يبدو أن الأزمة المالية العالمية والأزمة العقارية التي أصابت معظم بلدان العالم جعلت الكثير من الدول تعيد التفكير في قطاعات رئيسية تم إهمالها في السابق لصالح قطاعات أخرى.وبين التقرير الصادر عن شركة المزايا القابضة أن القطاع الصناعي عاد إلى صدارة القطاعات الأكثر رغبة في الاستثمار من قبل المستثمرين لما يمكن من خلاله تحقيق القيمة المضافة وفتح الأسواق الجديدة والمساهمة في بناء الاحتياطات الأجنبية وتشغيل العمالة .وبين التقرير الذي أوردته صحيفة «الخليج» الإماراتية أن القطاع الصناعي وخصوصاً الشرائح الصناعية المتعلقة بالأغذية والأدوية والمنتجات الاستهلاكية تعد من القطاعات الدفاعية التي تستطيع مقاومة الركود الذي يطبق على الاقتصاديات العالمية.ولاحظ التقرير أن معظم الدول العربية تسعى إلى إحداث نقلة نوعية في قطاعاتها الصناعية وخصوصا تلك الموجهة للتصدير إلى الخارج وبالتالي عملت على إعادة هيكلة القوانين المتعلقة بالاستثمار والتصدير والنقل والضرائب وغيرها لكي تمنح القطاع الخاص المبررات الكافية لاتخاذ قرار الاستثمار خصوصا في ظل توفر عوامل الإنتاج الأخرى من العمالة الرخيصة نسبيا والموارد الطبيعية والمواد الأولية وغيرها .وسلط تقرير شركة المزايا القابضة الضوء على التجربة السورية في التصنيع حيث لاحظ جهوداً سورية واضحة في توسيع القاعدة الاستثمارية بشكل عام والقاعدة الاستثمارية الصناعية بشكل خاص، وإزالة العوائق التي قد تعترضها من خلال وضع برامج وخطط تنموية تهدف إلى تحقيق التوظيف الأمثل للموارد بما يعود بالنفع والقيمة المضافة على القطاع الصناعي والاقتصاد بشكل عام، لذلك بلغت حصيلة الاستثمارات العامة والخاصة خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة نحو 45 مليار دولار، فيما تخطط الحكومة السورية الوصول إلى 90 مليار دولار خلال الخطة الخمسية الجديدة وتتطلع إلى أن تصل مساهمة القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي منها إلى أكثر من 50 مليار دولار .
المدن الصناعية
وأشار التقرير إلى تصريحات نسبت إلى رئيس الوزراء السوري حول نية سوريا إحداث نقلة نوعية في مضمار البناء والتنمية، وستكون بمثابة مركز استقطاب تنموي ونقطة جذب للمشاريع التي تبحث عن بيئة آمنة وعن فرص استثمار ذات جدوى اقتصادية وربحية.وأوضح تقرير المزايا أن سوريا غنية بالفرص الاستثمارية، وتحفز رؤوس الأموال للاستثمار، مبيناً أن توافر المدن الصناعية في سوريا والتسهيلات التي تقدمها يشجعان على تحفيز الاستثمار، كما تطرق إلى العقبات التي تواجه المستثمرين، مشدداً على أهمية معالجة ضعف البنى التحتية التي تسهم في تشغيل المعامل والمصانع، داعيا إلى تجاوز البيروقراطية التي قد تقف حجر عثرة أمام الاستثمارات .إلى ذلك، رصد التقرير الأسبوعي للمزايا القابضة قيام الحكومة السورية بإقامة المدن الصناعية لتكون حاضنات للأعمال والمشاريع الاستثمارية والصناعية، حيث زاد معدل النمو السنوي ليصل إلى 5.5% بالأسعار الثابتة للعام 2009 وارتفعت قيمة الناتج المحلي لتصل إلى 1422 مليار ليرة، مقارنة بـ1343 ملياراً العام 2008.
