بعد أن أحدثت الصين مرونة على سعر صرف الـيوان أمام الدولار الأمريكي
المنامة / متابعات:كشف معهد التمويل الدولي في دراسة تحديثية له أن اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي ليست مطالبة بالاقتداء بالخطوة الصينية الأخيرة، المتمثلة في قيامها بإضفاء مرونة على سعر صرف عملتها أمام الدولار الأمريكي، بعد أن أثار ذلك مجدداً موضوع ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي. وبيَّن المعهد أنه إذا كانت الخطوة الصينية ستساعد على تقليل فجوة العجز التجاري بين الصين والولايات المتحدة، فإن قيام دول الخليج بخطوة مماثلة لن يحقق الغرض نفسه، ذلك أن هيكل صادرات وواردات دول المجلس يتسم بضعف الاستجابة للتغير في سعر الصرف بسبب عدم مرونته. وأوضح المعهد أن ارتفاع أسعار النفط والنشاط الاقتصادي انعكس على رصيد الحساب الجاري لكل من دول مجلس التعاون والصين، حيث بلغ 256 و246 مليار دولار لكل منهما عام 2008. وبعد تراجع أسعار النفط انخفض رصيد الحساب الجاري إلى 47 ملياراً لدول الخليج، بينما ظلت الصين تتمتع بفائض قدره 297 مليار دولار. وقال المعهد: إن سلوك صادرات الدول النفطية لا يستجيب بنفس مرونة صادرات الدول الصناعية والزراعية للتغير في أسعار الصرف؛ كونه لا توجد بدائل عن النفط في الوقت الحاضر، كما أن القيم الحقيقية لعملات دول المجلس كانت قد تدهورت خلال السنوات الماضية بسبب تدهور سعر الصرف، وأن تحسنها الحالي ينسجم مع تحسن الاقتصاديات الخليجية وبات سعر صرفها الحالي يمثل قيمها الحقيقية. وأعرب المعهد عن قناعته بأن سياسة ربط عملات دول الخليج بالدولار لا تزال هي السياسة الصحيحة، وأن هذه السياسة قد تستمر حتى قيام الاتحاد النقدي، حيث يمكن حينئذ مراجعة هذه السياسة والتحول إلى بدائل أخرى. [c1]الناتج الإجمالي الخليجي[/c]ويتوقع المعهد أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 983 مليار دولار عام 2010، بنسبة نمو قدرها 4.4 في المائة بالمقارنة مع العام 2009، كما سيرفع صافي الفائض في الحساب الجاري من 47 مليار دولار عام 2009 إلى 128 ملياراً عام 2010، ثم إلى 163 ملياراً عام 2011 بفضل زيادة أسعار النفط. ونتيجة لذلك، سيرتفع صافي الموجودات الأجنبية لدول المجلس إلى 1.2 تريليون دولار عام 2010، ثم إلى 1.3 تريليون دولار نهاية 2011، وهو يعادل 122 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبينت توقعات التقرير، أن السعودية ستحقق نمواً قدره 3.4 في المائة عام 2010، والإمارات 2 في المائة والإمارات 3.2 في المائة وقطر 13.9 في المائة وعمان 5.1 في المائة والبحرين 3.1 في المائة، كما سينمو القطاع النفطي بنسبة 2.6 في المائة في السعودية و2.7 في المائة في الإمارات و3.2 في المائة في الكويت و22 في المائة في قطر و7.8 في المائة في عمان و0.4 في المائة في البحرين، في حين ينمو القطاع غير النفطي بنسبة 3.7 في المائة في السعودية و1.8 في المائة في الإمارات و3.3 في المائة في الكويت و6 في المائة في قطر و4 في المائة في كل من عمان والبحرين. ووفقاً لتقديرات المعهد أيضاً، سيبلغ صافي الفائض في الحساب الجاري 124 مليار دولار، منه 36 ملياراً في السعودية و16 ملياراً في الإمارات و45 ملياراً في الكويت و19 ملياراً في قطر وستة مليارات في عمان وملياران في البحرين. [c1]التضخم في دول الخليج[/c]كما يتوقع التقرير أن تسهم سياسات الإنفاق المعتدلة ووجود عرض في المواد والسكن، علاوة على تراجع الأسعار عالمياً، في بروز معدلات تضخم معتدلة في دول المجلس، حيث تبلغ 4.9 في المائة في السعودية و8 في المائة في الإمارات و4.4 في المائة في الكويت و4 في المائة في قطر و3.4 في المائة في عمان و2.8 في المائة في البحرين. وشدد التقرير على أن هذه المؤشرات توضح أن اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي هي في طريقها للعودة إلى النمو القوي بفضل زيادة أسعار النفط، وتنامي أنشطة الإنتاج والتصدير، وتوسع الإنفاق الحكومي. [c1]النمو الاقتصادي[/c]وفي