التحصين في اليمن .. البدايات .. الآليات .. والنتائج
إعداد/ زكي نعمان الذبحاني:بحسب تقارير المركز الوطني للتثقيف و الإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان نعود بالزمن إلى البدايات الأولى للتحصين في اليمن .. تحديداً إلى العام (1977م) وقت أن (أقر برنامج التحصين في إطار خطة خمسية أولى امتدت للفترة من 1977 ـ 1981م)، لم تكن جميع الأمراض المستهدفة بالتحصين اليوم مستهدفة آنذاك، ثم في وقت لاحق استهدفت ستة أمراض فتاكة بالتطعيم وهي (السل، شلل الأطفال، الخناق، الكزاز، السعال الديكي، الحصبة).حيث أثبتت الأبحاث أن هذه الأمراض من أولى مسببات الوفيات بين الأطفال دون سن السنة من العمر، لقلة مقاومة أجسادهم وقابليتها العالية للإصابة بتلك الأمراض.لكن عمل برنامج التحصين على وجه التحديد بدأ بعد إعلان خلو العالم من الجدري واستئصاله نهائياً منه، ومثل محور اهتمام منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف منذ بدايته الأولى، لدوره الفاعل في وقاية وحماية الأطفال من أمراض الطفولة القاتلة، وبدورهما تبنتا البرنامج وحرصتا على تقديم الدعم للبلدان لاسيما في الجانب الفني.وكان لليمن أن أضافت لقاح الكبد البائي لينضم إلى التطعيمات الروتينية التي يحصل عليها الأطفال المستهدفون .. جاء ذلك عام 1999م، ثم في عام 2005م أضيف اللقاح الخاص بالمستدمية النزلية (ب) المسببة لالتهاب السحايا والالتهابات حول القلب والأذن والمفاصل في لقاح مدمج خماسي مضاد لخمسة أمراض قاتلة وهي (الدفتيريا، الكزاز، السعال الديكي، التهاب الكبدي البائي، المستدمية النزلية نوع «ب») وحل بذلك محل اللقاح الثلاثي المضاد لثلاثة أمراض فقط من هذه الأمراض ، وكان لليمن السبق بين دول المنطقة في إدخال هذا اللقاح الخماسي المدمج.والعمل جار لإدماج لقاح جديد سيعمل على خفض وفيات الأطفال دون سن الخامسة بشكل كبير بعون الله. إنه لقاح المكورات الرئوية المسببة لالتهابات رئوية، ومن المقرر دمجه عما قريب من خلال ثلاث جرعات ليقدم للأطفال دون العام من العمر تزامناً مع تلقيهم للجرعات الثلاث للقاحي الخماسي وشلل الأطفال.ويعد دمج هذا للقاح الجديد بالإضافة إلى اللقاح الخماسي ثمرة جهود ارستها وزارة الصحة العامة والسكان بالتعاون بينها وبين منظمتي الصحة العالمية واليونسيف وبينها وبين حلف اللقاحات العالمي.كما تتطلع الوزارة إلى إضافة لقاح آخر (فيروس الروتا) المسبب للإسهال لدى الأطفال ويعد من أولوياتها القادمة.لا خلاف على أن النجاح مرهون بالنتائج حيث استطاعت وزارة الصحة ممثلة بالبرنامج الوطني للتحصين الموسع تحقيق تغطية للأطفال المستهدفين وصولاً إلى نسبة (85 %) في عام (2005) بالجرعة الثالثة (الخماسي وشلل ألأطفال) ـ فهذا المعيار الأساسي للتقدم ـ تلا ذلك في الأعوام 2006 ، 2007، 2008 ، 2009 بلوغ نسبة تغطية للمستهدفين وصلت إلى (87 %) وهي نسبة وضعت البلاد في مصاف البلدان العالية التغطية بالتطعيمات الروتينية.وتمخض عن تنشيط التحصين الروتيني بهذه الكيفية تحقيق خفض كبير في حالات الإصابة بداء الحصبة وانحسار الوفيات الناجمة عنه.ويحضرنا الحديث عن حملات التحصين ضد الحصبة، فقد كان لها إسهام في تحقيق هذا النجاح، لاسيما الحملة الوطنية الشاملة ضد هذا المرض التي نفذت عام (2006م) مستهدفة الأطفال من عمر (9أشهر ـ 5أعوام اً) في عدد من المديريات ببعض المحافظات التي سجلت انخفاضاً ملحوظا من ناحية الإقبال على التطعيمات الروتينية، وقد نفذت بالتزامن مع حملة ضد مرض الكزاز للفتيات والنساء في سن الإنجاب من عمر (15 ـ 45 عاماً ).