الشاعر والملحن حسن عبد الحق لـ ( 14اكتوبر ) :
لقاء/ علي الخديري:حسن عبد الحق شاعر رقيق وحساس جاء في زمن غير زمانه رغم اختياره الموفق للمكان والإقامة فيه،يحمل طموحاً فنياً كبيراً جامعاً فيه ما بين العاطفة الجياشة والحس الوطني والقومي ورقة المشاعر والرقي في طرح الأفكار الراقية الأقرب إلى المنهاج الفلسفي الواقعي الذي لا مكان له في بلادنا وعالمنا العربي في وقتنا الحاضر.الشاعر حسن عبد الحق المقيم في محافظة عدن لو كان ظهر في الزمن الذهبي من الحراك الفكري والثقافي والفني الذي عاشته عدن حتى وقت قريب لكان رقماً صعباً بين الكبار ويشار إليه بالبنان ولكن حظه إنه ظهر في زمن الجفاف والهوشلية والعشوائية وسوء التخطيط والتنظيم والاتكالية.وفي دردشة جمعتني بالشاعر والملحن اليمني المتميز/حسن عبد الحق خرجت منها بحصيلة جيدة من الأفكار والآراء عن الأغنية اليمنية لملمتها في كلمات لتصبح جملاً مفيدة لقراء (الصفحة الثقافية في صحيفة 14 أكتوبر).اليمن تمتلك مخزوناً ثقافياً وتراثياً متنوعاً* كثرت في السنوات الماضية شكاوٍ تصف الأغنية اليمنية بتراجع مستواها هل لنا معرفة تقييمك كشاعر وملحن موجود على الساحة؟- في الحقيقة واقع الأغنية اليمنية صعب أخصها بالتقييم بعيداً عن واقع الأغنية العربية كون الأغنية اليمنية تشكل جزءاً أساسياً من الأغنية العربية تاريخياً وواقع الأغنية اليمنية لا يسر إذا نظر إلى مكانتها ومستواها قبل عقود زمنية بغض النظر عن الأسباب الخارجية تظل المشكلة ذاتية لدينا،كيمنيين لأننا المسؤولون عن التقوقع والإخفاقات التي أصابت الأغنية اليمنية وتقهقرها واليمن تمتلك مخزوناً ثقافياً وتراثياً كبيراً ومتنوعاً وبذور الإبداعات في العقود الماضية لامست أجزاء من المخزون الكبير وكان للأغنية اليمنية حضوراً متميزاً داخلياً وخارجياً وهذا ما يفتقده جديد الأغنية اليمنية مع الإشادة بدور الإخوة الفنانين في الخليج العربي الذين كانوا السباقين في نشر الأغنية اليمنية في الخارج والتعريف بها ومعهم فنانونا اليمنيون المتواجدون في دول الخليج.رحب الروحاني بمشروع الرؤية الذي انتهى بمغادرته الوزارة* تعتقد ما هي أبرز الأسباب التي أدت إلى تقهقر الأغنية اليمنية وأحالت دون تقدمها؟- أبرز الأسباب أوجزها في:= عدم وجود توصيف صحيح للفنان.= غياب المرجعية التي يحتكم إليها الفنانيون في شؤونهم.= عدم الاستفادة من الرموز المتبقية من الجيل الذهبي.= غياب النقد الفني.= عدم استغلال الحفلات المناسباتية الاستغلال الأمثل . * عفواً أستاذنا حسن النقد موجود؟- قد تكون فكرتي لم تصلك وللإيضاح النقد ضروري في المشهد الثقافي والإبداعي وأقصد أن النقد بالفعل حاضر نسبياً في الجانب الأدبي بينما غائب في الجانب الفني الغنائي ونحن في اليمن نفتقد إلى النقد المتخصص المتمكن والناقد الدارس المتسلح بأدوات النقد والتقييم من منظور أكاديمي علمي يسهم في التطوير ونحتاج إلى النقاد المخضرمين أصحاب التجربة والخبرة الذين يرتقون إلى مستوى المتخصص الأكاديمي الذين يمكن الاستفادة منهم نظرياً وإذا ظللنا نعتمد عليهم فمن الصعب أن ترتقي أعمالنا الفنية إلى حجم المهمة ومستواها الوطني وما بعد على اعتبار أن الثقافة والفنون تتجاوز الحدود الوطنية للدول.* في رأيك ما هي الأدوات التي يمكن أن تساعد الفنان اليمني على الانتشار؟- عندما كان الأستاذ عبد الوهاب الروحاني وزيراً للثقافة تقدمت له مع مجموعة من الزملاء برؤية مبدئية لخطوط عريضة لصناعة النقد الفني على أسس ومعايير ومقاييس من خلال المهرجانات الدورية المحلية ولجان تحكيمية على أسس ومعايير حقيقية يكون قد سبق اختيارها ومرجعتها وإقرارها من قبل مرجعية محايدة وتتبنى وزارتا الثقافة والإعلام الترويج المباشر للخمسة الأوائل،المتفوقين المتميزين كأصوات فنية غنائية وتكون تلك المهرجانات الدورية منتظمة كل عام أو كل عامين ويمكن الدفع بتلك الأصوات المكتشفة المتميزة في المناسبات الوطنية،حينها الوزير الروحاني رحب بالفكرة مشكوراً بحضور نخبة من الفنانين والأدباء وبدأنا الخطوات التحضيرية لتنفيذها على الواقع ألا أن مشروع الرؤية انتهت بمغادرة الوزير الروحاني للوزارة وكأن المشروع ذاتي،أضف إلى ما أوردنا من أسباب يتوجب التغلب عليها.* هناك قصور وأخطاء في عرض الأغنية اليمنية - إذاً المسؤولية تقع على الدولة؟