حدث وحديث
إن رجال الأعمال والمثقفين وصفوة المجتمع والشباب بارعون في التملص من المسؤوليات, ويلقون بالمسؤولية, كل المسؤولية, على القيادة السياسية والدولة, وكأن الحكومة ورجالاتها ليسوا من الشريحة العامة للمجتمع, هذا على المستوى الداخلي, أما على المستوى الخارجي فإن المؤامرات الخارجية والتعامل مع المخابرات الأجنبية لا يمكن لها أن تؤثر في نظامنا السياسي إذا لم تكن هناك أيد فارغة تستجدي قوى خارجية للخوض في المجهول.فما أسهل الموقف الذي يعفي فيه الشخص الفاعل نفسه من المسؤولية العامة وما أرخص الفرد النكر الذي يقدم مصلحته الذاتية أو الفئوية ليتآمر على أبناء المجتمع وعلى منجزات الوطن, فلماذا لا نوحد طاقاتنا العقلية في بناء أسس المجتمع الحديث!!لقد استفحل الخلل في كل مرافق العمل والإنتاج وأصبح الصغير والكبير منخرطاً في هموم السياسة ومتاهاتها, وتلاشت شفافية المعلومات وتراكم المعرفة ولم يعد هناك من يبحث في المشاكل الحقيقية للمجتمع لينزع فتيل الفتنة والتفرقة ويكاد الجميع يعيش في فوضى عارمة على كافة المستويات.أنظروا إلى الكم الكبير من الصحف السيارة, كيف تبث النعرات وتصدر الأزمات وتفرخ التشرذم والفرقة.. وعوا ماذا وراء الاحتقانات التي تتدحرج ككتلة الجليد.إن القيادة السياسية تسير وفق أنظمة وقرارات عقلانية وأسس منهجية ولها خطط وبرامج وإستراتيجيات, ولا ريب أن لا يتطابق التنظير الذي تقدمه القيادة السياسية مع الواقع العملي, وأن يكون هناك تخبط عشوائي في بعض البرامج والإستراتيجيات, لكن الحلول والمعالجات لا تأتي بالحديث الجزاف والكلام الأرعن.. هنا يأتي دور الخبراء والمشاركين والمستفيدين والمتابعين في التأثير على أصحاب القرار.. وهذا يتطلب معرفة المشكلة وتحليل أبعادها ووضع الخطوات العملية السديدة لتصحيحها وحلها, لا تكريس ما هو قائم, وإبداء آراء تزيد الطين بلة, ورفع شعارات عدائية للوطن والوحدة لتكريس المزيد من التخبط والتخلف.إننا بحاجة إلى إصلاح في الجانب الإداري والجانب المالي والجانب الاقتصادي و.. وهذا الإصلاح يتطلب مشاركة كل الأطراف والأطياف السياسية والاجتماعية والثقافية للقيام بحوار راقٍ وهادف مدعوم بالتصورات والأفكار العملية, واضعاً المصلحة العامة فوق كل اعتبار.علينا تغيير الوضع الراهن, ونمنع الشباب الفقير, فضلاً عن الشباب الغني المتعلم من الهروب إلى خارج الوطن, وعلينا إيقاف انحسار الرقعة الزراعية المنتجة, من خلال إيقاف البناء الخرساني عليها وتشجيع القوى العاملة في مجال الزراعة, وعلينا زيادة الإنتاج الصناعي وتحسين نوعيته وإشراك المزيد من القطاع الخاص للاستثمار في تطوير الصناعة وصناعة المواد الغذائية وتبني نهضة الوطن.. وعلينا استقطاب الأيادي العاملة والمنتجة والعقول المبدعة والقادرة على العطاء.. علينا تقويم النظام السياسي والعمل معه واستخدام التعددية والديمقراطية في الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي.. وإنشاء مجتمع صالح يكرس خدمات جليلة في مجالات الصحة والتعليم وشؤون الحكم وإنشاء السلام والأمن, وعلينا المعالجة الشاملة والعادلة لكل قضايانا.. علينا أن نبدأ من أنفسنا لتحقيق اليمن المنشود الخالي من كل عقد الماضي البغيض يمن الوحدة والديمقراطية والاستقرار.