كذلك عملت الحملات التي نفذتها اليمن ضد شلل الأطفال بشكل مكثف على وقف انتشار المرض ومن ثم انحساره تماماً، ولأنه لم تعد ترصد في اليمن حالات إصابة جديدة بهذا الداء منذ فبراير 2006م، فقد أعلنت عن جدارة خلوها من فيروس شلل الأطفال بناءً على توصيات لجنة الإشهاد وتوصيات المراقبين والخبراء الدوليين، بل ومنحت بذلك اشهاداً من منظمة الصحة العالمية بخلوها منه منتصف عام 2009م.ولا يعني تنفيذ أسبوع التحصين الموسع خلال الفترة (24 ـ 30 أبريل 2010م) أن هناك حملة تحصين بالجرعات الروتينية، إنما التحصين الروتيني قائم على كل حال، على مدار العام في جميع المرافق الصحية المقدمة لخدمات التطعيم في سائر المحافظات لتحصين جميع الأطفال دون العام والنصف من العمر بحسب مواعيد الجرعات المدونة بكرت التطعيم الخاص بالطفل، وكذلك الأمر بالنسبة لتحصين الفتيات والنساء في سن الإنجاب، من عمر (15 ـ 45 عاماً) بالجرعات الخمس ضد مرض الكزاز الوليدي، وذلك أن قدرة الجسم على مقاومة الميكروبات والجراثيم التي يؤمن التحصين وقاية منها مرهونة بالحالة المناعية التي يحصل عليها من خلال جرعات التطعيم، من أجل أن يتمكن من صدها ومنع الإصابة بها.وأشير هنا إلى أن تنفيذ المرحلة الأولى من النشاط ألإيصالي للتطعيم الروتيني للعام 2010م لم يتزامن مع أسبوع التحصين الموسع، نظراً لسوء الأحوال الجوية في أوروبا التي أدت إلى توقف الرحلات الجوية، ما سبب تأخر وصول اللقاحات عن موعدها المحدد.تعتزم وزارة الصحة تنفيذ هذا الأسبوع للتحصين بناءً على دعوة المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق البحر المتوسط للدول المنتمية إليه لإقامته وذلك بهدف تعزيز الوعي لدى الآباء والأمهات وفادة المجتمع وصانعي القرار بمشاركة القطاعات المختلفة لزيادة الدعم لبرنامج التحصين وتوفير الموارد المالية التي تضمن استمرارية هذا البرنامج الحيوي.وعموماً تتبع اليمن لتنفيذ برنامج التحصين استراتيجيات أثبتت النتائج فعاليتها وهي:التطعيم من خلال المواقع الصحية الثابتة: عبر المرافق الصحية المقدمة لخدمة التحصين بشكل مستمر طوال العام . جرعات اللقاحلقاح السل جرعة واحدة ولقاح شلل الأطفال (الجرعة التمهيدية)الجرعة الأولى من لقاح الخماسي والسعال الديكي ـ الخناق ت الكزاز ـ المستدمية النزلية (التهاب الكبد البائي) ولقاحي شلل الاطفال والمكوراث الرئوية (الجرعة الأولى)الجرعة الثانية من لقاحات (الخماسي + شلل الاطفال + المكوراث الرئوية) الجرعة الثالثة من لقاحات (الخماسي + شلل الأطفال + المكوراث الرئوية) لقاح الحصبة (الجرعة الأولى) مع جرعة فيتامين (أ) الجرعة الثانية ضد الحصبة مع جرعة فيتامين (أ)تنفيذ النشاط الإيصالي: من خلال إيصال خدمات التحصين للمناطق النائية التي تتوفر فيها مرافق صحية بواسطة فرق متحركة تعمل في القرى، وكذا عبر فرق تطعيم تخرج من المرافق الصحية للمنطقة إلى القرى أو العزل الواقعة في محيط المرافق.3) تنفيذ الحملات ضد (شلل الأطفال ـ الحصبة - الكزاز).وقد اعطت هذه الاستراتيجيات عندما اتخذت حيز التنفيذ تغطية كبيرة بالتطعيمات في أوساط الفئات المستهدفة.الأمر الذي يفرض على أولياء الأمور بالمجتمع إرساء قواعد الصحة بتحصين أطفالهم دون العام والنصف من العمر بكامل جرعات التحصين الروتيني وكذا تحصين الفتيات والنساء في سن الإنجاب من عمر (15 ـ 45 عاماً) ضد الكزاز الوليد.ولا ينبغي الانكفاء على التحصين والاهتمام به من الناس في المناسبات فقط كالحملات وأسبوع التحصين الموسع الذي نفذ في الفترة من ( 24 ـ 30 أبريل 2010م)، فالتحصين الروتيني قائم ومستمر طوال العام، والالتزام بجرعاته في مواعيدها جادة الصواب لنيل الفائدة والحماية الكاملة من الأمراض التي يؤمن التطعيم وقاية منها.