لقاء / أحمد علي عوضتتمتع الكوادر التربوية والتعليمية بمحافظة عدن بمزايا الكفاءة والخبرات الطويلة وبمواصفات التفاني والاخلاص وحب المغامرة التي مهدت جميعها على بروز فرسان للعملية التربوية والتعليمية .حيث تحملوا على عاتقهم مهمة تربية الاجيال على الاخلاق والقيم الانسانية السامية والفضيلة وغرسوا فيهم المفاهيم الوطنية ودأبوا على إنتشال أوضاع التعليم بما يحقق الكفايات بموجب متطلبات العصر الراهن وتعاملوا مع معطيات المرحلة المعاصرة ومفرداتها باقتدار متميز ومثالي ونضوج فكري متكامل وبذلوافي سبيل تطوير التعليم أقصى جهدهم ومنحوه حياتهم ووقتهم وصحتهم لإظهار العملية التربوية والتعليمية في أحسن أحوالها .ويعد الاخ / نايف السليماني مدير مدرسة العريش السابق لفترة خمس سنوات والكائنة في مديرية خورمكسر فارس العملية التعليمية بهذه المدرسة ورجل المهمات الصعبة أرتبط إسمه بملحمه مراحل البدايات الصعبة لميلادها .تزامنت فترة إلتحاقه بسلك التدريس مع البشائر الاولى لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة ، حاصل على الشهادة الجامعية درجة البكلاريوس قسم الفلسفة من جامعة عدن .مثل له العام 1998م المنعطف الحقيقي والمحك العملي والاختيار الصعب لقدراته وكفاءته ونافذة معرفية أطلت منها مواهبه ومهاراته في الفن الاداري ولاحت في الافق ملامح تكوينات شخصيته الايجابية المخزونة ونقطة إنطلاق لابداعاته ومحطة تزاوج مع منجزاته ونجاحاته ككائن حي مازال ينبض بالحيوية حتى يومنا هذا .الطريق الى العريش : المرحلة الاولىبدأت أولى خطواته في طريق الالف ميل لحظة إمتلاك القيادة التربوية بالمحافظة القناعة بإسداء المهمة الصعبة إليه التي ترتب عنها إصدار تعيين مفاده تكليف الاخ / السليماني بإدارة مدرسة العريش التي لم تنشأ بعد ونظراً لحبه الشديد للعمل وثقته الكبيرة بنفسه دفعته لقبول تحديات الوظيفة الجديدة الاشبه بالمغامرة رغم علمه مسبقاً ثقل الواجب المراد تأديته الذي صاحبه مراهنات عنوانها ( الفشل المحتوم هو مصير المهمة) ليس لأنه يفتقر الى مقومات النصر والنجاح بل لعلمهم بجسامة الصعوبات التي كانت بإنتظار قدومه ولأن التجربة خير برهان فقد خاض التجربة وهو مزود بزاد المسير في مواجهة أسوأ التوقعات .حل معاناة أهالي العريش الماضيةكان آهالي منطقة العريش جراء ويلات العذاب التي رافقت مسيرة تعليم ابناءهم والتي تشكلت وتلونت فيها صور العذاب بين السفر الطويل اليومي لابناءهم صباحاً ومساءاً لمسافات لاتقل عن عشرة الف متر لموقع أقرب مدرسة لمنطقتهم وبين الاستنزاف المالي لتغطية مصاريف السفر ذهاباً وإياباً وأخيراً الحالة المزرية التي كانت تلازم الاباء والامهات طيلة فترة رحيل ابناءهم وحتى موعد عودتهم خوفاً على مصيرهم ، وقد ترتب على هذا الوضع المأساوي المتكرر في كل لحظة تصرفات انفعالية حالت دون مواصلة معظم الابناء وبالذات الطالبات للدراسة .أقبل المدير الجديد على هذا الوضع وعرف منذ البداية أن أمامه أكثر من مهمة لاتقتصر علي بناء أو إيجار مدرسة لابناءهم تعيد لهم الامان وتستعيد ثقتهم واسترجاع مظاهر الحياة التعليمية بل تمتد خيوطها الى قناع الاهالي على العدول عن آراءهم السابقة .وبالضبط هذا ماحصل فبعد البحث الطويل استطاع إيجاد مبنى قريب من المنطقة تم استئجاره وبدأت السكان يتعايشون مع الوضع الجديد.ثلاث سنوات دراسية ناجحة بالرغم من أن المبنى المدرسي الذي تم إستئجاره كان أشبه ببيت الاشباح لكنه كان يمثل في عقول الاهالي حالة أفضل من حالة الشتات والقلق الذين كانوا يعيشونها ويمثل نوع من الاستقرار النفسي لهم والتعليمي لابناءهم .بدأت العملية التعليمية في أول مدرسة للعريش عام 89-99م بحوالي (200) طالب وطالبة وقلة قليلة من المتطوعين من ابناء المنطقة الذين عملوا مقابل مبلغ زهيد من المال نظراً لرفض العديد من المعلمين المخاطرة في العمل بهذه المدرسة المعزولة عما يحيط بها من العالم الخارجي مما دفع بالمدير ووكيله لأخذ نصاب من الحصص ضمن جدول الحصص الدراسية وقاما بتدريس بعض المواد لاستكمال النقص الموجود .وفي مدرسة خالية من معظم المقومات نظراً لانعدام جميع الخدمات بداخلها سرت أحداث العملية التعليمية خلال العام الدراسي الاول في حالة طبية وشهدت بعض الاستقرار.