- ليس في كل شيء إن ما يعني الدولة في شقه المادي والتوفير النسبي للمال فالمهرجانات في السابق كانت ذريعة لكن اليوم أصبحت موجودة في عدد من المحافظات وتقام في الحفلات المناسباتية لكنها لم تستغل الاستغلال الأمثل لا من حيث الإمكانيات المادية المتوفرة ولا من حيث المادة الفنية المعروضة ويتحمل تلك المسؤولية القائمون على تلك الفعاليات لعدم الترتيب السليم والنوعي المتميز للمادة الفنية المتميزة والناجحة في عرضها على الجمهور وبعيداً عن مسؤولية الدولة الجزئية هناك توجد في الوسط الفني إشكاليات ذاتية تتمثل في غياب الجديد المتميز وكذا غياب التعامل مع المسرح.* قاطعته..أوافقك الرأي في غياب الجديد المتميز فنياً لكني اختلف معك حول غياب التعامل مع المسارح لأنه لا توجد مسارح...؟لم أكمل سؤالي فقاطعني قائلاً:- قد يقول قائل مثلك لا توجد مسارح وهذا ليس صحيحاً فالمسارح موجودة بما هو متاح وهي مسارح ظهر دورها الجماهيري في أثناء الحفلات التي أقامها كبار الفنانيين العرب واليمنيين الذين زاروا بلادنا أمثال فنان العرب محمد عبده وعميد الفنانيين العرب الدكتور أبو بكر سالم بلفقيه والدكتور عبد الرب إدريس والفنانة أصالة والفنان أحمد فتحي والفنان مارسيل خليفة والفنانة هيام يونس..إلخ،ونحن هنا لا نتحدث عن المشارح المبنية على الطراز النادر فهناك إمكانية استغلال الملاعب والساحات العامة والصالات كمسارح لإستضافة الحفلات وهي كثيرة ومنتشرة في أغلب المحافظات مع الإشارة والتذكيربأن مسارح عدن في الزمن الذهبي للأغنية اليمنية كانت تستضيف كبريات الحفلات الفنية الناجحة للموسيقار أحمد بن أحمد قاسم والفنان محمد مرشد ناجي والفنان محمد سعد عبدالله..إلخ ولو توفرت النوايا الصادقة لإعادة الروح للأغنية اليمنية فيمكن إقامتها في الهواء الطلق وعلى المسارح اليدوية والمتنقلة وزمان عدن بإمكانياتها المحدودة استضافت حفلات عربية ناجحة أبرزها للموسيقار فريد الأطرش والفنان السوري فهد بلان وأي فن لا يقدم على المسرح ولا تزكيه الجماهير ليس بفن حقيقي.* لماذا الفنان اليمني نادر الظهور في القنوات الفضائية العربية؟- لا أخفي عليك أن هناك قصوراً وأخطاء في عرض الأغنية اليمنية من قبل الفضائيات والإذاعات العربية من حيث مستوى الإعداد لها للتقديم والعرض بما يليق ويتناسب للمبدعين اليمنيين من قبل القائمين على الفضائيات والإذاعات بسبب غياب النضج الكامل لديهم والدور الذي يفترض واجب القيام به نحو المبدع اليمني.* ولكن نعود ونقول إن هذه مسؤولية الدولة ممثلة بوزارة الثقافة؟- هذا صحيح .. جزء من المسؤولية تقع على الدولة ولهذا الدولة تسعى للتعويض بتقديم ما تستطيع تقديمه حسب إمكانياتها،فالمسؤولية مشتركة بين الدولة والمبدعين والحفلات الجماهيرية على المسرح والفضائيات.* في رأيي صعب أن تعود الأغنية اليمنية إلى سابق مجدها بسبب ضعف الكلمة واللحن وهو شلية الأداء. فما تعليقك؟- قد يكون حكمك بنيته على ما سمعته وما تسمعه حاضراً لا يمثل جميع المبدعين الذين كثيرون منهم لم يجدوا فرصتهم بالظهور وفي رأيي إن الكلمة الشعرية الغنائية هي أصل الأغنية ودورها أن ترتقي بالضائقة الاجتماعية وأن حدث العكس يكون دورها باهتاً وسبق لي وأن تحدتث في منتديات عدن الثقافية قبل سنوات في موضوع (توصيف شعر الأغنية) وبث منه في إذاعة عدن ولدي بحث متكامل في هذا الخصوص أما اللحن فيأتي دوره بعد النص الشعري فدور الملحن يتمثل في استجابة اللحن لمضامين ومحتوى النص وترجمته من خلال إظهار الشعر الدرامي الموسيقي كاللوعة والآهات والشوق والشجن والعناء والهمس والفرح والحزن وتأتي الموسيقى لخدمة النص واللحن ولا يمكن أن يكون اللحن ناجحاً إلا إذا كان الشاعر ملحناً أو الشاعر يشكل ثنائياً مع ملحن ويفهمان بعضهما أو أن يكون الملحن ذو موهبة حقيقية وعلى مستوى عالٍ ثقافياً ويعيش النص بأحاسيسه ومشاعره ويعرف ما يخفيه النص من معانٍ وأبعاد أما غير ذلك يكون النص في واد واللحن في ودٍ آخر أما المطرب أو الفنان فمهم جداً أن يكون على ثقافة عامة وثقافية فنية تمكنه من التوصيل الصحيح وقبل كل ذلك أن يكون موهوباً ودارساً وأن يكسب الخبرة وأن يكون في الأداء مشبعاً بالأحاسيس والمشاعر الفياضة التي تمكنه من كسب ود الجمهور وكلما زاد بارتياح المتلقي يستمر التأثير المتبادل إلى أن يصل إلى لحظة الذروة (التجلي) الحقيقية التي لا يصلها إلا قلة من الفنانيين.