غضون
* يوم الأربعاء الماضي قاد انتحاري سيارة ( فيتارا) مفخخة وفجرها وسط حشد من المواطنين اليمنيين في أحدى مناطق محافظة الجوف كانوا يتهيؤون للاحتفال بيوم الغدير .. ذكرى خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في “ غدير خم” التي يقول إخوتنا الشيعة ( زيدية وجعفرية وإسماعيلية) إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) عين في تلك الخطبة أن الولاية من بعده تكون في الإمام علي .. ويوم أمس قاد انتحاري آخر سيارة ( فيتارا ) مفخخة وفجرها في موكب مواطنين قدموا من مأرب إلى صعدة للمشاركة في جنازة رجل الدين بدر الدين الحوثي .. وفي الهجومين الإرهابيين قتل على الأقل 25 مواطناً وأصيب مثل هذا العدد إضافة إلى منفذي الهجومين..هذان الهجومان الشنيعان هما الأول من نوعهما من حيث أنهما تسببا في قتل وجرح أكبر عدد من المواطنين من جهة ، ومن جهة أخرى من حيث أنهما استهدفا مواطنين يمنيين بسبب المذهب الديني الذي يعتنقونه .. وهو المذهب الشيعي .. ومن هنا ينبغي التنبه إلى خطورة مثل هذين الهجومين اللذين يعتبران في اعتقادي مقدمة لمخطط الهدف منه إثارة فتنة مذهبية أو طائفية في البلاد.* يسهل معرفة من الذي دبر الهجومين .. وأهدافهما هي الأخرى لا تحتاج إلى كهانة .. إنه تنظيم القاعدة الإرهابي، وأعتقد أنه قد يسبق نتائج التحقيق الذي ستقوم به الأجهزة المعنية ، ويصدر بياناً يعلن فيه مسؤوليته عن قتل “ الرافضة”.. ومعروف أن السلفية الوهابية تعتبر الشيعة أو “ الرافضة” كما تسميهم جرياًً على ما أطلقه السنيون المتعصبون القدامى، تعتبرهم “ مشركين “ وقتلهم مقدم على قتل “الكافرالحربي” لأنهم مرتدون عن الإسلام .والمعروف أ ن تنظيم القاعدة في العراق اعتنق هذه العقيدة السلفية تجاه المسلم المخالف لهم في الدائرة الإسلامية نفسها، ونفذوا هجمات إرهابية ضد المواطنين الشيعة في العراق ، أولاً لأنهم “ رافضة” وثانياً لإثارة فتنة بين السنة والشيعة لإضعاف المجتمع وإضعاف الدولة ، ومن ثم تسهيل مهمة التنظيم الإرهابي في اجتثاث الجميع ليقيم بعد ذلك “ الإمارة الإسلامية”.. في العراق، وكذلك في باكستان فشل هذا المخطط بالتحالف الداخلي والخارجي ضد الإرهاب ، لكن الإرهابيين لم ييأسوا إذ هم يحاولون نقل التجربة إلى اليمن .* العجيب أنه رغم وضوح مثل هذا المخطط ، ورغم قساوة الهجومين المشار إليهما ، يذهب كثيرون إلى توظيفهما في مجال المكايدات السياسية والمنافسات القبلية وتضخيم الذات .. فالحوثيين وهم شيعة يزعمون أن الهجومين من تدبير إسرائيل وأمريكا لاستهدافهم ، وعلى طريقهم يتهمون السلطة أيضاً ، والتكوينات القبلية البكيلية تتهم قبيلة حاشد وبيت الأحمر بتوظيف تنظيم القاعدة لضرب خصومها، وحزب الحق يدعو “ التنظيمات الإسلامية المتشددة“هكذا دون أن يسميها إلى عدم استخدام الإرهابيين ... وهكذا .. وهكذا.. وهم بذلك يسقطون من حسابهم العدو الحقيقي أو على الأقل يميعون قضية خطيرة .. بينما الحاجة الأساسية لنا جميعاً في هذه المرحلة هي إقامة تعاون بل تحالف ضد الإرهابيين ..ليس فقط المنفذين بل أيضاً المنظرون والمؤيدون والمربون والممولون والمخططون والمدربون.