولها.. فكر مرة بالعودة إلى الوسط الأدبي والفني وطلب مساعدة ومساهمة هذا القطاع المغيب والقوة المعطلة.. والحث على إنتاج أعمال ومبادرات تنقل جدل الساحة والمرحلة إلى جبهة الفن والفكر والدراما؟!تحتاج مبادرات كهذه إلى مؤسسات قديرة وإلى تفكير منفتح على صناعة المستقبل - في المجالات والقطاعات كافة وليس فقط من زاوية سياسية أو حزبية تبدد كل شيء وكل جهد.. في لا شيء!!والسؤال هو: هل لدينا جهة ما، أو مؤسسة، أو حزب، أو حتى جماعة مدنية مستقلة، يمكن المراهنة عليها في إدارة نقاش جماعي ومهني وفكري حول قضايا كهذه؟!للأسف الشديد، لن يجيب أحد، فليس هناك أحد على الإطلاق يريد أن يشغل نفسه في شيء مفيد!!الكل - من النخب - مشغول بإنتاج، وإعادة إنتاج الأزمات، والجدب، والمصالح الذاتية العاجزة عن رؤية المجتمع، أكبر من الشخص.. وعن رؤية الحياة أكبر من المصلحة الشخصية الأنانية الشرهة.فأين يكون للمجتمع حضوره في هذه الصحراء القاحلة؟!!
بلا سينما.. بلا دراما.. بلا رواية
أخبار متعلقة