ظاهرة الزواج المبكر من أكبر تحديات التنمية الاقتصادية
كتبها / محمد اليمنيتعيد الأرقام والمؤشرات العلمية أن بلادنا واحدة من أكثر دول العالم معاناة في مجالات التنمية جراء ظاهرة الزواج المبكر للجنسين ذكوراً وإناثاً لما لذلك من انعكاسات سلبية على النواحي الاجتماعية والصحية والاقتصادية والثقافية. وتشيع في المجتمع ظاهرة الزواج المبكر وبشكل أوسع في المناطق الريفية حيث يقل التحاق الفتيات بالتعليم وقصور الوعي المجتمعي بأضرار هذه الظاهرة على الصحة والتنمية ، من خلال تغليب العادات المتوارثة في تزويج الأبناء في سن مبكر من العمر وبرغم الجهود المبذولة للتوعية بمخاطر هذا الزواج على صحة الزوجين والأبناء إلا أن ظاهرة الزواج المبكر لا تزال ملحوظة وان تفاوتت من منطقة لأخرى . والزواج المبكر خاصة في الأرياف وبالرغم من عدم وجود نظرية منهجية يستند إليها يكاد يكون شكلاً مفروضاً نتيجة الأعراف والتقاليد المجتمعية الموروثة ويحظى بتأييد اجتماعي كبير في معظم المناطق الريفية . وبحسب الإحصائيات الرسمية فإن 48 % من الفتيات اليمنيات يتزوجن بين سن 10 ـ 14 عاما ، وفي مثل هذه الأحوال فإن الفتاة تحرم من الحصول على كثير من حقوقها في التعليم والتمتع بالحقوق الزوجية الكاملة [c1]توفير المهر وتيسر الأوضاع الاقتصادية للأسرة[/c]وتربط دراسة علمية تحديد سن الزواج بالنسبة للأولاد في اليمن بالقدرة المادية على دفع المهر، وهو ما أكده نحو / 532 / شاباً وشابة من بين /1495/ من أبناء محافظتي الحديدة وحضرموت شملتهم الدراسة، ويمثلون الفئات العمرية أقل وأكبر من 18 سنة. ويرى هؤلاء أن توفير المهر وتيسر الأوضاع الاقتصادية للأسرة يمثل السبب الأول الذي يدفع الأسر إلى تزويج أبنائها الذكور في سن مبكرة، معتبرين أن الفقر يساهم في رفع متوسط سن الزواج للأولاد الذكور،وهو ما يدفع الأسر الفقيرة إلى الضغط على أبنائها الذكور للبدء بالعمل قبل تزويجهم. وتزداد ظاهرة انتشار الزواج المبكر بين أوساط النساء، وتصل إلى ما نسبته 1ر52 % ، كما تبين الدراسة أن هناك اختلافا في سن الزواج حسب المنطقة الجغرافية و عمر الزواج من (10 - 24 سنة) ومن (14 - 70 ) سنة . وتقول الدراسات الميدانية ان متوسط العمر عند الزواج الأول للنساء في اليمن يترواح حالياً من 9 - 15 سنة وهو مؤشر يوضح بجلاء مدى انتشار الظاهرة في المجتمع اليمني. واستنادا إلى إحصائيات النوع الاجتماعي تؤكد الدراسات ان نسبة المتزوجات في سن 10 ـ 19 سنة تصل الى 75 % من إجمالي النساء المتزوجات.. ونسبة المتزوجات دون سن 15 سنة تصل إلى 48 % من إجمالي النساء في الفئة العمرية من 15 - 19 سنةوتفيد الدراسات عندما نقول اقل من 15 عاما فإننا نتوقع أن يبدأ الزواج من 10 - 11 عاما وقد اثبت المسح القاعدي للصحة الإنجابية عام 2000 ان 24 % من النساءتزوجن بين 10 ـ 14 عاما[c1]هناك أسباب اقتصادية تلعب دورا في الظاهرة[/c]وبينت نتائج المسح الديمغرافي لصحة الأم والطفل أن من بين 4914 امرأة حوالي 3900 تزوجن دون سن الخامسة عشرة وحوالي /600/ تزوجن اكثر من مرة وكانت النسبة متقاربة بين الريف والحضر. وتنبه الدراسات الى حالة التأييد الاجتماعي الكبير للظاهرة حيث كشف مسح ميداني اجري للتعرف على مواقف واتجاهات الرجال ان 30 % ممن شملهم البحث تزوجوا في سن يتراوح بين 15 ـ 19 عاما، و39 % تزوجوا لأول مرة وأعمارهم بين 20 ـ 24 عاما. وتناول المسح حالة التباين بشكل عام تجاه الزواج المبكر بين سكان المناطق الريفية والحضرية .. حيث أظهر ان المناطق الحضرية ينخفض فيها بصورة عامة التأييد وتتسم بتفضيل أقل وبشكل ضئيل للزواج المبكر مقارنة بالمناطق الريفية. وتقول الدراسات أنه بالرغم أن القانون اليمني حدد السن القانونية للزواج بـ 18 عاما.. إلا انه لا يزال مغيبا ولم يدعم بحملات توعية مما جعل هذا التشريع حبرا على ورق. وتشير إلى ان هناك أسبابا اقتصادية تلعب دورا في الظاهرة أبرزها الفقر الذي يدفع بعض الأسر إلى تزويج بناتهم في سن مبكرة للتخفيف من المصاريف وتكاليف التعليم.. فيما يرى الباحث/ خالد نعمان ، أن هناك أسبابا غير مرئية تقف وراء الظاهرة منها عدم تفعيل التشريعات وتسيد العرف على منظومة العلاقات. [c1]رأي الطب[/c]يتحدث المختصون في أمراض النساء والولادة الحديثة - عن هذه الظاهرة في قسمها الأول « زواج الأنثى المبكر» ملخصين الأضرار الجسدية والنفسية التى يمكن ان تلحق بأطراف هذه العلاقة غير المتكافئة قائلا:» هي ظاهرة موجودة بلا شك … طفلة يزوجها أهلها وعمرها لم يتعد الثانية او الثالثة عشرة … ويكون الزوج كبيرا في السن ، ويحدث ذلك أضراراً صحية ونفسية للفتاة وتجاوباً عاطفياً غير آمن قد تؤدي مستقبلا الى انهيار العلاقة من اساسها.حيث أن في مثل هذه الزيجة تميل مشاعر الزوجة للإحساس بزوجها كوالد أو أب فتختلط مشاعر الأبوة بالمشاعر الزوجية الطبيعية وتقع حالة من الانفصام العاطفي.وأخيرا فإن معالجة ظاهرة الزواج المبكر للفتيات يعود الى مستوى وعي الأسرة التي علي عاتقها يقع دور كبير في الحد من هذه الظاهرة والتخفيف من تلك الآثار المفزعة التى تترتب على ذلك .. وأوصت الدراسات بهذا الخصوص بالدور الذي يجب ان تضطلع به رسالة المسجد الإرشادية بالتوعية الدينية وكذلك وسائل الاعلام بالتعريف بسلبيات الزواج المبكر على المجتمع والأسرة وتنشيط دور المؤسسات غير الحكومية في مجال التوعية الاجتماعية والصحية والقانونية والنفسية.