اليمن كسب الرهان وأوفى بالوعد وأقام خليجي (20) في موعده المحدد، وعدن أثبتت للجميع بأنـها المكان الأمان والحضن الدافئ لوافديها، وتلك حقائق ينبغي لنا جميعـا الاعتراف بها كونها أصبحت من المسلمات.. ولأن الأفعال كانت أكبر من كل تلك الأقوال التي راهنت على فشل اليمن في استضافة هذا الحدث الرياضي والتاريخي الكبير وعدم قدرته على إقامته.وبغض النظر عن نتيجة مباراة اليمن مع السعودية التي خسرنا فيها، والتي لن أخوض نقاشا حول مسبباتها، بل سأدعه للمختصين من أهل الرياضة لتفسيره وتحليله كيفما شاؤوا فأنا كل ما يعنيني هو مظاهر الفرح التي عاشتها مدينة عدن قبيل انطلاق بطولة خليجي (20) وما رافقها من احتشاد السيارات في شوارع المدينة، تلك السيارات التي ازدانت بأعلام دول مجلس التعاون الخليجي واليمن والعراق، ومظاهر الفرح التي كانت بادية على شباب وشابات هذه المدينة التي يمكن القول بأنـه منذ زمن لم نر تلك الفرحة مرتسمة على وجوه شبابنا كما هو حاصل الآن.على أن أكثر ما أثار اندهاشي واستغرابي هو ما نما إلى علمي من قيام بعض رجال الدين بإصدار بيان في خطب صلاة الجمعة يتحدثون فيه عن أن خليجي (20) سيكون فيه منكرات وراقصون وراقصات من الطلاب والطالبات ولا أدري من أوحى لهم بتلك المعلومة والتي جعلتهم يسارعون إلى إصدار ذلك البيان دون إمعان النظر فيها مليـا ؟ فهل يعقل مثلا أن يقبل أولياء الأمور على بناتهم أن يكن راقصات؟ إلا إن كان البعض يحاول أن يصور الحفل الافتتاحي لخليجي (20) بعدن بأنـه رقص سيكون مصاحبـا لكل مباراة، فذلك شأن مختلف وفي مطلق الأحوال - وكما يقول المثل : (إن كان المتكلم مجنون فالمستمع لازم يكون عاقل)، وبالتالي فإن البعض حاولوا تشويه الحدث الرياضي لغاية في نفوسهم وكان ينبغي على رجال الدين أولئك التريث قبل إصدار بيانهم ذاك.لقد ذكرني موقف رجال الدين هذا بموقف مشابه لهم عندما أصدروا فتواهم بحق عدن وأهلها قبيل زيارة الفنانة أصالة نصري إلى عدن، علمـا بأنـه قبل وبعد زيارة أصالة لعدن أقيمت حفلات غنائية في بعض المدن اليمنية ولكن لم تتعرض لهجوم كذاك الهجوم الذي تعرضت له عدن، وكذلك عندما جاءت فرقة (طيور الجنة) التي تختص بتقديم أغان للأطفال تعرضت فيه لهجوم لامبرر له، ولعل هذا يدفعني ويدفع غيري للتساؤل لماذا كلما احتضنت عدن فعالية فنية أو رياضية تتعرض لهجوم شرس؟!ألا يحق لسكان هذه المحافظة أن يدخل الفرح إلى حياتهم ويسكن قلوبهم؟!!أم تراه إن كان الفن بدعة فتنة تقود إلى المهالك علينا تجنبها، فإن كرة القدم كذلك وكنت قرأت يومـا في إحدى الفتاوى العجيبة لأحد الشيوخ الذي وضع (...) شروطـا على المسلمين لتمكنهم من لعب كرة القدم بطريقة مغايرة لما هو متعارف عليه دوليـا ومن بين تلك الشروط على سبيل المثال لا الحصر أن يكون اللعب من دون حكم فلا داعي له وأنـه في حال أحرز أحد اللاعبين هدفـا فلا يحق لزملائه أن يفرحوا بذلك أو يركضوا وراءه وغيرها من الشروط التي لا يتقبلها عقل أو عاقل.وإذا كانت هناك أخطاء صاحبت حفل الافتتاح في ما يخص اللجنة الإعلامية؛ فإن ذلك لا يعني مطلقـا مصادرة حق أبناء عدن وأبناء اليمن كافة بالفرح بهذه المناسبة الرياضية التاريخية التي يعرف عنها أنـها تجمع ما تفرقه السياسة.ورغم هذه البيانات والخطب من آبائنا الأجلاء رجال الدين إلا أن اليمن استطاعت أن تكسب الرهان وترد عليهم بأن بيانهم وخطبهم تسيء إليهم أولا.. واليمن يجب أن يظل فوق الجميع.
أخبار متعلقة