دراسة بحثية تؤكد ضرورة زيادة الاهتمام بالقضية السكانية من قبل مختلف الأطراف
أمين عبدالله إبراهيمأصبح من الواضح اليوم وخاصةً في ظل الإشكالات والتعقيدات المتداخلة والمترابطة مع بعضها البعض الناتجة عن العلاقة التبادلية والتفاعلية الواضحة والمستمرة بين السكان والتنمية، أن للإعلام دوراً كبيراً إيجابياً في تبني العديد من القضايا والمسائل السكانية والتنموية التي تشهدها بلادنا وذلك من خلال توليه مسئولية رفع مستوى المعرفة وتغيير الاتجاهات وأنماط السلوك السائدة في المجتمع حول تلك القضايا وخاصة قضايا السكان والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة باعتبار أن التوعية السكانية من شأنها مساندة عملية تحقيق السياسات السكانية من شأنها مساندة عملية تحقيق السياسات السكانية والتنموية وبالتالي الإسراع في تنفيذ برامجها وأهدافها المرسومة بالشكل المطلوب.وفي هذا الصدد، ونظراً لأهمية وفاعلية دور الإعلام الجماهيري بمختلف قنواته ووسائله وكذا عملية التثقيف والاتصال السكاني في مجال نشر وتعزيز وتوسيع دائرة الوعي بقضايا السكان والتنمية والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، فقد أجريت خلال السنوات القليلة الماضية بعض الدراسات العلمية والأبحاث المكتبية والميدانية حول دور الدراسات العلمية والأبحاث المكتبية والميدانية حول دور الجانب الإعلامي والحملات الإعلامية في التوعية السكانية، كان آخرها، الدراسة التي قام بها الباحث الأستاذ الدكتور/ أحمد مطهر عقبات - عميد كلية الإعلام (سابقاً) الذي وقف من خلالها أمام خصوصيات حالة اليمن السكانية في ظل الواقع المعاش وعلاقتها المباشرة بالتنمية، ووضع إستراتيجية مقترحة لتلبية طموح الجمهورية اليمنية في حقل السكان، بساهم الإعلام في تقديم خدمات توعية يتقبلها الجمهور اليمني، من شأنها تسهيل عملية تحقيق السياسة الوطنية للسكان.وقد تمحورت هذه الدراسة في الإجابة عن عدة تساؤلات حول إشكاليات السكان في اليمن، ووضع إستراتيجية للتنمية وحملات إعلامية مناسبة في إطار طبيعة الوضع السكاني ومعدلات النمو وإشكاليات التنمية، وكذا في إطار إستراتيجية العمل الإعلامي وما يمكن أن يقدمه الإعلام في جانب التوعية السكانية، وأسس الشراكة بين الإعلام والتثقيف والاتصال السكاني.واعتمد الباحث في هذه الدراسة التي قدمت ونوقشت في الدورة التدريبية الخاصة بأساسيات الدراسات السكانية والتنمية البشرية والتي نظمها مركز التدريب والدراسات السكانية بجامعة صنعاء بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، اعتمد فيها على المنهج الوصفي بتفحص واقع اليمن الاجتماعي والاطلاع على البحوث والدراسات والمستهدفة في حقل السكان بصورة عامة والبحوث والإحصاءات والكتب المتعلقة باليمن بصورة خاصة، لوصف الحالة السكانية عن قرب ووضع الرؤى الكفيلة بتحقيق هدف الدراسة في جانبها السكاني والإعلامي.