قطاع الكهرباء
كما ازدادت مساهمة القطاع الخاص في عملية الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 65.5 % العام ،2009 مقابل 64.5 % العام ،2008 وازداد حجم الموازنة العامة للدولة من 460 مليار ليرة العام 2005 إلى 685 ملياراً العام 2009 ليصل إلى 754 مليار ليرة العام 2010.وقال التقرير إن سوريا تترقب مرحلة الدخول في منظمة التجارة العالمية بعدما قبل أعضاء منظمة التجارة العالمية دراسة طلبها المقدم منذ نحو 9 سنوات، تمهيدا لمفاوضات القبول في المنظمة.وتسعى سوريا إلى تحقيق نهضة صناعية تساعدها عند الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية على المحافظة على توازن الميزان التجاري خصوصا في السلع الصناعية، وبين التقرير أن السلطات السورية وبالتعاون مع القطاع الخاص تسعى إلى تعظيم الاستفادة من الاتفاقات التجارية مثل منظمة التجارة العالمية والشراكة مع الاتحاد الأوروبي في فتح أبواب ومجالات جديدة للمنتج السوري وإقامة مشاريع مشتركة للاستفادة من رخص اليد العاملة، والمواد الأولية مقارنة بدول المنشأ الأخرى.[c1] القوانين الاقتصادية[/c]وأشاد التقرير الأسبوعي للمزايا القابضة بقيام الحكومة السورية بإعادة النظر في كثير من القوانين الاقتصادية وقوانين الاستثمار لتتوافق مع منظمة التجارة العالمية، حيث أقرت الحكومة السورية مجموعة من القوانين منها قانون حماية الصناعة الناشئة ويهدف إلى الحفاظ على الصناعات الناشئة كما يدعم هذا القانون الاستثمار في الصناعات الجديدة ويحفز على إعادة هيكلة وتأهيل الصناعات القائمة التي تحتاج إلى ذلك.وأشاد التقرير بتلك الجهود المبذولة لتطوير الصناعة واليد العاملة المرتبطة فيها، حيث وقعت سوريا اتفاقية ممولة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 20 مليون يورو ويهدف إلى دعم تنافسية الصناعة السورية من أجل النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وبناء القدرات والمهارات للعاملين في قطاع الصناعة التحويلية .وبين التقرير أن الاقتصاد السوري يعتمد بشكل كبير على المشاريع الصغيرة والمتوسطة حيث تقوم تلك المشاريع بتوفير فرص العمل لجانب كبير من القوى العاملة خصوصا في المحافظات والمناطق البعيدة عن العاصمة دمشق.وبحسب وزارة الصناعة السورية فإن المشاريع الحرفية في سوريا تشكل 76 % من مجمل منشآت القطاع الخاص الصناعي التي يصل عددها إلى 96 ألف منشأة، وتشغل ما تصل نسبته إلى 54 % من إجمالي عمالة القطاع الخاص الصناعي.[c1] التحديات والمعوقات[/c]وبين التقرير أن من التحديات التي تواجه المشاغل والمصانع الصغيرة والمتوسطة في سوريا تطوير التكنولوجيا والارتقاء بها لكي تنافس مثيلاتها حول العالم بما يتوافق مع متطلبات الاندماج في الاقتصاد العالمي.وبين التقرير أن الحكومة السورية وضعت سقوفا كمية لتحديد المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فالمشاريع الصغيرة هي تلك التي تشغل 50 عاملا وأقل بينما لا تتجاوز مبيعاتها 50 مليون ليرة سورية، فيما المشاريع المتوسطة التي يزيد عدد عمالها على 50 ويصل إلى 250 عاملا ومبيعاتها لا تتجاوز 250 مليون ليرة سورية .