سلال السيد محمد يمكن تعريف الثقافة بأنها طريقة حياة الناس، وأنها عبارة عن نسيج من المعرفة والمعتقدات والقيم والمهارات وأنماط التفكير، والمؤسسات التي يعين فيها الفرد ويتعامل معها.ويدخل في إطار الثقافة الأساليب التي يتبعها الأفراد لكسب العيش، والأبطال الذين يقدسونهم، والموسيقى التي يلعبونها، والفنون الشعبية التي يمارسونها، وأسلوب التربية والتنشئة الاجتماعية لأطفالهم، وأسلوب انتقالهم واتصالهم، والتنظيم الأسري، وهذه وغيرها من البنود مما لا يمكن حصرها في هذا المجال الضيق تكون الثقافة التي يعيش في ظلها الناس، فالثقافة تعتبر الجانب المهم من البيئة التي صنعها الإنسان بنفسه.ومن التعريف السابق يتضح أن الثقافة تختلف باختلاف المجتمعات والشعوب، فطالما أن كلاً منها عاش ظروفاً وأحوالاً مختلفة فإنه ينتج عنها ثقافة مختلفة توجه وتحدد سلوك الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه.والثقافة ما دامت من صنع الإنسان فهي تختلف من مجتمع إلى آخر، كما أنها تختلف من زمن لآخر بالنسبة لنفس المجتمع، لأنه من الواضح أن ما يفعله الناس وما يعتقدونه وما يعطونه قيمة وغير ذلك يختلف من مجتمع إلى آخر، ويتغير على فترات زمنية طويلة.وفوق ذلك فإن ما يعتقده فرد معين وما يفعله وأسلوب استجابته لمختلف المثيرات في بيئته يتوقف على الثقافة التي يشب في ظلها هذا الفرد. فلو أن طفلاً رضيعاً ولد في ظل ثقافة شرقية ونقل وهو في هذه السن المبكرة إلى مجتمع غربي، لاشك أن هذا الطفل سيشب متبنياً أنماط السلوك السائدة في المجتمع الجديد، وسيصبح مثله مثل غيره من المواطنين الغربيين في اتجاهاته ووجهات نظره والمهارات والعادات التي تحكم سلوكه، والعكس صحيح.ولا نغالي إذا قلنا أن الثقافة تصنع وتشكل الجوانب الأساسية من شخصية الفرد الذي يعيش في ظلها.. وهي بذلك تؤثر تأثيراً كبيراً على سلوكه وأفعاله وتصرفاته في الحياة.وكثيراً ما يأخذ الإنسان معه هذه الثقافة إذا هاجر من بلد إلى آخر. فاليمني عندما يهاجر إلى بريطانيا أو الولايات المتحدة مثلاً، يحمل عادة معه الثقافة اليمنية إلى حيث يعيش كالمعتقدات والقيم والتقاليد وأساليب التفكير والنظرة إلى مختلف الأمور.وكثيراً ما نسمع - مثلاً - عن الشخصية اليمنية وهي تمثل الشخصية الشائعة للفرد المتوسط الذي يعيش ويتربى في ظل ثقافة المجتمع اليمني. وقد تكون هناك فروق في الشخصية بالنسبة لمختلف اليمنيين نتيجة لمستوى تعليمهم، وطبقتهم الاجتماعية والأعمال التي يقومون بها، التي تجعل أثر المؤثرات الثقافية عليهم مختلفاً تبعاً لذلك.ولكن بالرغم من أن الأفراد في أي مجتمع يصنعون الثقافة إلا أن هذه الأخيرة تعيش وتستمر بعد رحيل هؤلاء الأفراد من هذه الأرض، وتكون لنفسها حياة وكياناً مستقلاً عن حياة الأفراد الذين صنعوها. وقد أقام المجتمع - وخاصة بعد أن تعقد هذا المجتمع ونما حضارياً - مؤسسات اجتماعية كالمدرسة من وظيفتها ضمان استمرار هذه الثقافة ونقلها إلى الأجيال المتعاقبة، وكذلك من وظيفتها المحافظة على التراث الذي يريد المجتمع المحافظة عليه، وتطوير وتدعيم بعض جوانب هذا التراث، مع محاولة التخلص من الجوانب السلبية أو السيئة من هذا التراث.وكثيراً ما يجمع الأفراد نوعاً من الاتفاق على كل ما يعتبره سلوكاً مناسباً ومهذباً. كل هذه الأشياء التي تتقبل عموماً بواسطة أعضاء المجتمع يطلق عليها عموميات الثقافة. وكما نلاحظ فإن عموميات الثقافة لها تأثير واضح على سلوك الأفراد لأن الطفل يشب ليجد نفسه طوعاً أو كرهاً يتبع ما هو سائد في مجتمعه بالنسبة لعموميات الثقافة، فنجده يأكل على الطريقة التي يأكل الناس بها ويتزوج حسب العرف والتقاليد السائدة ويفكر بالأسلوب الشائع. ويعتقد نفس المعتقدات الشائعة بين جموع الناس بالنسبة للمسائل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المهمة.وخلاصة القول أن الثقافة قد مكنت الفرد من الاستفادة من خبرات الأجيال السابقة ونقلها إليه، وذلك حتى لا يبدأ الفرد من فراغ نشاطه في كافة نواحي الحياة. ولكن كثيراً ما تفرض الثقافة السائدة في مجتمع ما قيوداً معينة على تصرفات الفرد، وعلى تفكيره وعلى حريته في التعبير عن نفسه، مما تؤثر على شخصية هذا الفرد بأشكال مختلفة.
الثقافة وأثرها في سلوك الإنسان
أخبار متعلقة