وقد خلصت نتائج هذه الدراسة البحثية الهامة إلى ضرورة زيادة الاهتمام بالقضية السكانية من قبل مختلف الأطراف وخاصة الجهات ذات العلاقة ومجالات الاهتمام بالسكان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأهمية وضع إستراتيجية إعلامية تتضح من خلالها أسس واضحة لشراكة حقيقية بين الإعلام والتثقيف والاتصال السكاني، حيث أصبح معلوماً أن معدل النمو السكاني السنوي مازال ِمرتفعاً، فعدد السكان يصل في الوقت الحاضر إلى أكثر من 22 مليون نسمة، ويتوقع زيادة تدريجية بصورة مضطردة، في الوقت الذي لا تزال اليمن تعاني من إشكالات تنموية شتى لا تفي باحتياجات السكان الضرورية، فتتسع دائرة البطالة والفقر، ما ينعكس سلباً على تقديم الخدمات التي تتناسب مع النمو السكاني في اليمن، الأمر الذي يحتاج إلى معالجات فعلية بتزامن توعوي تثقيفي يتولاه الإعلام السكاني بمسؤولية كاملة.وبينت الدراسة أنه برغم اتضاح الرؤية في أن هناك سياسات وإستراتيجيات كثيرة وضعها الباحثون والمهتمون ورجال السياسة والاقتصاد لمواجهة هذه الظاهرة بوضع الثوابت الهامة للسير في معالجة مشكلة النمو السكاني بالتوازن مع تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بحسب التخصصات والتطلعات المختلفة للكيفية التي من خلالها يمكن الوصول إلى اقصر الطرق لتحقيق نتائج مرجوة، وأن هناك جهوداً إعلامية لتعزيز الوعي السكاني، إلا أنه ينبغي تكثيف العمل والجهود بشكل أكبر وأدق وذلك من خلال العمل على ما يلي:أولاً: مواصلة العمل الجاد في التأثير المباشر وغير المباشر على خفض عدد المواليد بما يؤدي إلى خفض الخصوبة لأن نقص الموارد المتاحة يؤدي إلى تدني نوعية الحياة في ظل زيادة النمو السكاني.ثانياً: الإسراع في تنفيذ برامج الإصلاح الإداري والقضاء على الفساد باعتباره يمثل إحدى الركائز الأساسية الهامة لتحسين الأداء الوظيفي ووتيرة العمل الإنتاجي وتطويره في القطاعات المختلفة، والاستعانة بتنفيذ التوصيات التي خرجت بها المؤتمرات والدراسات والبحوث العملية التي كرست لهذا الغرض.ثالثاً: الاهتمام الكافي بالقطاع الزراعي والتخلص من زراعة القات، وإحلال المحاصيل الزراعية المفيدة محله، لسد الاحتياجات الضرورية ورفد الدخل القومي بالموارد اللازمة، وتشجيع العاطلين للعمل في القطاع الزراعي.رابعاً: تطوير التعليم الفني والمهني ودعمه بالإمكانات المادية والأجهزة المطلوبة والكوادر اللازمة وتشجيع الملتحقين به.خامساً: وضع برنامج عمل تنفيذي للقضاء على الأمية وتعليم الكبار ليتمكن الجميع من استيعاب المعارف والمستجدات الحياتية لتوعية الأسرة والمساعدة للمشاركة الفاعلة في تحقيق التوازن بين النمو السكاني والتنمية.سادساً: تكثيف برامج الاتصال الجماهيري لاستمرارية التوعية والتثقيف بمشكلة السكان، والتنسيق بين المراكز الثقافية ووسائل الإعلام للحصول على المستجدات في عالم المعرفة والنزول الميداني المستمر لمشاركة الناس في برامج الإذاعة والتلفزيون من خلال اللقاءات وإعداد البرامج الوثائقية للاقتراب من واقع الحياة اليومية للمواطن، والتركيز على الجوانب المتعلقة بالإنجاب والأسرة بصورة عامة، وكذلك إمكانية إنتاج برامج تمثيلية تخدم قضية التوازن بين الدخل القومي والتنمية الشاملة والنمو السكاني باعتبار أن أساليب التمثيل والحوار في الوقت الحاضر من اقصر الطرق لنشر التوعية السكانية، لاسيما في تلك المناطق التي لازالت الأمية تجد لنفسها مكاناً، نظراً لقدرة الوسائل والوسائط السمع بصرية في تحقيق الأهداف المرجوة من برامجها، إلى جانب الإستراتيجيات المقترحة للإعلام السكاني الواردة في البحث، التي ستعمل على تعميق الوعي الجماهيري إزاء ضرورة إيجاد توازن حقيقي بين معدلات النمو الاقتصادي والزيادة السكانية من أجل مستقبل أفضل.