وفي العام الدراسي الثاني وبعد تسرب الامان والطمأنينة الى نفوس الاهالي تضاعفت أعداد الطلبة والطالبات المتقدمين للمدرسة وبلغت (500) طالب وطابة ، وشهدت العملية التعليمية تحسناً أكبر من العام المنصرم وارتفعت حالة استقرار اوضاعها وتوسعت خلاله دائرة التعليم وتكاملاً في الاداء والعطاء وتجاوباً مع كافة مظاهر النجاح أرتفعت حصيلة الطلاب المقيدين بسجلات المدرسة في العام الدراسي التالي لتصل الى (650) طالب وطالبة .تمكن المدير وطاقمه التعليمي والاداري المتواضع من تجاوز الصعاب وتخطي العراقيل وشهد العام الدراسي الثالث تفوقاً في النشاط الداخلي الخاص بالمدرسة وتحول المبنى المدرسين بتعاون أهالي المنطقة وتفاني وإخلاص الادارة المدرسية الى مبنى يزخر بالحيوية والنشاط .المرحلة الثانية:تفاعل الجميع واستبشر بالخير لهم ولابناءهم عند استكمال مجموعة هائل سعيد أنعم من بناء مدرسة جديدة تمتلك مواصفات المدرسة الطبيعية لكن مشكلة إنعدام الخدمات ظلت وحدها العالقة والمصاحبة للعام الدراسي الرابع للمدير .أفتتح المدرسة رسمياً الاخ / عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية في العام الدراسي 2001-2002م ومع مطلع هذا العام تم توفير الخدمات بطريقة عشوائية لتكتمل الصورة لدى آهالي المنطقة بإمكانية إطلاق سراح الابناء الذين لم يتم تدوين اسماءهم ضمن كشوفات الطلاب السابقين الملتحقين وإزدادت الطمأنينة توسعاً وعمقاً في نفوسهم الامر الذي رسم لوحة علمية وإنسانية فنية رائعة حين تدافع جميع ابناء وبنات منطقة العريش دون استثناء وفي تظاهرة جماعية صوب التعليم بالمدرسة وبلغ إجمالي حصيلة الدارسين حوالي (1400) طالب وطالبة.وقد ساد هذا العام نهضة تربوية وتعليمية عارمة شملت الاداء المتميز للحصة الدراسية وإكتمال عدد الطاقم التعليمي والاداري خصوصاً بعد أن تم توظيف العديد من ابناء المنطقة ضمن العمل بالمدرسة وإزداد إهتمام القيادة التربوية والتعليمية بالمديرية والمحافظة رغم ضعف خطوط التواصل وتوسع النشاط الصفي واللاصفي داخل وخارج المدرسة وبرزت قوانين وأنظمة اللائحة الادارية الخاصة بالمدرسة التي أرست أركان التعليم بجميع مظاهره كما شهدت تفوقاً في مجال المشاركات الخارجية وإحتلال مراكز متقدمة على صعيد الفعاليات الرياضية والمسابقات الفكرية وفي المعرض العلمي والثقافي الذي أقامته قيادة إدارة تربية المديرية أحتلت المدرسة المركز الاول بين مدارس الاولاد للتعليم الاساسي بالمديرية ، كما أقامت المدرسة معرضاً رائعاً للوسائل التعليمية نال استحسان القائمين على المؤسسة التربوية بالمحافظة ورضا أهالي سكان العريش .شعار التعليم للجميع الذي أتسم بعودة الخدمات بصورة قانونية وفي العام الدراسي الخامس 2004 - 2005 وبعد رفع شعار التعليم للجميع تم فتح فصول دراسية للدارسين ضمن صفوف محو الامية وفصولاً دراسية أخرى للطلبة والطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة وأنعشت العملية التربوية والتعليمية وتحررت من كافة قيودها وهمومها المثقلة واتسع نطاق الانشطة ولم تعد قاصرة على المجال التربوي شارك طلاب مدرسة العريش في معرض ومهرجانات الاقصى بفاعلية وبرزت مواهبهم وابداعاتهم على نحو اوضح اسفر عن مشاركتهم ارتقاءهم المراتب الاولى وحصد الجوائز والهدايا القيمة ونالوا الشهادات التقديرية نظير انشطتهم الناجمة واعمالهم الرائعة .والملفت للنظر ولوصف المنجزات التي غيرت معالم الصورة العامة لحياة أنعدمت فيها عناصر الاستقرار وكاد الامر يزداد سوءاً وتدهوراً تترك خلفها عدة تساؤلات تتناول ألفاظ الاستفهام .. كيف ؟ ولماذا ؟ ومتى تحقق كل ذلك فالرجل لم يكن يحمل بيده العصا السحرية ، ولم يكن يمتلك خصائص الرجل الخارق إنما الإجابة تكمن في أن إرادة الانسان برفقة الصبر والايمان والاصرار على تحقيق النجاح الاقوى والاقرب الى النصر بدلاً من إنتظار .والاصرار الاقوى والاقدر علي صناعة النصر وتحقيق النجاح والاقرب الى الواقعية بدلاً من إنتظار قدوم المعجزات في زمن لايؤمن بالمعجزات ،لايعرف رجاله المستحيل .ومع نهاية العام الدراسي المنصرم غادر السليماني المدرسة متوجهاً نحو مهمة أخرى لاتقل أهمية عن سابقتها وتوليته مهام قيادة مدرسة خالد بن الوليد الواقعة في نفس المديرية ( خورمكسر) ليبدأ مرحلة جديدة مليئة بالعطاء والنجاح بعد أن أبلى بلاءاً حسناً في مدرسة العريش وكان له الفضل بعبدالله سبحانه وتعالى في تثبيت وإرساء مبادئ التعليم في منطقة حرم ابناءها عقوداً من الزمان من أبسط حقوقهم العلمية .
مدرسة العريش .. بين البداية الصعبة والنهاية السعيدة
أخبار متعلقة