مدارات
حياتي تزخر بمحطات مختلفة حسب الأمكنة والأزمنة، وفيها حوادث كثيرة، بعضها ماتفتر لها الأسنان والبعض الآخر ماتكفهر لها الوجود وتسود منها القلوب.. بعض هذه المحطات قضيتها في خارج الوطن، وبعد عودتي من رحلتي الدراسية عدت الى مدينتي الرائعة عدن هذه المدينة التي انتمي إليها والتي عشت اعشق بحارها الزرقاء وشواطئها الذهبية ونوارسها البيضاء وكأنها الثلج الذي أحببته في المدينة التي قضيت أكثر من ثماني سنين ادرس فيها (موسكو).بعد عودتي من دراستي الأكاديمية وكان ذلك في 1990م وبدأت المدينة تظهر باعلام الوحدة اليمنية على جبال عدن الشامخة التي تظهر بوضوح وهي تتوهج تحت اشعة الشمس، ولن انسى امسيات قضيتها مع اهلي الذين كانوا يعيشون في القرى الشمالية ولم اراهم منذ زمن طويل وجاءت الوحدة اليمنية لتجمع بين الاشقاء واصبح الناس يتزاحمون في الذهاب والاياب بين صنعاء وعدن.واجمل ذكريات العام الاول من الوحدة اليمنية كان زيارة مسقط راس اجدادي في (قرية نجد) في شمال الوطن حيث تقع الهضاب المتموجة بحقول الذرة والقمح والبيوت المتناثرة هنا وهناك والأمطار المتساقطة مع قطع الثلج البيضاء والسيول من غصون الشجر وتندفع بمياهه حتى أنصبغ بلون الطين.. حقاً انه منظر لن ينسى وقد كان اللقاء الأول مع الأحباء .. وبعد مرور خمسة عشر عاماً من هذا اللقاء وشيدت أعظم الانجازات الاقتصادية والصناعية والتربوية والثقافية وقيام مشاريع استثمارية سياحية واقتصادية وإذا القينا نظرة على ماحققته المرأة اليمنية لوجدنا انها حققت العديد من الانجازات بل ان المرأة اليمنية أصبحت تحتل منصب وزيرة في حكومة الوحدة اليمنية كما تحتل العديد من المناصب القيادية في المرافق الحكومية.ولعل الذي جعل كل هذه الخواطر تتدافع الى ذهني هو مشهد في إحدى محطات حياتي وهو حقيقة مرعبة حدثت لي بعد عودتي من عملي ظهراً كنت سعيدة لقد كان يومي مزدحماً بالعمل الناجح وأنا اقترب من منزلي شعرت بطلقة عيار ناري تمر من فوق راسي والغريب ان من أطلق هذا الرصاص رجل ملتح يرتدي قميصاً ابيض يدعي التدين ولاتوجد مناسبة تجعله يطلق الرصاص في الهواء كما كان يدعي سوى انه يمارس نوعاً من السحر والشعوذة ليرعب سكان المنطقة ان استخدام السلاح وإطلاق العيارات النارية في الإحياء الشعبية مثل هذه الحالة التي رويتها بأمانه وصدق تجعلنا نطالب دولة الوحدة اليمنية ممثلة بالجهات الأمنية دقة التحري وفرض العقوبة الصارمة لكل من يعبث بالسلاح سواء كانت هنا مناسبة او لم توجد، فحمل السلاح والتجول به في الشوارع والإحياء يسئ للانجازات الوحدة اليمنية فهناك العديد من الضحايا الأبرياء تعرضوا للقتل والإصابة من هذه الظاهرة غير الإنسانية رقم الدعاية الإعلامية التي تقوم بها وزارة الداخلية لتوعية المواطن اليمني بعدم حمل السلاح في الشوارع او الاحتفاظ به في المنازل لان استخدام السلاح عشوائياً يؤدي الى عواقب وخيمة تضر بأمن الوطن وسلامة المواطن إنني كلما رأيت شخصاً يمر أمامي وهو يحمل السلاح ونحن في حالة سلام وامن يثير اشمئزازي بل إنني انظر إليه بشيء من عدم الاحترام لأنه يخل بأمن الوطن لأنه حمل السلاح بطريقة عشوائية تبدو ظاهرة غير حضارية وغريبة في نفس الوقت أمام الإنسان المعاصر لدق فكرت كثيراً بهذه الظاهرة (حمل السلاح العشوائي والثار والجرائم) التي قرأت عنها في الصحف المحلية والتي انتشرت في المرحلة الأخيرة وقد تعددت أسباب العنف والملل والضجر وتقطعت على نحوها أسباب التواصل الإنساني والعلاقات الإنسانية.أن ظاهرة الثأر التي مازالت تسيطر على بعض المناطق اليمنية تدعو دولة الوحدة اليمنية إلى المزيد من نشر التوعية وبناء المدارس ونشر وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزيون وصحف ومجلات في المناطق النائية حتى يعي المواطن البسيط مخاطر حمل السلاح والثأر.. هذا باختصار ومن كان يحمل ذرة حب للوطن وسلامة المجتمع اليمني، سنجده عنده اذاناً صاغية لندائنا.