صنعاء / متابعات: شرعت الحكومة في تنفيذ توجهات هادفة إلى الاهتمام بالآثار في إطار توجهاتها لاستغلال القطاع السياحي كإحدى أهم موارد الدخل القومي للبلد وتقوم التوجهات الجديدة على إعداد استراتيجية وطنية لحماية الآثار والتنقيب عنها، خصوصاً بعد الاكتشافات الأثرية المهمة التي أعلن عنها مؤخراً في محافظتي مأرب والجوف. وكان رئيس مجلس الوزراء عبدالقادر باجمال وجه الأسبوع الماضي وزارة الثقافة والسياحة بإعداد استراتيجية وطنية لحماية الآثار والتنقيب عنها، وإعادة النظر في القانون الحالي للآثار بما يساهم في تفعيل دور الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات والأجهزة الحكومية الأخرى في حماية الآثار. وأوضح رئيس الهيئة العامة للآثار إن الجانب التشريعي والقانوني سيحظى بأهمية في إطار الاستراتيجية. منوهاً إلى مقترح قدمه رئيس الوزراء يقضي بتعيين قاضٍ متخصص في إطار المحاكم ليتولى مهمة الفصل في قضايا تهريب الآثار، والعبث بها؛ بالإضافة إلى تفعيل دور النيابة العامة للآثار ورفدها بالكوادر المتحمسة والقادرة على تفعيل هذا الجانب. وكان الاجتماع أسفر عن تشكيل فريق عمل برئاسة وزير الثقافة والسياحة وعضوية المختصين في هيئة الآثار والأكاديميين من جامعة صنعاء ليتولى مهمة إعداد تقرير متكامل حول واقع الآثار ومتطلبات تطويره. ومن المقرر أن يشمل التقرير المتوقع تقديمه إلى الحكومة خلال الأسبوع القادم الجوانب المؤسسية والتشريعية والتمويلية والبحثية، وحماية وترميم الآثار، إلى جانب الخارطة الأثرية لمختلف مناطق الجمهورية. وفي هذا الإطار قال رئيس هيئة الآثار أن اللجنة المشكلة ستعقد اجتماعها الثاني خلال اليومين القادمين من أجل تحديد الموضوعات المتعلقة بالإستراتيجية والمباشرة في البدء بصياغتها في ضوء تلك الموضوعات. ونقل موقع (المؤتمر نت) عن الدكتور عبدالله باوزير القول إن اللجنة عقدت الأسبوع الماضي أول اجتماع لها خصص لوضع رؤية حول الموضوعات التي ستتضمنها الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالآثار. وتسعى الحكومة إلى صياغة استراتيجية قادرة على خلق سياسة مؤسسية وعملية في آلية وطرق عمل الجهات المختصة تجاه عمليات التنقيب عن الآثار وحمايتها. وشدد رئيس الوزراء خلال الاجتماع الأخير والذي خصص لمناقشة واقع الآثار في اليمن على ضرورة إيجاد رؤية لاستغلال الإمكانات المادية والبشرية المتوفرة لدى هيئة الآثار، وتأطير وقوننة العلاقة مع البعثات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب عن الآثار في اليمن. كما أكد باجمال على ضرورة تدريب وتأهيل الكوادر المحلية وتوسيع دور الجامعات في المجال البحثي الميداني وعمليات التنقيب. وقال: ينبغي أن يكون هناك تواجد لنظراء يمنيين في جميع البعثات الأجنبية لتحقيق الاستفادة من العمل المشترك، بما في ذلك مشاركة الأكاديميين المختصين وطلاب الآثار في الجامعات اليمنية في أعمال التنقيب وحماية وترميم الآثار. ومثل حضور رئيس جامعة صنعاء وعدد من الأكاديميين في قسم الآثار بالجامعة أهمية خاصة وتأكيداً على وجود توجه حكومي لإشراك الجانب الأكاديمي في المساهمة بفاعلية في هذا المجال. من جانبه أكد باوزير على وجود تعاون كبير بين الهيئة وجامعة صنعاء، ورئيسها الدكتور صالح باصرة الذي قال إنه يبذل جهوداً طيبة في هذا الجانب. وكانت الهيئة العامة للآثار وجامعة صنعاء وقعتا العام الماضي اتفاقية للتعاون في مجال التعاون المشتركة وفي مجال التأهيل والتدريب لكادر الهيئة داخل الجامعة. وقال رئيس الهيئة نحن من ناحيتنا سوف نعمل من أجل إيجاد فرص مشتركة لتشجيع الكادر الجامعي للقيام بأعمال ميدانية وعلمية من ناحية والتوسع في النشاط الخاص بالآثار من ناحية أخرى،مشيراً إلى أنه