صـباح الخـير
الصحة العقلية والصحة الجسدية مفهومان متلازمان ، مكملان بعضهما البعض ، وصدق القول المأثور " العقل السليم في الجسم السليم " .وتعريف الصحة وفقاً لمنظمة الصحة العالمية " هي حالة من التوازن الجسدي والعقلي مع البيئة المحيطة ، ولا تعني الخلو من المرض " .وانطلاقاً من ذلك المفهوم الأعم للصحة العامة فان الصحة العقلية هي إذن حالة من التوازن العقلي والمعرفي والفكري والانفعالي العاطفي وكذلك السلوكي للإنسان في تفاعله مع أحداث وظروف بيئته المحيطة .مما تقدم من تعريف تدرك أهمية وتأثير الصحة العقلية على نشاط الإنسان وتفاعله مع الحياة اليومية من مبتداها في الأسرة وطبيعة العلاقة بين أفرادها سواء كانت من محبة ووئام وتعاون وأمان أو غير سوية من مشاجرات وعنف وتفكّك واضطراب ، هكذا حتى على مختلف المستويات في علاقة الإنسان مع الآخرين من الأصدقاء والجيران وزملاء العمل ، وحتى الهم الكبير للوطن واستقراره وتنميته ، ومن هنا منشأ القلق والحرص على المستقبل ففي الوقت الذي يتزايد فيه عدد السكان في البلاد وتزداد ملامح ومظاهر الأمراض النفسية والعقلية بشتى صنوفها وعلى كل المستويات العمرية والأقل دخلاً والأكثر انتشاراً ، نرى أنه لا يوجد ربط بين مفهوم الصحة العقلية وبقية الأمراض ذات العلاقة بالصحة والمرض ، بل أن الجهة المسؤولة عن الطبابة والطب العلاجي لا تضع الصحة العقلية ضمن الأولويات لبرامجها العلاجية ولا تدرجها ضمن مسؤولياتها العلاجية للأمراض ، كما لا يرافق انتشار الأمراض العقلية في البلاد أي زيادة مضطردة في أعداد الكوادر الطبية والصحية المساعدة في هذا المجال فمثل هذا المسار قد يؤدي إلى انقراض الكادر الطبي المختص وهو قد يحدث كارثة لانقراض هذا النوع العلاجي المهم .ولست أدري ما مبرر عدم الاهتمام بتنمية الكوادر اليمنية في مجال الطب العقلي والنفسي والعصبي ولست أدري لماذا لم يصبح هذا الفرع فرعاً علاجياً فاعلاً من خلال دمجه في منظومة الطب العلاجي من حيث إيجاد مصحات متخصصة وأطباء متخصصين مثلها مثل ما تبذله الوزارة من جهود في بقية المجالات الطبية .هل يا ترى أن العقل ليس له قيمة ، أم أن النفس ليس لها معنى؟أم أن منظور علاج البواسير والفم والمعدة والمسالك البولية أهم من علاج العقل والاهتمام به والنفس ورعايتها ؟ومع ذلك لا يفوتني التذكير ببعض من الجهود المشكورة والتي حرصت قيادتنا السياسية ومن خلال هيئاتها المختلفة بما فيها وزارة الصحة على ادراج هذا الجانب بقدر الإمكان والتي يمكننا رصدها وتقديرها من خلال التالي :1 - تعيين العام 2001م طبي نفسي قدير عضو في مجلس الشورى" ورئيس للجنة الصحية .2 - تشكيل المجلس الأعلى للصحة العقلية 2002م والذي ضم نخبة من قادة رجال الدولة ومؤسساتها وعلى رأسهم الأستاذ القدير / عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى ورئيس المجلس الأعلى للصحة العقلية ، بالإضافة إلى مجموعة من رجال المال والشخصيات الاجتماعية .3 - تكوين إدارة خاصة للبرنامج الوطني للصحة العقلية في وزارة الصحة ضمن قطاع الرعاية الصحية الأولية العام 2003م.4 - محاولة التنسيق مع المنظمات غير الحكومية ذات الاختصاص في مجال الصحة العقلية من حيث تزايد أعدادها أو امتداد مساحة نشاطهاالجغرافي لتغطي محافظات الجمهورية ذات الكثافة السكانية وتكثيف جهودها في مجال التوعية وبرامج التدريب والتثقيف الصحي .5 - التوجه للمطالبة المستقبلية لتخصيص المزيد من الاهتمام والاعتماد لبناء الموارد البشرية وتحديد في زيادة تأهيل وابتعاث الأطباء للخارج للتخصص في مجالات الطب النفسي سواء للبالغين أو الأطفال وبما يتوافق وخارطة التوزيع للاحتياجات السكانية والخدمات الطبية المتوفرة في هذا الاختصاص شديد الندرة والبصمة الاجتماعية .وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للصحة العقلية الموافق 10 / أكتوبر أحب أن أستغل الفرصة لتهنئة قيادتنا السياسية وشعبنا بنجاح الانتخابات الرئاسية والمحلية وبالفوز الظافر لفخامة الأخ الرئيس /. علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية لولاية ثانية ، آملين من المولى عز وجل ونحن في هذا الشهر الفضيل أن ينعم على شعبنا اليمني وأمتنا العربية والإسلامية بالخير واليُمّن والبركات وبالصحّة والعافية والاستقرار النفسي .واللَّه من وراء القصد[c1]* وكيل وزارة الصحة العامة والسكان لقطاع التنمية البشرية رئيس الجمعية اليمنية للأمراض النفسية و العصبية [/c]