زكي نعمان الذبحاني :شغل القات الكثيرين، فلا يبخلون به على أنفسهم ولأجله ينفقون المال الكثير بسخاء، لا لشيء إلا للكيف وتضييع الوقت والأنس بالقيل والقال، فذاك غايتهم وأقصى ما يرجونه وأحبها إلى النفوس العامرة بالإيمان، مع أنه لم يكن البتة منتدى (للمقايل) الليلية فيا للعجب العجاب!! إن الحديث عن مساوئ القات على صحة الفرد وواقع حياة الأسرة والمجتمع وانعكاسه سلباً على الوضع المعيشي، وكذا أضراره الفادحة على الثروة الزراعية والمائية وعلى البنية الاقتصادية، ناهيك عن تأثيره السلبي - بشكل مباشر أو غير مباشر - على البيئة ، لهو حديث طويل، وبالتالي لن يتسع المجال لذكر كل هذه الأضرار، ما يهم بالأساس في هذا الموضوع هو تعريف القارئ بحقيقة الآثار السلبية للقات على صحة متعاطيه ، ما من منفعة أو فائدة صحية ترجى من القات، فكله أضرار ويؤدي إلى أمراض عديدة، منها أنه يعمل على رفع ضغط الدم وتسريع نبضات القلب، ويؤدي إلى حدوث اضطرابات معوية مصحوبة بعسر الهضم، وإلى حالة الإمساك. وباحتوائه على مركبات (التانيك)، فإنه يصنف ضمن مسببات البواسير، كذلك يتسبب بجفاف الفم ، عدا ما يسببه له - أحياناً - من تقرحات فموية. ويمر مخزن القات بمراحل مختلفة منذ بدئه بمضغه وحتى لفظه ورميه من فمه ، ففي الساعة الأولى يلمس اندفاعه للتحدث بكثرة في قضايا متشعبة، وبعدها بساعتين أو أكثر بقليل يشعر برغبة في الصمت والتأمل، أو النشاط بينما ينتابه الشعور بالقلق مع نهاية مضغه للقات، أو الشعور أحياناً بالهدوء والسكينة والخمول بحسب نوعية القات وتباين أثره ونسبة وجود المواد المنبهة فيه. وشهية المخزن إلى الطعام مع القات، تبدو شبه معدومة عقب (التخزين)، ما يعني إهمال المولع بالقات حاجته من الطعام، وبذلك يفتقر إلى المخزون الملائم من الغذاء، ليغلب عامل الهدم للخلايا داخل جسمه على عامل البناء وما قد يترتب عليه من مضار كثيرة. أما من يعتقدون بفائدته لمرضى السكر في خفض نسبة السكر في الدم ، فأقول لهم ليس هذا صحيحاً البتة، فقد ثبت علمياً عكس ذلك تماماً. واسوأ ما في الأمر ما تشير إليه الدراسات والأبحاث العلمية التي أجريت على القات من احتمال إصابة ماضغيه بالسرطان، كسرطان الفم واللثة والسبب في ذلك يعود إلى رش أغصان القات بمبيدات ومواد كيماوية ذات سمية مسرطنة، ولا يجدي كثيراً غسله بالماء للتخلص مما يعلق بأوراقه وأغصانه من أثر المبيد. كما يزيد القات من الإفرازات المنوية اللاإرادية عقب التبول، وقد يسبب صعوبة في التبول لدى البعض، لاسيما كبار السن نتيجة تأثيره السلبي على البروستات والحويصلة المنوية وما يسببه من احتقان وتقلص، بل ويعتبره بعض الباحثين ممن أجروا عليه تجارب وأبحاثاً علمية، يعتبروه أحد الأسباب الرئيسية للضعف الجنسي عند الرجال. أما بالنسبة للحوامل اللاتي يتعاطين القات، فإنه يقلل لديهن تدفق الدم عبر المشيمة وهموماً يؤثر على نمو الجنين. أيضاً يعتبر القات- على وجه العموم - أحد المسببات الرئيسة للأرق أو تأخير النوم، نتيجة احتوائه على مواد منبهة يبقى أثرها عقب (التخزين) ولا ينتهي مفعولها إلا بعد مدة لا يمكن تحديدها، نظراً لتعدد أنواع أو أصناف القات، وتباين مواده المنبهة واختلاف نسب تركيزها من نوع لآخر، وكذا تفاوت تأثيرها من شخص لأخر. بالتالي فإن معظم متعاطيه لا يشعرون برغبة في النوم ليلاً، فلا ينامون بسببه أو يجدون صعوبة في النوم حتى بزوغ الفجر، وأحياناً حتى الظهيرة.. والنتيجة ، تغير في عادات النوم وانحصاره خلال ساعات النهار التي هي في الأصل ساعات عمل وحركة ونشاط، فيما يغط المخزن خلالها في نوم طويل وعميق، يعقبه بعد ذلك الشعور بالخمول والكسل وبالصداع أحياناً. وباستمرار هكذا حال يتقلص النشاط وينخفض معدل الإنتاج، علاوة على انعكاسه السيئ على الحالة النفسية لدى البعض، كسرعة الغضب والعصبية الشديدة والأهبة والاستعداد للتشاجر أو العراك إذا لزم الأمر، في الأخير .. القرار الأول والأخير بين يدي المخزن، فله أن يستمر في تعاطي القات ان شاء، أو يقلع عنه- وهو الأسلم لصحته - بتركه نهائياً دون رجعة، ولن يندم، فالتجربة خير برهان.
|
اتجاهات
القات ومساوئه على الصحة
أخبار متعلقة