ولاحظ التقرير أن وزارة الكهرباء في سوريا ستسعى خلال الفترة المقبلة إلى إشراك القطاع الخاص بمشاريع توليد الكهرباء خصوصا في المصادر المتجددة، حيث أعلنت المؤسسة العامة لتوليد ونقل الطاقة الكهربائية عن تنفيذ مشروعين لتوليد الطاقة الكهربائية من المزارع الكهروريحية من قبل القطاع الخاص، بقدرة 50 - 100 ميجاوات لكل منهما.[c1]قطاع الكهرباء[/c]واضح أن قطاع الكهرباء يشكل أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد السوري، فإضافة إلى مساهمته في تكوين الناتج المحلي، وتوفير فرص العمالة المباشرة وغير المباشرة، يلبي هذا القطاع حاجة سوريا من الكهرباء سواء بالنسبة للنشاط الاقتصادي في القطاع الإنتاجي والتجاري والخدمي، أو الاستخدام المنزلي، ويسهم بالتالي في تأمين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.ورصد التقرير الذي يصدر بشكل أسبوعي اهتماماً سورياً بمشروع سكك الحديد لناحية إمكانية وجود فرصة مباشرة وفريدة لربط دول الخليج عبر الأردن بالاتحاد الأوروبي مرورا بسوريا وتركيا، حيث رصدت سوريا 280 مليون دولار لهذه الغاية.وقال التقرير إن مشروع الربط السككي يعتبر خطوة مهمة ومطلوبة لإقامة مشاريع نقل مشتركة تعود بالمنفعة الاقتصادية والاجتماعية على دول المنطقة خصوصاً أنه يجعل من سوريا بوابة رئيسة لنقل وعبور البضائع والركاب من الدول الأوروبية إلى الدول المجاورة ومنطقة الخليج، إذ إنه يزيد كمية البضائع المنقولة «ترانزيت» من أوروبا إلى دول الخليج، وسيساهم أيضاً في زيادة حركة الركاب، وتطوير الحركة السياحية، وخصوصاً بعد وصله إلى السعودية ودول الخليج، أي إلى الإمارات والكويت وقطر والبحرين.[c1] صناعة الدواء[/c]وتشير إحصاءات اتحاد منتجي الدواء العرب إلى تبوؤ سوريا المرتبة الثانية عربياً من حيث تصدير الدواء بقيمة تبلغ 210 ملايين دولار، بعد الأردن التي سجلت 370 مليون دولار، ثم مصر والإمارات، وبين التقرير أن نحو 65 معمل أدوية يعمل في البلاد، يعمل 80 % منها لخدمة السوق المحلية وتلبية حاجاته البالغة 550 مليون دولار، فيما تمكن خلالها الدواء السوري من الدخول إلى 54 دولة عربية وعالمية، ليصبح الأول في العراق واليمن.وشدد التقرير على أهمية معالجة قضايا جوهرية لحماية الإنتاج الدوائي السوري خصوصا مع دخول سوريا منظمة التجارة العالمية التي ستمنع تصنيع أي دواء جديد في غير مصنعه الأم، وستفرض شروط حماية كبيرة على هذه المنتجات، وستكون سوريا وغيرها من الدول مضطرة لشراء الدواء من مصدره الأصلي والخضوع لسعره المرتفع.[c1] الصناعات الغذائية [/c]وأوضح التقرير أن قواعد منظمة التجارة العالمية تنص على اعتبار كل ما أنتجته الدولة حقاً لها، وفي حال الصناعات الدوائية تعتبر منتجاتها بمثابة منتجات منسوخة .وقال تقرير المزايا القابضة إن قيمة الصادرات الغذائية السورية بلغت العام الماضي 148 مليار ليرة (أي نحو3.2 مليارات دولار)، ولاحظ التقرير أن نحو 2000 منشأة صناعية تعمل في مجال الصناعات الغذائية وتشغل آلاف العمال السوريين .وأشاد التقرير بالخطوة التي تهدف ضمان جودة المنتجات الغذائية السورية، حيث دشنت وزارة الصناعة بالتعاون مع غرفة صناعة دمشق، مركزاً تخصصياً تكنولوجياً غير ربحي لتطوير الصناعات الغذائية وتأمين المخابر المؤهلة والعمالة المدربة، كما سيكون من وظيفته إصدار شهادات الاختبارات والتحاليل للصناعات الغذائية سواء المنتج والمباع أو المعد للتصدير أو المستورد .