منبـر التـراث
[c1]في طي المجهول[/c]القطيع حي مشهور من أحياء عدن القديمة ( كريتر ) وتوجد فيه مقبرة سميت باسمه ، مقبرة القطيع ولكن تاريخها مازال في طي المجهول لا يعرف الآثاريون أو المؤرخون عنها أية معلومات يمكن أن تقودنا إلى تاريخ ذلك الحي . ولقد حاولنا البحث في مؤلفات المؤرخين القدامى وعلى وجه الخصوص مؤرخ عدن عبد الله الطيب بامخرمة المتوفى سنة (947هـ / 1540م ) ولكن مع الأسف لم نعثر من قريب أو بعيد عن تاريخ هذا الحي . والحقيقة لا ندري على وجه الدقة هل كان حي القطيع من الأحياء القديمة في المدينة ؟ . وهل نشأ في عهد إحدى الدول اليمنية المركزية التي تتابعت على حكم عدن مثل الدولة الصليحية وبعدها دولة بني زريع التي حكمت عدن نحو أكثر من خمسين عاما والذين كانوا ولاة للصليحيين فيها ثم صاروا الحكام الفعليين فيها بعد أن ولت شمسهم عن سماء اليمن السياسي ولا نعلم على وجه اليقين هل كان لذلك الحي نشاطاً ( ما ) في حياة المدينة ، هل كان سوقاً وإذا كان سوقا ماذا كان يباع فيه أو ماذا كان يشتهر في بيعه ؟ . مثل سوق الزعفران الذي كان يشتهر ببيع الماء والحطب ولقد ذكر ذلك السوق في عهد بني زريع ، ومن الأسواق المشهورة والقديمة في عدن القديمة سوق البز ( القماش ) الذي تباع فيه كافة الأقمشة الواردة من بلاد الهند ، والسند ، والشام ، والمغرب وأيضاً سوق الطعام الذي كان تأتيه السلع والبضائع من كل مكان . وقيل أن التجار من مختلف البلدان كانوا يجيئون إليه وينقلون منه ما يحتاجونه من سلع خاصة بالأطعمة المتنوعة مثل أنواع البُهارات المتنوعة القادمة من الهند . وإلى جانب هذين السوقين كان يوجد سوق السلاح ، وسوق العطارين .[c1]أحياء عدن القديمة[/c]والحقيقة لقد طفت على وجه عدن أحياء قديمة مثل حي الحسين أو حي الشاذلية وهو الاسم القديم له في أواخر الدولة الرسولية وبداية الدولة الطاهرية . وكذلك حي أبان المشهور في عدن القديمة والتي أشارت إليه المصادر التاريخية القديمة بأنه كان في الزمن البعيد ملئ بمقابر وأضرحة الصوفية وكما هو معروف أنه بني فيه أقدم المساجد الجامعة في اليمن بل وفي العالم الإسلامي وهو جامع أبان الذي أسسه أبان بن عثمان بن عفان في عهد والده الخليفة الثالث عثمان بن عفان والذي كان أشعاع حضاري للفكر الإسلامي . ولقد ذكرت المصادر أن الإمام أحمد بن حنبل المتوفى ( 241هـ / 856م ) رحل إلى مسجد أبان ليتلقى العلم على يد إبراهيم بن الحكم " وكان إبراهيم هذا فقيها جليلاً طبقت شهرته الآفاق وكان قدوم الإمام أحمد إلى عدن في سنة ( 170هـ / 787م ). ولكن مع الأسف لم نقف على ذكر حي القطيع في المصادر التي يمكن أن تقودنا إلى تاريخه ـ كما قلنا سابقاـ . [c1]مسجد الحرة بهجة[/c]والحقيقة أن الأستاذ عبد الله محيرز ، أعطانا معلومات قيمة في كتابه (( صيرة )) عن حي القطيع فهو يذكر بأنه كان يوجد في الحي مسجداً باسم الحرة البهجة وقد قامت ببناءيه ـ وهي إحدى أميرات بني زريع ـ فسمَّي المسجد على اسمها ويقول بما معناه : ـ ويبدو أن هذا المسجد أندثر وتم مكانه مسجدا آخر وهو مسجد علوي بن محمد بن عيدروس المتوفى سنة ( 1000هـ / 1592م ) والجدير بالذكر أن ذلك المسجد مازال ماثلاً للعيان . ولقد أعيد بناؤه من جديد ،فتغيرت ملامحه الأصلية والأصيلة الذي كان عليها في الزمن البعيد . [c1]سوق الخيول[/c]ويذكر عبد الله محيرز ، بأنه كانت تقام مواسم الخيل في حقات خلف جبل صيرة والذي كان يعتبر امتداداً لحي القطيع . وكان يقام في تلك المنطقة الصفقات التجارية ، ويجتمع فيها الباعة ، والدلالون . ونستشف من ذلك أن حي القطيع من المحتمل أنه يعود تاريخه إلى عهد حكم بني زريع الذين حكموا عدن نحو أكثر من خمسين عاما من ناحية وأن شُهرة ذلك الحي استمرت إلى عهد أواخر الدولة الطاهرية. [c1]مقترح[/c]وكيفما كان الأمر ، فإننا نأمل من الدراسات الأثرية الكشف عن حي القطيع وغيرها من أحياء عدن العتيقة والذي مازال الكثير منها يكتنفها المجهول لنخرج بمعلومات جديدة وقيمة عن تاريخ تلك المدينة الضاربة جذورها في أعماق تاريخ اليمن .