الاستنزاف الجائر للمياه لا يعني بالضرورة نضوب المياه فحسب، فإنّ الله سبحانه وتعالى، لا يعدم هطول الأمطار التي تشكل المصدر الوحيد لجريان المياه السطحية وتغذية الآبار الجوفية، بل يؤدي الاستنزاف العشوائي للآبار إلى تعرض الأحواض المائية إلى الملوحة وإلى التلوث، وبهذا نكون قد أسأنا إلى البيئة وعرّضنا مصدر مياه عذبة في جوف الأرض إلى خللٍ كبيرٍ لا يمكن برؤه وإصلاحه إلا بعد القيام بإجراءات كثيرة ومعقدة لحماية الحوض وإعادة تأهيله.لكي نتفادى الإخلال بالبيئة لاسيما فيما يخص مواردنا المائية والتي هي على العموم شحيحة في كل مناطق الجمهورية فإنّ وزارة المياه والبيئة قامت مشكورةً بإعداد دراسة مشتركة مع وزارة العدل لإنشاء نيابة متخصصة للحد من الحفر العشوائي للآبار والاستنزاف الجائر للمياه ولحماية البيئة من التلوث ولتنفيذ قانوني المياه والبيئة.إنّ هذه الإجراءات والقوانين لا تحل المشكلة جذرياً، بل قد تؤجلها ولكن على حساب السكان وراحتهم، وسيؤثر ذلك سلباً أيضاً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لما للماء من أهمية قصوى للتنمية المستدامة.ولا ريب إنّ الوضع المائي المتأزم في الجمهورية، قد أنعكس سلباً على المجتمع وعلى سياسة التنمية واستدامتها، بيد أنّ السياسة العامة للدولة لا تألو جهداً في تلبية احتياجات السكان من خدمات المياه والصرف الصحي على أسسٍ سليمة واقتصادية وصحية.وعلى السكان مؤازرة سياسة الحكومة لاسيما السياسة السكانية وعمل ضوابط ذاتية لمعدلات النمو السكاني، فالإحصاءات تقول إنّ معدل النمو السكاني في اليمن بلغ زهاء 3.7 وهي من أعلى معدلات النمو في العالم.. وكلما أرتفع معدلات السكان، كلما أرتفعت معدلات استهلاك المياه لمختلف الاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية.. ونظراً لقلة مناسيب مياه الأمطار والتي لا تزيد عن ألف مليمتر في المناطق الزراعية المعروفة في ذمار وصنعاء وبعض الضواحي.. فإنّ حاجة اليمن للموارد المائية من الضرورة وهي قضية جوهرية ومرتبطة بالأمن القومي والاجتماعي والاقتصادي.ولقد بات جلياً لخبراء المياه في اليمن أنّ إجمالي الموارد المائية المتجددة سنوياً تبلغ نحو اثنين ونصف مليار متر مكعب وإنّ الموارد المائية المتاحة للفرد تتراوح بين 100 - 150 متر مكعب في السنة، وإنّ هذا المعدل أدنى بكثيرٍ من المعدل العام العالمي المقدر بـ 1000 متر مكعب والذي على ضوئه تعتبر اليمن في قائمة الدول التي تعيش تحت خط الفقر المائي العالمي.الأنكى من هذا إنّ اليمن تستهلك أكثر من ثلاثة مليارات متر مكعب من الماء سنوياً حسب تقديرات عام 1995م.. وهي نسبة تفوق ما هو متاح من موارد مياه وينبئ عن قلق حقيقي وأزمة وشيكة.. بيد أنّ هناك حلولاً كثيرة في الأفق منها تحلية مياه البحر، فضلاً عن المزيد من بناء الحواجز والمنشآت المائية وإجراءات تقنين عمليات استغلال المياه من خلال سن القوانين ودعم الري الحديث والزراعة المطرية.. فسياسة الحكومة تقوم على الأسباب وتعمل قدر جهدها لتوفير مياه عذبة ونقية للمواطنين والمزارعين والتجار والباقي يعتمد على الظروف الجغرافية التي نتمنى من الله أن يمنّ علينا بتعديلها وبهطول أمطار كافية تغذي أحواضنا الجوفية وتفيض لسد حاجتنا وتحقيق رخانا وتنميتنا المستدامة للأجيال القادمة.عمر السبع
|
ابوواب
مواردنا المائية بين حيرة الواقع وتفاؤل التوقع
أخبار متعلقة