منبر التراث
تمتلك اليمن الكثير من الجزر الواقعة في البحر الأحمر على سبيل المثال ( حنيش ـــ زقر ) جزر فرسان ، مجموعة الزبير ، جزيرة جبل الطير ، جزيرة كمران ، وسقطرى وغيرها. ولكن مع الأسف العميق أنّ تلك الجزر لم تخضع لدراسة علمية كدراسة تضاريسها ، وجغرافيتها ، وتاريخها. والحقيقة أنّ تلك الجزر الواقعة في البحر الأحمر التي ظهرت بظهور البحر الأحمر في الأزمنة الغابرة والسحيقة والغرض من دراستها تحت مجهر البحث العلمي التاريخي الأكاديمي هو إعطاءنا معلومات متنوعة هامة وقيمة عنها فلابد من وضع دليل علمي لتلك الجزر يعرفنا بصورة مسهبة عن تضاريسها و جغرافيتها ، وتاريخها وبعبارة أخرى أنّ إصدار موسوعة علمية عن الجزر اليمنية الواقعة أحضان اليمن تسجل وتدون كافة مظاهر الحياة فيها بأسلوب علمي سديد تكتب بأقلام متخصصين في مختلف فروع العلوم والمعرفة ممتزجة بالصور الفوتوغرافية والخرائط الواضحة بذلك نرسم ملامحها ونبين معالمها بشكل مفصل ودقيق وعلمي . [c1]الجزر اليمنية والسلطنة العثمانية[/c]والحقيقة لقد لعبت بعض تلك الجزر اليمنية في عهد حكم السلطنة العثمانية والتي كانت تحت حمايتها دوراً هاماً وخطيراً في مسار الصراع الدولي وتحديداً في فجر القرن التاسع عشر الميلادي .فقد كانت مثار جذب وشد بين الدول الأوربية المختلفة المتطلعة إلى بسط سيطرتها على الجزر اليمنية الواقعة على البحر الأحمر مثل ألمانيا القيصرية ، وإيطاليا ، وفرنسا . وعلى الرغم من أنّ السلطنة العثمانية ، كانت في الرمق الأخير بعد أنّ أنهكتها الحروب ، والقلاقل ، والفتن ، والاضطرابات التي اشتعلت في كل معظم ولاياتها وخصوصاً في منطقة البلقان , وحروبها الضروس مع روسيا القيصرية ، وانفجار القتال الضاري بينها وبين اليمنيين قبيل الحرب العالمية الأولى إلاّ أنها كانت تحاول قدر إمكانياتها وقدرتها إبعاد تلك القوى الأوربية المختلفة من الجزر الواقعة تحت سيطرتها على الرغم من ضعفها الظاهر للقوى الأوربية . بل أن حليفتها ألمانيا عندما حاولت أنّ يكون لها موضع قدم في جزيرة جبل الطير إلاّ أنها رفضت بذلك بشدة , وتمسكت بحقها الشرعي بأنها هي صاحبة النفوذ على تلك الجزيرة . [c1]الجزر اليمنية وإنجلترا [/c] وكان من الطبيعي أنّ تكون إنجلترا سيدة البحار في العالم دون منازع الكلمة الفيصل ، واليد الطولي في البحر الأحمر الذي كان يمثل لها الشريان الحيوي الذي يربط بينها و بين الهند وبعض مستعمراتها في جنوب شرق آسيا . وكانت الأوضاع الدولية تفرض على إنجلترا الوقوف بجانب السلطنة العثمانية في الإشراف على الجزر اليمنية وإبعاد كل من له أطماع من القوى الأوربية مثل فرنسا , وألمانيا ، وإيطاليا ـــ كما قلنا سابقاً ـــ في الوقوف أمامها ، وعدم إختراق سيادة تلك الجزر والسيطرة عليها . علماً بأن إنجلترا كانت تدرك تماماً بأنّ الباب العالي العثماني لا يملك القوة التي تمكنه من منع القوى الأوربية من التسلل إلى الجزر الواقعة على ساحل الشرقي للبحر الأحمر وتحديداً الجزر اليمنية والمواجهة إلى الساحل الأفريقي للبحر الأحمر . وكانت إنجلترا تلعب دور السلطنة العثمانية في حماية تلك الجزر اليمنية . [c1]الجزر اليمنية والحملة الفرنسية[/c]وعندما أحتل نابليون بونابرت قنصل فرنسا الأول مصر سنة 1798م اكتسبت الجزر اليمنية أهمية إستراتيجية في عيون إنجلترا لوقوعها على الطريق البحري التجاري بينها وبين الهند دُرة المستعمرات الإنجليزية. وفي سنة 1801م طلبت إنجلترا من الباب العالي العثماني السماح لها بإقامة مستشفى عسكري يكون بمثابة حجر صحي وذلك في إطار المحالفة بينهما ضد الفرنسيين المحتلين لمصرالتي كا نت ولاية عثمانية . ومما أكسب أيضاً الجزر اليمنية الواقعة في البحر الأحمر أهمية أخرى هو افتتاح قناة السويس سنة 1869م والذي كان من جراء ذلك أنّ حركت أطماع القوى الأوربية في إيجاد موطئ قدم لها في ساحل البحر الأحمر الأفريقي المقابل للجزر اليمنية مما سبب خطورة على حوض وممر البحر الأحمر التي كانت تعمل إنجلترا دائما دائمة وأبداً على جعله بحيرة إنجليزية حتى تحافظ على شريانها الحيوي والهام الذي يربطها بالهند ــــ كما سبق وأنّ ذكرنا ـــ .[c1]احتلال إنجلترا للجزر اليمنية[/c] فكانت إنجلترا تراقب بعين القلق والحذر الشديدين القوى الأوربية التي تحاول أنّ تعكر جنوب مياه البحر الأحمر من خلال محاولتها السيطرة على عدد من الجزر اليمنية . وعندما أندلعت الحرب العالمية الأولى , وانضمت إيطاليا إلى جانب إنجلترا وجدت الأخيرة أنه من مصلحتها الإسراع في إحتلال بعض الجزر اليمنية ومن أهمها جزيرة كمران ، ومجموعة ( حنيش ـــ وزقر ) وتم احتلالها سنة 1915م ، لأن إنجلترا كانت ترى في حليفتها إيطاليا مطامعها الواضحة في الساحل الشرقي للبحر الأحمر وتحديداً في الجزر اليمنية منذ زمن بعيد وبذلك تقطع عليها الطريق . وتعطي أيضاً رسالة صريحة إلى كافة القوى الأوربية مفادها بأنّ البحر الأحمر هو بحيرة إنجليزية . [c1]الخلاصة[/c]والخلاصة ، نأمل أنّ نصدر موسوعة علمية عن الجزر اليمنية ــ كما قلنا سابقاً ـــ بصورة علمية ومفصلة ودقيقة وبذلك نتعرف على جزرنا اليمنية المختلفة الواقعة في مياهنا الإقليمية من ناحية ووضع المشاريع المناسب لها في المستقبل المنظور من ناحية أخرى . وأنني أكاد أجزم بأنّ تلك الفكرة التي طرحتها تحتل مساحة كبيرة في أذهان المسئولين وسيأتي اليوم الذي تخرج هذه الفكرة أو المقترح إلى حيز النور .