سعيد محمد سالمينيعد الكاتب الروائي ريتشارد رايت (ولد عام 1908م) واحداً من أهم الكتاب الزنوج في النصف الأول من القرن العشرين، وقد توفي عام 1960م وهو في الثانية والخمسين من العمر. وقد عرف عن قرب أثناء حياته القصيرة كيف يعيش أطفال الزنوج الفقراء العاملين في مزارع وضياع السادة البيض الأغنياء المتسلطين في الجنوب الأمريكي المتعصب، خاصة أنه هو نفسه سليل أربعة أجيال من العبيد، وقاسى ألوان الظلم والحرمان والجوع والبطالة، نتيجة المظالم الاجتماعية للتمييز العنصري في المجتمع الأمريكي، وقد عبرت معظم كتاباته بما فيها أعماله الروائية حول حياة الزنوج ومعاناتهم في مجتمع أمريكي يقوم على أسس قوية وراسخة من التفرقة العنصرية على الرغم من تطبيقه مبادئ الديمقراطية ودفاعه المعلن عن حقوق الإنسان على المستوى العالمي.[c1]بعض أعماله المنشورة :[/c]نشرت له إحدى المجلات التي تعنى بأدب الزنوج قصة قصيرة وهو في الرابعة عشرة من عمره، كما فاز كتاب ظهر له عام 1937م ويضم بعض القصص القصيرة بعنوان (أولاد العم توم) بجائزة مالية قدرها خمسمائة دولار كانت تمثل ثروة هائلة بالنسبة له في ذلك الحين. بعض الأعمال الكتابية التي صدرت له في كتاب (الفتى الأسود) وهو نوع من السيرة الذاتية للفترة المبكرة من حياته 1944م، ويصور حياة الزنوج في عشوائيات شيكاغو والمدن الأمريكية الكبرى، وكتاب (اسمع أيها الرجل الأبيض) والتي يسجل فيها الكثير من مساوئ التفرقة العنصرية، وآثام البيض في حق الزنوج، وكتاب بعنوان (الستار اللوني) مستلهماً في ذلك عبارة الستار الحديدي لكي يدلل على مدى قسوة العنصرية والتمييز العنصري والمظالم التي يخضع لها السود في أمريكا وفي المجتمعات الغربية بوجه عام.[c1]روايته الشهيرة (ابن البلد) :[/c]تسجل أعمال ريتشارد رايت شعور الإنسان الزنجي بالغضب إزاء الوضع المهني الذي يفرضه مجتمع البيض على الزنوج، وقد عبر عن ذلك الغضب بقوة وعنف في روايته الشهيرة (ابن البلد) التي صدرت عام 1940م. وتدور أحداث الرواية حول حياة شاب زنجي يعيش في حي الزنوج بشيكاغو، وتضطره ظروف حياته المضطربة إلى ارتكاب جريمة قتل، كانت ضحيتها الفتاة التي يعمل في خدمة عائلتها، ثم وجد نفسه ذات مساء يحملها وهي مخمورة إلى حجرتها، وحين تأتي أمها للاطمئنان عليها، خشي أن تحس بوجوده وتتهمه باغتصاب الفتاة البيضاء، وهي التهمة التي كثيراً ما توجه حتى الآن للزنوج. فكتم أنفاس الفتاة لكي تموت دون أن يشعر، ودون أن يتعمد ذلك، فالخوف الشديد والفزع من الإنسان الأبيض الظالم المتسلط كانا وراء الجريمة التي لم تكن تخطر للفتى الزنجي على بال.ولكن القضاء الأمريكي - حب الرواية - يتخذ موقفاً متحيزاً لا يأخذ بالظروف القهرية التي تدفع الإنسان الأسود في أمريكا إلى الجريمة بعين الاعتبار، ولا يتردد في أن يرسل (المجرم) إلى الكرسي الكهربائي على جرائم لم يكن يتعمد ارتكابها.وفي حقيقة الأمر، إن الرواية (ابن البلد) تمثل إدانة للعنصرية، وتوجه اتهاماً صريحاً لأمريكا العنصرية التي تحب ألا تعترف بأن المجرم الحقيقي هو البيئة التي يعيش فيها الزنوج. ويعتبر النقاد رواية (ابن البلد) قمة التراجيديا الأمريكية الزنجية، فهي تدور حول مشكلة عدم التوافق الاجتماعي في أمريكا، وأثر البيئة الاجتماعية في السلوك الفردي ومشاكل الجريمة والعقاب في مجتمع يقوم على العنصرية ضد السود، وأن الإنسان الأسود هو في آخر الأمر ضحية اللامبالاة في ذلك المجتمع، وأن الظلم الذي يقع على الإنسان الأسود له جذور عنصرية عميقة في أمريكا.لقد سجل ريتشارد رايت اسمه في تاريخ الأدب الزنجي.. المعبر عن معاناة الزنوج في المجتمع الأمريكي الذي يحمل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة رغم عنصريته الشديدة وعدائه الصريح لأبنائه الزنوج .