سيتم كذلك تأهيل كادر الهيئة في مجال الدراسات اللغوية ودراسات الحاسوب. وعلى الصعيد نفسه وجه رئيس الوزراء جامعة صنعاء بإعداد مشروع لإنشاء كلية للآثار والسياحة في إطار التوجهات الحكومية الجديدة لإعادة هيكلة الكليات الجامعية وعلى وجه الخصوص كليات التربية. ومن ناحية أخرى تسعى الحكومة إلى إشراك المجالس المحلية لأداء دور فاعل في حماية الآثار والمناطق التاريخية، وإعادة النظر في توزيع مخصصات صندوق التراث لتوفير دعم مادي يسهم في تطوير قطاع الآثار. وتأتي التوجهات الحكومية بشأن الآثار عقب الإعلان عن نتائج الاستكشافات الأثرية وأعمال التنقيب التي قامت بها البعثة الألمانية في مأرب والبعثة الفرنسية في الجوف. ويقول رئيس هيئة الآثار إن البعثة الفرنسية التي تمول من قبل اليونسكو ستستكمل أعمال الحفريات في موقع السودة في الجوف للتنقيب عن بقية الأعمدة من ناحية، ومن ناحية أخرى حماية الموقع. ويؤكد الدكتور باوزير إن الهيئة بدأت باتخاذ الإجراءات بشأن عملية ترميم التفشي الكبير الذي تم اكتشافه في منطقة صرواح بمأرب من قبل البعثة الألمانية التي تتولى أعمال التنقيب هناك، مضيفاً أن النقش يحتاج إلى عملية ترميم للحفاظ عليه من التحلل الذي قد ينتج بسبب تعرضه لعوامل التعرية. وكان رئيس الجمهورية وجه الهيئة العامة للآثار والسلطة المحلية بمحافظة مأرب البدء في أعمال التنقيب عن الآثار في مدينة مأرب القديمة، عقب استقباله للدكتورة "أيريس جير لاخ" مديرة معهد الآثار الألماني بصنعاء، رئيس البعثة الألمانية للتنقيب عن الآثار في مأرب، التي قدمت تقريراً عن نتائج الاستكشافات الأثرية التي تمت في معبد أوام بصرواح، وفي منطقة مأرب. وشدد الرئيس على ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يحاول العبث بالآثار باعتبارها ملكاً للشعب وثروة وطنية. واشاد باوزير بتوجيهات الرئيس علي عبدالله صالح الأخيرة بالبدء بأعمال الحفر والتنقيب في مدينة مأرب القديمة وأوضح ان هذه الحفريات ستسهم في إيقاف أعمال العبث الجارية حالياً من قبل بعض من وصفهم بالعابثين ومرضى النفوس من ناحية، ومن ناحية أخرى سيتم حماية الموقع والقيام بأعمال حفريات منظمة ستسهم في النهاية في إبراز الأهمية الأثرية والتاريخية للمدينة. ويتوقع مسئولوا الآثار أن يسهم اكتمال مشروع المدينة في دعم مساعي اليمن لإدراج مأرب ومواقعها الأثرية ضمن قائمة التراث العالمي باليونسكو. من جهة ثانية قال الدكتور باوزير إنه سيتم التوقيع خلال الأسبوع المقبل على مسودة اتفاقية إعداد الدراسات والمخططات لمشروع متحف مأرب التاريخي بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ حوالي ثلاثة مليون دولار أمريكي. وساهمت الحملات الإعلامية التي شنتها مختلف وسائل الإعلامية اليمنية العام الماضي بخصوص عمليات تهريب الآثار والعبث بها في قيام الأجهزة الحكومية وفي مقدمتها أجهزة الأمن بحملات متواصلة أسفرت عن القبض على عدد من المتورطين في تهريب الآثار، بينهم أجانب، كما أحبطت عمليات لتهريب الآثار على المنافذ الحدودية لبلادنا. ورغم تقديم بعض المتورطين إلى القضاء إلا أن الأحكام القضائية بحقهم، والتي لم تتجاوز السجن أثارت الكثير من الدعوات المطالبة بتعديل قانون الآثار، واستحداث نصوص جديدة أكثر تشدداً إزاء المتورطين في عمليات التهريب. ويعول كثير من المهتمين أن تسهم الاستراتيجية الوطنية المزمع إعدادها في حماية الآثار والاستغلال الأمثل لها وبما يخدم أهمية هذا القطاع في إبراز وجه اليمني الحضاري والتاريخي من جانب ،واستغلاله في الترويج السياحي باعتبار السياحة الأثرية أهم المقومات السياحية التي تمتلكها بلادنا.
رئيس الوزراء يوجه جامعة صنعاء بإعداد مشروع لإنشاء كلية للآثار والسياحة
أخبار متعلقة