المدى المتوسط ستحظى معدلات النمو الاقتصادي في دول المجلس على دعم آخر ناجم عن الإصلاحات الهيكلية في القطاعات الأكثر تأثراً بالأزمة مثل ميزانيات البنوك التجارية وإعادة هيكلة المؤسسات المالية غير المصرفية، علاوة على تعزيز قواعد الشفافية والحكومة وإدارة المخاطر. وأعاد المعهد التأكيد بأنه بات واضحاً الآن وبعد مرور نحو عامين على الأزمة العالمية، فإن مصدر التهديد الرئيس لتعافي اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي هو القطاع المصرفي في هذه الدول، خصوصاً بعد تحسن أسعار النفط وعودة الإيرادات النفطية على مستويات تغطي برامج الإنفاق الحكومي، مع توقع بلوغ متوسط سعر النفط 80 دولاراً للبرميل خلال العام 2010. [c1]الائتمان المصرفي[/c]وقال المعهد: إن الائتمان المصرفي للقطاع الخاص الخليجي تقلص بقوة خلال العام الجاري، مع توقع زيادة المخصصات بنسبة 40 في المائة لتبلغ عشرة مليارات دولار، وهي تمثل 1.7 في المائة من إجمالي محافظ الائتمان المصرفي، كما انخفضت الأرباح بصورة حادة. وأضاف: إن زيادة المخصصات كانت بسبب تعثر بعض الشركات العالمية الكبرى في المنطقة مثل سعد والقضيبي، كذلك الانخفاض الحاد في أسعار العقارات والإنشاءات، خاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم نشوب أزمة دبي العالمية، الأمر الذي يستدعي من البنوك الإماراتية اتخاذ المزيد من المخصصات هذا العام، بينما تعبر البنوك السعودية في وضع أفضل، حيث إن أسعار العقارات بشكل عام شبه مستقرة، كما أن نسبة القروض للودائع تبلغ معدل مقبول يتراوح حولي 80 في المائة. وقال التقرير: إن مشاكل ديون دبي سترمي بظلالها على البنوك الإماراتية بشكل خاص، والبنوك الخليجية بشكل عام، وستسهم في تقليص حجم التدفقات الاستثمارية القادمة للمنطقة، خاصة مع ارتفاع كلفة الاقتراض، واتخاذ البنوك أسلوباًمتشدداً وحذر في منح القروض. وبين التقرير أن القاعدة الرأسمالية للبنوك في دول المنطقة تعتبر قوية، إلا أن أي صعود محتمل في الديون المتعثرة زائداً الحاجة إلى تجنيب المزيد من المخصصات سيؤدي إلى بقاء ميزانيات البنوك مقيدة وغير قادرة على التحرر من تبعات الأزمة. لذلك، يقترح المعهد العمل على تطوير أسواق الديون المحلية للتغلب على هذه القيود وملء فجوة التمويل التي اتسعت في الآونة الأخيرة بسبب الصعوبات في الأسواق المالية العالمية. كما أن تطوير أسواق الدين المحلية سيسهم في خلق منحنى العائد على مختلف أدوات الدين المحلية، ويساعد المؤسسات الحكومية التي تلجأ للاقتراض إلى تحسين هيكلية استحقاقات ديونها، ومراكز السيولة لديها، علاوة على تحسين ممارسات الحكومة بموجب متطلبات الاقتراض من أسواق المال المحلية. [c1]الأزمة المالية والخليج[/c]وأكد المعهد، أن الأزمة المالية العالمية أدت، منذ لحظة اندلاعها، إلى هروب الأموال الأجنبية المودعة لدى بنوك المنطقة. الأمر الذي أسفر عن ارتفاع كلفة التمويل. ولاحقاً، أدت حالة الضبابية التي نجمت عن الأزمة، إلى جانب تباطؤ النشاط الاقتصادي وحركة التصحيح في الأسواق المالية والعقارية، سواء إقليمياً أو عالمياً، إلى تدهور محافظ البنوك الاستثمارية. ولحسن الحظ، فإن دول المنطقة لم تشهد أي حالة إفلاس ضمن بنوكها، وذلك لأسباب عدة، أهمها: الدعم الرسمي، والانكشاف المحدود على الأصول المتعثرة التي سممت ميزانيات البنوك الغربية، إلى جانب جاهزية حكومات المنطقة لإنقاذ البنوك المحلية في حال تعرضها لمخاطر نظامية أو حتى فردية. ويرى المعهد، أن العام 2009 شهد ظهور بيئة تشغيلية جديدة ستواصل ضغطها على أداء البنوك الخليجية في المدى المتوسط، وتجبرها على تعديل نموذج أعمالها، وتعزز من أولوية إدارة المخاطر وتجنبها إلى مستويات غير مسبوقة، إضافة إلى ذلك، فإن البنوك المركزية في دول المنطقة تعزز من معايير رقابتها على البنوك وتتبنى تعليمات أكثر تشدداً وصرامة من ذي قبل، لكن في المقابل، ستستفيد بنوك المنطقة من التحسن المتوقع في النشاط الاقتصادي وفي بيئة الأعمال، إلى جانب تواصل الدعم الحكومي.