غنائيات في الصبر ( 2-1 )
محمد نعمان الشرجبي[c1]شهادة وإقرار[/c]من الواجب أن تكون لدينا معرفة بصاحب العمل الإبداعي، كي لا يظل التناول منقوصاً. وذلك يعني رفد جهازي عقل، وعين المٌستقبل، بأن الشاعر الغنائي حسن عبدالحق من مواليد، (وادي جردان شبوة، جنوب اليمن) ، في العام (1955م). وحاصل على دبلوم عالي في العلوم الاجتماعية. عمل بصدق، وتفانٍ في المجال الوظيفي السياسي والإداري: * انتخب ثلاث مرات على التوالي لمجلس الشعب في محافظة شبوة.* في العام 1992م، عين بدرجة وزير مستشار لوزارة الحكم المحلي.* انتخب عضواً لأول مجلس نواب بعد قيام الجمهورية اليمنية، في العام 1993م.وإلى جانب ذاك كله يرأس عدداً من الجمعيات الخيرية، والأندية الرياضية، وأعماله المتقنة، متميزة الوضوح في الأعمال الخيرية، ومشاريع التنمية، في حين تمكن باقتدار من الصعود إلى منصة مدماك الشعر الغنائي، وأصبح متدثراً بالشعر، وصبر الهوى.حسن عبد الحق ، الشاعر الغنائي، المساجل، وشاعر القصائد جهرية القراءة، والشخصية الاجتماعية البارزة في المجتمع اليمني. ولا نعلم لماذا كان يؤثر الصمت، ويسدل على أعماله الإبداعية ستاراً من التكتم، ربما كانت حياته العملية واحدة من الأسباب، ومع ذلك ظهر فنياً بإبداعات لها وزنها القوي والمشرف.في أخر سنين التسعينات، وبإيعاز من مثقفين وفنانين ارتأوا ضرورة ظهور أعماله على مسرح الدنيا، ووصفها البعض بالجواهر الجميلة ، البراقة والثمينة.و قد سبق، وقلنا فيه أنه امتلك مقود الشعر، والغنائي منه منذ زمن تولى، حتى أصبح أسير الشعر والشعر أسيره، بحيث أوسعه الشعر دلالاً، وحسن أوسعه إقبالاً. متعه الله بالصحة، والعمر المديد.. آمين.شهد له الكثير من ذوي الخبرة الفنية، والشعرية والأدبية، ومنهم الفنان كبير الاقتدار، فقيد المسيرة الفنية محمد سعد عبدالله، وبمعيته قامات إعلامية، وإبداعية بشهادات مثبته في أوراق عمل، ومداخلات، وحفلات، وندوات، وسهرات فنية خاصة تكريماً له في التلفزيون اليمني بقناتيه، أماطت اللثام عن مبدعات متنوعة ذات ميزة في مختلف الألوان اليمنية المتعارف عليها ، منها، وإن لمرةٍ أو تزيد قليلاً ، وكسرت بذلك الحاجز ، وأزاحت الستار عن شاعر تفرّد بالكثير من الإبداع.[c1]وماذا بعد ...[/c]نرتأي السير قدماً بعض الشيء لاستكمال الشهادة، (الإقرار بأمور للشاعر وآخرين)، ونشير إلى أن الشاعر الحق، حسن عبدالحق، غنى له العشرات من أفضل الفنانات من ذوي الأصوات المميزة، أكثر من عشرة منهم من الدرجة الممتازة، حوالي مئة وخمسين أغنية، سجل منها للتلفزيون، حوالي ثلاثين عمل، وتغنى بعضهم بأعماله في محافل جولية، ومهرجات، وإذاعات عربية. فيما يعتبر البعض الشاعر مثل الفنان أحمد بن غودل، والفنان نجيب سعيد ثابت، أنه دخل المستوى العربي عبر مزج الألوان اليمنية بالعربية، كالمصري، والخليجي والشامي.زد على ذلك ، والكلام للفنان نجيب، وأنه مبدع حقيقي تفرد بالكثير من الاشتغال الإبداعي، وتعامل مع كبار الملحنين على الرغم من أنه الملحن لأغلب أعماله، وله الكثير من القصائد قيد النشر ز[c1]تقديم موجز..الصبرُ، وبارٌ بعد الغبشْ..[/c]نفهم الصبر على أنه السيطرة على النفس من الخوف، خلافاً للتصبر الذي يعني تكلف الصبر على أن الصبر موجع في رخائه، وحاد الوجع في شدته. وبعض الناس، والحديث هنا عن الشعراء يفجّر في الصبر معاني ذات دلالات عميقة، منها ما تفصح عن طرد الشجَّن، أو تخفيف وطأته,ويستوي في قمة الإرادة عند أولئك البعض، أن بلفظ الصبر أنفاسه الأخيرة حتى وان باغتتهم أسراب من حاملات همومه.