صـباح الخـير
من كنوز الحكم ما قاله بعضهم : السفهاء ثلاثة : أحدهم، سفهاء الأفعال.. وهم أصحاب الفواحش الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه فبئس ما يصنعون!وثانيهم، سفهاء الأقوال، وهم أهل البذاءة في الحديث، يسلقون الناس بألسنةٍ حداد، وهم الذين عناهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "شر الناس من أكرمه الناس اتقاء لسانه".إلا أن هذا الصنف، قد يضطر الحكماء وأهل الصلاح إلى استعمالهم لدفع سفيه من جنسهم، كما روى عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه كان إذا سافر أخذ معه سفيهاً (!) فسئل عن ذلك فقال: إنا إذا قابلنا سفيه قوم رد عنا سفاهته، فإنا لا ندري بم ندفع به السفهاء؟! .أ.هـ.ورحم الله أبا الفتح البستي (ت400هـ) إذ يقول:نصيبك من سفيه أو فقيهٍ[c1] *** [/c]في هذا حُسن وحصنفإن سالمت فالفقهاءُ حسن[c1] *** [/c]وإن حاربت فالسفهاء حصنهذا صنفان من السفهاء، أما الثالث فهو ثالثة الاثافي!إنهم سفهاء الأحلام وهؤلاء شر الجميع (!).. انهم أهل العقول الفاسدة، والأفكار المظلمة، والرؤى السوداء، والعقائد العقيمة!!إنهم حزب الضلالة، الذين وصفهم الرسول -ص- بقوله: يقرؤون القرآن، ولا يجاوز تراقيهم، ويقولون من خير قول البرية.. ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميه.. الخ..وبعد هذا البلاغ- عزيزي القارئ الكريم! ترى ماهو الحصن الحصين الذين يعصم نشاد السلامة ومحبي الهدى من عبث هذا الفريق اللعين.أليست الحكمة التي أمر الله بالدعوة بها إلى الله: "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة..." وقال عز وجل: "ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً".هذه الحكمة هي الأساس المتين الذي تنبني عليه سلامة التوجيه الذي يثمر سلامة الاستيعاب والتلقي!أما السفهاء، سفهاء الاحلام، فلن تجد لديهم الا علماً مقلوباً يرمي بالفكر والفسوق كل مخالف وسعة رحب الإسلام الوسيع، ويحارب كل ألوان الإبداع البشري.. ولن تجد الا ثقافة تعنى عناية فائقة منقطعة النظير بكل ما يختص في ما بين السرة والركبة (!) وأحكام المضاجعة والفراش بسعار جنسي ينوب عن مشاهد الفحش بثوب شرعي كما زعموا (!).. ولن تجد لديهم الا تحريماً فاحشاً وحلالاً محدداً خلافاً لقول الله تعالى من سورة الأعراف: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده.. والطيبات من الرزق.. قل هي للذين آمنوا خالصة يوم القيامة..".ويتربى على هذه الثقافة جيل يحقد على المجتمع بشدة.. ويبحث عن ذرائع الخروج للجهاد عليه باسم الله.. وينظر إلى الحياة شزرا.. فيغيب التسامح! وتتأسس افكار وعقائد تبيح هدر الدماء وهتك الأعراض وسلب الأموال، فتطيش العقول هواء، وتضيق الأرض بأهلها.. وتحل اللعنة على كل شيء وفي كل شيء.. وتركض جنود ابليس في الأرض شياطين بثياب بيضاء نقية.. وألسنة فصحاء ندية.. تؤذن في كل الربوع حي على الهلاك.. حي على الدمار!!ومن المؤسف المدهش.. بل قل المضحك المبكي، أن كل سبات بعده فواق لا محالة.. وكل حرب ضروس ختامها سلام بالضرورة.. إلا أن هؤلاء القوم تجدهم مصممين على الانغلاق حتى النهاية أبد أبد(!).. ولم ولن يتأثروا بنسيم البرود وهو يهب عليهم من نوافذ التنوير.. بيد أن هذه الحال هي في صناديدهم الاشداء!وأما ضحاياهم من المغرر بهم من تلاميذهم ومريديهم فلا يزال الأمل يحدو المصلحين في انتشالهم من أوصال الغلو والتطرف إلى حدائق السعة والتنوير.. ولا تزال قوافل منهم تتعرف على الحق وتعود اليه بفضل الله ثم بجهود المخلصين من دعاة المحبة والسلام.ولا أخفي أني كنت أراقب عن كثب إلى نتائج الجهود الجبارة التي عكست ضمير وأخلاق القائد الكبير، الرئيس المؤمن علي عبدالله صالح في إنشاء وتأسيس فكرة حوار المخدوعين وقد ندب لهذه المهمة أحد أبرز قضاته القاضي العلامة حمود الهتار الذي عرفته محاوراً صبوراً وناقداً حصيفاً في أول لقاء جمعني به أثناء إلقائي كلمة في جامع الشهداء في صنعاء قبيل الوحدة ممثلاً عن الجنوب في مناسبة الإسراء والمعراج يومها.. وظللت أراقب مسار هذا الحوار الذي يبتكر فيما أعلم لأول مرة في التاريخ وهو ما يعكس عبقرية هذا القائد والرئيس الصالح عند كل ملمة تلم بوطنه وأمته.. فلن تجد عنده إلا ما يفتح المعضلات.. ويجلي الكربات!!فكان من ثمارها عودة مرضية إلى الحق.. فارتفع الكرب والحبس عنهم.. وانتفعت بهم أنفسهم وأهلوهم ولله الحمد في الأولى وفي الأخرى.. واقتدت دول بهذا النهج.. وأخرى لم تزل تتربص مؤثرة الحبس والمقعد الخالد في سجون الضياع في غياهب "جونتانامو" ومضايع عديدة لا يعلمها أو يحصيها إلا الله.ان شبابنا أمانة في أعناق الجميع حكومة ومؤسسات وجماعات ورجال.. لا يحتاجون إلى مثل أولئك المحاضرين والخطباء الذين يقف أحدهم يشرح الآخرين ويحرض المسلمين على النصارى وقتلهم منتزعاً آيات وأحاديث في مساق الاستدلال السطحي.. أو يصف المرأة بالشيطان والعدو المبين.. ويحرم حتى الحديث معها.. أو يدعو إلى اطلاق اللحى حتى النهاية دون ترميم مع تقصير الثوب حتى (البداية).. ويحرم الغناء والضحك والتعليم في المدارس والجامعات بل وحتى العمل في المرافق المختلطة أو حتى في المرافق العامة لأن أموالها من البنوك.. والبنوك ربويه.. وهلمّ جراً !!!فمهلاً مهلاً.. ورويداً رويداًَ يا هؤلاء.. ما جنت منكم الدنيا إلا المصيبة والخراب جربناكم في افغانستان فأصبحت بفضلكم بلاداًَ تبكيها الأرض والسماء والتاريخ.. وجربناكم في السودان فأعدمتم الشرفاء وقطعتم الأيادي وتركتم تركة لم يقم منها السودان إلى اليوم.. والآن الأيادي على القلوب منكم في الصومال وكأن الصومال لم يدخل الإسلام قبل مجيئكم.. ولن يقوم خير أو يستقيم أساسه التطرف وبنيانه التكفير.. وسقفه العنف والقتل والتدمير باسم الله والدين.. فهل من فواق؟ألا هل بلّغت؟ الّلهُمّ فاشهد .