كتاب .. عنف الأطفال
عرض وتعليق/عمر عبدربه السبع:دراسة ميدانية/ محمد عبده الزغير:تؤكد الدراسات الاجتماعية والنفسية الحديثة أن الطفل منذ ولادته كائن حي فعال وكفء يكتسب حتى في المهد سلوكه الاجتماعي الذي يساعده على التفاعل مع أفراد ثقافته ، وهي العملية التي تستمر بعد ذلك في سياق ما يعرف بالتنشئة الاجتماعية .ولقد شهد المجتمع اليمني خلال مراحل تطوره الحديثة صوراً مختلفة من مظاهر العنف والتي تركت آثارها العميقة في نفسية الطفل اليمني وفي بناه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية .إن كتاب الاستاذ محمد عبده الزغير الموسوم :" عنف الاطفال: الأبعاد الاجتماعية لظاهرة العنف لدى الاطفال في المجتمع اليمني" عبارة عن دراسة ميدانية للتعرف على العوامل المجتمعية التي تحول وداعة الاطفال الى أنماط سلوكية عنيفة ممارسة ، بإعتبار الاطفال صانعي الغد ، وأمل الأمن والسلام والمصلحة الوطنية .إن اهتمام الأستاذ محمد عبده الزغير بالطفل والطفولة هو من باب أهتمامه بحاضر المجتمع ومستقبله ، فهو في هذه الدارسة يعالج سوسيولوجيا مرحلة المدرسة الابتدائية ودراسة الابعاد الاجتماعية للعنف بالارتباط مع بعض جوانب التنشئة الاجتماعية.كما أن مبررات هذه الدراسة "عنف الأطفال" هو ما رآه الباحث محمد عبده الزغير من افتقار للقاعدة المعلوماتية حول ظاهرة العنف في اليمن ، مع كبر حجم فئة الاطفال في المجتمع اليمني والذين يشكلون مايربو عن 47% من إجمالي عدد السكان ، هذا فضلاً عن بروز حجم الظاهرة (لاسيما بعدحرب 1994م) وباعتبار التعرف على أبعاد العنف لدى الاطفال مدخلاً لفهم التغييرات الحاصلة في المجتمع وسبيلاً للمساهمة في معالجة مشاكل الواقع اليمني .وسعى الباحث ، الزغير ، لتحديد أهم العوامل الرئيسة لظاهرة العنف لدى الاطفال على مستوى الاسرة وعلى مستوى المجتمع وذلك للتعرف على العوامل المجتمعية وراء ظاهرة العنف لدى الاطفال ، وإلقاء الضوء على العديد من المتغيرات الاجتماعية وراء ظاهرة العنف لدى الاطفال وبما يتيح الفرصة للمهتمين من علماء الاجتماع وعلماء النفس لتقويم الآثار المترتبة على هذه الظاهرة في المجتمع اليمني.ولقد اعتمد الباحث محمد عبده الزغير في المجال الجغرافي للدراسة على أمانة العاصمة وعلى مدينة عدن باعتبار المدينتين شهدتا تغييرات اجتماعية متسارعة وأن مؤشرات ارتكاب الجريمة فيهما مرتفعة فضلاً عن أسباب أخرى ذكرها المؤلف في بحثه يمكن الرجوع إليها الى جانب المجال البشري للدراسة .أما المجال الزمني للدراسة فقد كان من يناير 1997 - مارس 1998م مستفيداً من مصدري كتاب الاحصاء السنوي لعام 1997م وكتاب الجهاز المركزي للاحصاء ، فضلاً عن اجراء المقابلات مع مدراء المدارس وتطبيق الاستثمارات وأدوات البحث وجمع المادة الميدانية .أما المنهج الذي استخدمه الباحث ، محمد الزغير ، فمن شقين ، الجزء الأول يعتمد على المنهج التحليلي ، والجزء الآخر هو منهج المسح الاجتماعي بالعينة .فالمنهج الوصفي التحليلي ومنهج المسح الاجتماعي يساعدان في قراءة الظاهرة بتطورها التاريخي والاجتماعي وفي الحصول على صورة دينامية متكاملة لإطار مجتمعي معين وعلى صورة واقعية للظاهرة .. ومن خلال هذين المنهجين يمكن التخطيط للمستقبل ووضع الحلول وكذلك التنبؤ العلمي .