ومع كل هذا، وذالك يجوز في تقديرنا نحنُ في معنى الصبر، أنه ما يبقي الأمل حياً، وذلك ما نجتهد في الكشف عنه سعة المستطاع لمجموعة من النصوص لشاعر هذا الموضوع، وهي أمامنا الآن على طاولة التناول.من يدري علَّ شاعر الحق عبدالحق، يهز الزمن ويطالعنا بجبينٍ صبرٍ يبرقُ بعد غبش.[c1]سمر انبساطي مع نصوص الصبر..يطغـي علـى الشـوق صبـري وأتجــاهــل الشــوق صـابــــرْ مـــــا بــــوح للغيــــر ســـري حتـــى ولـــــو كـــــان آســــرْإن كــان لــــو دل شِعـــــري علـــى خفايــــا المشاعــــــــر وحلّلـــوا فـــــي المعــــانـــي مــا يتضــــح كلمـــــا اعنــــيبصبر علـى مــا جـــرى لــــي ولا تــنـــــــازل لـمـخــلـــــوقحتـــى لــــو كــــــان غالــــي راسي علـــى عادتـــه فـــــوقالعـــــز هــــو رأس مــالــــي رصيـــد باليـــــــد مـوثـــــوق مـــا بشتكــــي مـــن زمانــي مـهـمــا زمــانـــــي تعبـنـــــي[/c]انه بحق شاعر يتجاهل شوق الصبر، ولا يستغيث منه، وأنّى له ذلك، وبراكين شوق الصبر في نفسه خامدة. ولهذا لا يبوح بسره، ولا يجرجر أذيال الخيبة، حتى وان كان من، (يسحره ساحراً) متكئاً ومفاخراً برأسماله، (العز).وفهمنا من البيت المبدوء بكلمة ،(العز)، أن للعز عند الشاعر قيمة أكبر وأثمن من رأس المال، وبه يحيا منتصب العود، ورأس مشرئب إلى عنان العلا، وهكذا وصلنا المعنى نحن، على أنه يجوز فيه المعنى الذي قالته العربُ، هكذا،(اطالُ عزٌ لصاحبه، وذلٌ لعدوّه -1-)واقع الحال تبدى الشاعر لنا، صلب المِراس، قَوي الإرادة، لا يشكو الزمان ، (ما يشتكي من زماني) ، لا يَملُّ الصبر، حتى وإن استنفرت جميع محاولات التفاوض.إذن، هذه القصيدة التي اختار لها الشاعر/ حسن عنوان، (فنان ساحر)، وبدأها هكذا:[c1]فنان ساحــر مـــن الحـــــور مـن يــوم شفتــــه شغلنــــي[/c]ولحنها الفنان احمد بن غوذل، والفنان نصر دحمان غناها.. ولو تركنا لليراع العنان في الحديث عن التسامر معها، لكلفنا ذلك تحمل مشقة الكتابة لساعات، وربما أكثر من ذلك، ومع ذلك أحسب أنه يصح فيها شيئاً من الولع العشقي الذي نستخلصه من قراءة:[c1]يبقــى بالأشـــواق يعلــــــق حتــــى يشوفـــــه قبــالــــــهيحــــاول إنــــــــا لـدنـــــــي ولا تـــعــــــــودت ادنـــــــــىّبصبر على ما جـــرى لــــــي ولا تنـــــــازل المخــلــــــــوقحتـى ولــــو كـــــان غالـــــي راسي علــى عادتــــه فـــــوق[/c]وهذا البيت مع سبق: [c1]إن كـــان لـــو دل شعـــــري علـــى خفايـــــا المشـــاعــــــر[/c]لا يعني إن الشاعر لا يرغب في التصالح مع الآخر، ولكن بما لا يلوي عود عاطفته، وبما لا يسبب اصطداماً بعناصر الخلاف والتناقض فيما يستحيل معه الدمج الكلي للروحين في عناق وثيق, وبعبارة أخرى تثبيت الإرتباط الحقيقي بوشائج وعلائق الألفة والاندماج.[c1]هامش:[/c]قول عربي مأثور لا نقصد بوروده المفاضلة بين معناه، وما قاله الشاعر، ولكن زيادة في الفائدة للحضور، وللقراء فيما بعد. علماً بأنّا أسقطنا عدداً من الأقوال العربية المأثورة، والأبيات العربية ذات القول الفصيح من مسودة الموضوع أيام كتابته وإعداده للحضور في بيت جمعية تنمية الثقافة والأدب - عدن، ومن ثم نشره، كي لا يمتشج المعنى بين مبين البيان واختلافه.