منبر التراث
[c1]لحج بوابة عدن[/c]شهدت لحج في تاريخها الحديث حدث خطير وهام زلزل كيانها , وغير مجرى تاريخها ، ولقد حفر ذلك الحدث العظيم في مجرى ذاكرة لحج وأهلها ، ومازال هذا الحدث الجليل عالقاً في قلوب وعقول كثير من الطاعنين في السن الذين سمعوا تفاصيله من آبائهم وأجداهم . فقد رحل هؤلاء الذين شاهدوا ذلك الحدث الكبير الذي دونه لنا التاريخ . وذلك الحدث التاريخي هو دخول القوات العثمانية إلى لحج في 15يوليو سنة 1915م . وكان الغرض من الحملة العثمانية بقيادة علي سعيد باشا قائد القوات العثمانية في اليمن ـ كما تقول كتب التاريخ ـ هو الزحف على عدن أغلى دُرة في جبين الإمبراطورية البريطانية وطردها منها . ولقد تمكنت القوات العثمانية من الاستيلاء على الشيخ عثمان بعد أن استولت على لحج بوابة عدن ، ولكنها لم تمكث إلا أيام قليلة ، وبعدها عادت أدراجها إلى مواقعها في لحج . [c1]علي سعيد باشا[/c]وتذكر كتب التاريخ أنّ الجمود خيم على الطرفين المتصارعين الأتراك والبريطانيين مدة أربع سنوات بعد عودة الأتراك إلى لحج . وفي تلك الفترة الزمنية ، عاد أهل لحج إلى مزاولة أعمالهم الطبيعية والذين كان أغلبيتهم من المزارعين . ويقال أنّ القائد التركي علي سعيد باشا ، كان إلى جانب أنه عسكري ممتاز ، كان أيضاً أدرياً جيداً ، فقد شجع المزارعين على العناية والاهتمام الكبيرين بالزراعة في خلال بقائه في الأربع سنوات في لحج نشر الأمن والأمان والطمأنينة في ربوع لحج . وقد أحبه وأحترمه أهل لحج بل أنّ خصومه من الإنجليز أمثال ( جيكوب ) المعاون الأول المساعد للمعتمد الإنجليزي في مستعمرة عدن أشاد به ، ووصفه أنه كان قائداً شجاعاُ ، ونزيه ، ولقد ترامت سمعته إلى أهالي عدن الذين استقبلوه استقبال الأبطال عندما وصل إلى عدن لتسليم نفسه وقواته التي قوامها ألف جندي إلى السلطات الإنجليزية لترحيله إلى الآستانة ، كما قررت شروط هدنة الحرب العالمية الأولى سنة 1918م . [c1]بين الأتراك وأهل لحج[/c]وكيفما كان الأمر ، فقد اختلط الكثير من الضباط والجنود الأتراك بأهل لحج في تلك الفترة الزمنية ، وتروي الروايات الشفهية بأن الكثير من هؤلاء الجنود الأتراك صاهروا أهل لحج وصاروا جزءاًمن أهلها أو بالأحرى باتوا جزءاً من نسيج مجتمع لحج ، وعاشوا تحت سمائها ، وماتوا في ثراها بل أنّ القائد التركي علي سعيد باشا تزوج من إحدى بنات لحج ، وهذا إنّ دل على شيء فإنما يدل على مدى الترابط الكبير بين الأتراك وأهل لحج . [c1]الحفاظ على الذاكرة[/c]وبناء على ما تقدم ، فإننا نرى أنه من الضرورة بمكان أنّ نحافظ على ذاكرة تاريخ لحج أو بالأحرى العمل على تجسيد وتجسيم تلك الأحداث التاريخية من حياة لحج من خلال إقامة مُتحف يضم محتواه على الصور ، والمخطوطات ، والكتب التي تروي أحداث الحملة العثمانية على لحج بقيادة علي سعيد باشا ، والتي استمرت فيها نحو أربع سنوات ـ كما قلنا ـ . [c1]سيكتب له النجاح[/c]وأنني أكاد أجزم ، بأن هذا المشروع الثقافي ( المتحف ) الكبير سيكتب له النجاح ، إذا ما تضافرت كافة الجهود من قبل محافظة لحج وعلى رأسهم محافظها المعروف عنه حبه العميق لتاريخ لحج ، وفنها الأصيل النابع من بيئتها المكسوة باللون الأخضر الذي يأخذ العين أخذاً والتي أخرجت من معطفها الكثير والكثير من الفنانين والشعراء أمثال أمير شعراء الغزل في لحج صاحب الكلمات العذبة الرقيقة التي تداعب خوالج النفوس ، وتهز المشاعر حتى هذه اللحظة وهو الأمير أحمد فضل العبدلي المشهور بـ ( القومندان ) .