لقد احتوى كتاب المؤلف محمد عبده الزغير على سبعة فصول ، الفصل الاول عنوانه الرئيسي الأسس النظرية والمنهجية للدراسة وفيه بحثان الاول عن موضوع الدراسة وأهميته والآخر عن مجالات الدراسة ومناهج البحث وأدواته .والفصل الثاني عن المفاهيم العامة للدراسة ونظرياتها وفيه بحث عن العنف وآخر عن مفهوم الاطفال ، والفصل الثالث تناول البناء الاجتماعي للمجتمع اليمني ووضع الاطفال فيه وتعرض الباحث للنظام الاكولوجي كموقع اليمن وتقسيماتها الطبيعية ومناخها ومدى علاقة هذه الظروف بالشخصية اليمنية والنظام السياسي ودور القبيلة فيه ، والنظام الاقتصادي والنظام الديني والنظام الاجتماعي والعادات والعرف والتقاليد في اليمن ليعلل نظرياً مدى علاقة ظاهرة العنف بالظروف الطبيعية والمناخية وبالموروث التاريخي والصراعات السياسية والتفاوت الاقتصادي وبالبناء الاجتماعي عموماً .وعن وضع الاطفال في المجتمع اليمني فقد تطرق الباحث للخدمات الصحية والخدمات التعليمية والخدمة الاجتماعية وأوضاع الاطفال في الظروف الصعبة كالاطفال الجنود والاطفال الجانحين والاطفال العاملين وأطفال الشوارع والمتسولين .وفي الفصل الرابع كتب المؤلف عن الدراسات السابقة التي تهم موضوع بحثه عن العنف لدى الاطفال حيث استفاد من دراسات عربية ودراسات أجنبية لظاهرة عنف الاطفال وارتباطها بالبناء الاجتماعي والنظم والعلاقات السائدة فيه .والفصل الخامس يتحدث عن العوامل الاجتماعية المسببة للعنف لدى الاطفال ، البحث الاول عن العوامل الداخلية والبحث الثاني والاخير عن العوامل الخارجية ، ويمكن اختزال العوامل الداخلية بالاسرة وأبعادها الاجتماعية وبيئتها الثقافية ومستواها الاقتصادي وحجم الاسرة والجنس ودوره في العلاقات الاسرية والوضع المهني للأسرة ، أما العوامل الخارجية فالمدرسة والتربية المدرسية وعلاقتها ببناء شخصية الاطفال ويمكن الرجوع الى كتاب الباحث للاستزادة لمن يريد.والفصل السادس تناول نتائج الدراسة الميدانية وفيه مبحثان :المبحث الاول : الطريقة والاجراءات .والمبحث الآخر: عرض نتائج الدراسة واسترسل الكاتب في البحث الاول عن الاجراءات وتحليل الاستمارات الاستبيانية واستخدام الوحدات في بناء مقاييس للمتغيرات وأخيراً أساليب التحليل الاحصائي .وفي المبحث الثاني اختص بالقياس الرقمي للمتغيرات المستقلة ونتائجها وأخيراً القياس الرقمي للمتغيرات التابعة ونتائجها .أما الفصل السابع والأخير فتضمن مناقشة النتائج التي توصل إليها الباحث بالتحليل الاحصائي للبيانات الميدانية وكان عنوان هذا الفصل : مناقشة وتفسير نتائج الدراسة والتوصيات ،وقد أسفرت مناقشة وتفسير النتائج الى تحديد جملة من التوصيات الهامة وعددها تسع توصيات وضعها المؤلف في مؤخرة دراسته القيمة قبل تحديد المراجع العربية والمراجع الاجنبية التي ساعدته في إنجاز هذا البحث القيم عن الابعاد الاجتماعية لظاهرة العنف لدى الاطفال في المجتمع اليمني ..الجدير بالاشارة ان رؤية العنف لدى الاطفال تركزت في التمرد على سلطة الوالدين والمدرسة، ضرب الاطفال وسبهم ، كسر أدوات الاطفال إلقاء الحجارة على السيارات تمزيق كراسات وكتب الزملاء ، تكسير كراسي وطاولات المدرسة ، تحريض الزملاء على نظم وقوانين المدرسة، تشكيل عصابات ، تحرش بالآخرين ، والاحتفاظ بأدوات حادة والكتاب يضم بين دفتيه (18) جدولاً قيماً والكتاب جدير بالاهتمام والقراءة المتمعنة لمن يهمه موضوع الاطفال ومستقبل اليمن.