رضا المرأة والإرث الأبدي .. سلوكاً وثقافة
متابعة / أفراح صالح محمد لعل الوقوف أمام سلوك المرأة ذاتها يكشف لنا شكلاً آخر من السلبية والرضا بالحال.. وهذا بحسب رأي الدكتورة إسمهان عقلان العلس عضو الهيئة الاستشارية للمؤسسة العربية لمساندة قضايا المرأة والحدث، الذي طرحته في الحلقة النقاشية التي نظمتها مؤسستها العربية متبنية فيها موضوع "الثقافة المجتمعية وتأثيرها على مشاركة المرأة في الانتخابات"..[c1]وسائل الضغط النسائية[/c]وضعت الدكتورة اسمهان العلس رأيها هذا معللة فيه ضعف مشاركة المرأة في أي انتخابات كمرشحة، وقد وضعت على ذلك أمثلة منها سكوت المرأة المنتمية للأحزاب عن الضغط على أحزابها بالالتزام بتوفير حد مساوٍ أو متقارب بين المرشحين للانتخبات من النساء والرجال بالإضافة إلى تنازل المرأة عن حقها في الدعم المادي والمعنوي من أحزابها.والأنكى من كل ذلك عدم تشكيل وسائل ضغط نسائي في داخل الأحزاب هذه لضمان حقوق متساوية بين المرشحين رجالاً ونساء.وهذا أمر هام، لكن الأهم منه أن علاقة المرأة بالمرأة تقدم نموذجاً آخر لتأثير الثقافة المجتمعية على عقلية الناس، إذ تظل النساء مشدودات إلى انتماءاتهن الحزبية، وإلى النصائح الذكورية على حساب قضية المرأة ذاتها.وأمام هذا الوضع، فإن الساحة اليمنية تفتقر إلى المبادرات النسائية في تشكيل صور ونماذج للتنسيق والتحالف لصالح المرأة، على غرار ما نجده من أنماط هذا التحالف لصالح الرجال..[c1]المواقف الرسمية[/c]وتشير الدكتورة اسمهان العلس إلى جانب آخر يتعلق بالعلاقة بين المرأة والحكومة، إذ تكشف عن المواقف الرسمية بصورها المختلفة لانعكاسات الثقافة المجتمعية على ذوي القرار سواء في الدولة أو الأحزاب أو منظمات المرأة نفسها، موضحة أنه في الوقت الذي تشكل جملة القوانين واللوائح المنظمة للحقوق الانتخابية للمرأة ضماناً مقبولاًَ لها، إلا أن مستوى تطبيق هذه القوانين ظل قاصراً تحت مبررات مختلفة، ومثالاً على ذلك أن الأوساط الرسمية وغير الرسمية بحثتها لتوسيع مشاركة المرأة عبر تطبيق مبدأ (الكوتا) وتطبل الأوساط المختلفة، والمرأة في مقدمتها على أنه مكسب للمرأة وهو بالطبع يعد انتقاصاً من حقوق المرأة المتساوية مع الرجال، على النحو الذي تضمنته القوانين المنظمة للعملية الانتخابية.[c1]ما هي الثقافة المجتمعية؟[/c]بحسب ورقة عملها المذكورة سابقاً، توضح الدكتورة اسمهان معنى الثقافة المجتمعية بأنها مكون أساسي في الثقافة الروحية، تتشكل من العقيدة والأعراف والتقاليد المتفق عليها، والأفكار والاتجاهات ومنظومة القيم التي تضبط تفاعل المجتمع وترتبط بتطور مصالح الأفراد وميولهم النفسية وانجازاتهم وكل ما هو محكوم بالسلم القيمي المتمثل بالحلال والحرام والعيب والمشروع واحترام السلطة بكل أشكالها، والامتثال لها والتدين وأخلاق العمل.. الخ.ووفقاً لهذا المفهوم، تتحدد خصوصية الفئة السكانية التي ينتمي إليها الفرد، ويتأثر بالسقف الثقافي العام لهؤلاء الأفراد وعلاقته بالسمة الخاصة للمجتمع العربي كمجتمع أبوي له خصائص كالعشائرية، القبلية، أو صبغة المحافظة، وسمات أخرى كالهوية أو المواقف والالتزامات المختلفة..وبهذا التعريف للثقافة المجتمعية تجدها - هذه الثقافة - تعكس سلوكاً ثقافياً للأفراد يتصل بالموروث التاريخي ويترجم القضايا ومن أهمها قضية المرأة.[c1]تأثير الثقافة المجتمعية على الواقع[/c]ومن هذا التعريف نجد أن تأثير الثقافة المجتمعية قد حولها إلى إرث أبدي لا يمكن الخلاص منه مهما بلغ مستوى الثقافة الجديدة المكتسبة لفئات من المجتمع، مهما عدلت القوانين، فلن تطبق في الواقع، فنحن أصلاً نورث للأجيال المفهوم غير السوي فيما يخص العلاقات بين المرأة والرجل، وعليه نؤصل في نفوسهم ذلك، مثال على ذلك أن الأحزاب تعتبر الانتخابات كنوع من الشهادة، بمعنى أن المعاملات الرسمية تتم وفقاً للتعاليم الإسلامية والتي تنص على أن شهادة المرإة هي نصف شهادة الرجل، لهذا تظهر الهيمنة الذكورية على المرأة الناخبة قبل موعد الانتخابات، لتوجه المرأة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة لاختيار الرجل بدلاً من المرأة المرشحة..وتبدو الصورة أكثر سوداوية إذا ما بحثنا عن تفاعل القوى المثقفة المستقلة، إذ تغيب هذه القوى تماماً عن التأثير المباشر لهذه العملية، إلا من حضور ضعيف، وما زال غير واضح ولأسباب مختلفة.[c1]الحل إذاً؟!! [/c]وجهة نظر الدكتورة اسمهان العلس هذه عكست وجهة نظر مؤسستها العربية لمساندة قضايا المرأة والحدث، والتي وبالتعاون مع فريدريتش أبرت الألمانية) دشنت فعاليات التوعية القانونية والحقوقية لانتخابات المجالس المحلية لعام 2006م في الشهر الماضي بحلقة النقاش الأولى حول الثقافة المجتمعية وتأثيرها على مشاركة المرأة في الانتخابات، والمراد من هذه الحلقة الوصول إلى ما ترى الدكتورة اسمهان العلس أن الأمر الأكثر صواباً لمساندة المرأة للمرأة وهو تأسيس تحالف نسائي داعٍ واعي لحقوق المرأة بكافة أنواعها، ويعتمد عليه في تحقيق أكبر دعم يوصل أكبر عدد من النساء المرشحات إلى مقاعد السلطة المحلية أو البرلمان..