صاحب الدكتوراه الوحيدة عربياً في قوانين الإعاقة
الدمام/ متابعات: رغم إصابة السعودي أحمد السيف بإعاقة حركية، إلا أن كرسيه المتحرك شكَل له حافزاً قوياً للاهتمام بقضايا حقوق المعاقين في العالم العربي، ليكمل بذلك دراساته العليا في الولايات المتحدة في فلسفة القانون من خلال أطروحته المعنونة بـ “حقوق المعوقين والتمييز”، والتي تم التوصية بنشرها وتداولها على المستوى الإقليمي والدولي. يقول د. السيف: “ أصبت بالإعاقة الحركية بسبب حادث مروري منذ حوالي خمسة عشر عاماً وكنت قبلها قد تخرجت من كلية الشريعة ومعهد الإدارة العامة لدراسة الأنظمة، وهو يعادل القانون في السعودية “.وسرد تجربته والتي أدت إلى شغل ذهنه بما يعانيه المعاقون في العالم العربي من تمييز وتهميش، قائلا: “كنت أعيش في سيناريو قدري جعلني أتوجه للالتفات لحقوق المعاقين، وحين سافرت إلى الخارج لإكمال الدراسات العليا رأيت كيف يعيش المعاقون في حال أفضل من الشخص السليم المعافى، كما أنهم يجدون احتراماً لذاتهم وإنسانيتهم ويحصلون على حقوقهم بكل سهولة”.كان هذا الدافع الذي حفزه لعمل مقارنة بحثية منهجية بين أوضاع المعاقين في العالمين الغربي والعربي، ويتابع: “لاحظت أنه لا حقوق لهم، ويعاملون كمواطني درجة ثانية”.وحصل السيف على الدكتوراه في قوانين الإعاقة بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة كيس وسترن في ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية ،”بعد إنهائي للماجستير توجهت لدراسة القوانين التشريعية والتمييز الواضح الذي يعاني منه المعاقون في الوطن العربي ومحاولة مقارنتها بما هو موجود في الفكر الغربي” .ويقول: “ أعجب المشرفون بمشروع الدراسة ووجدت دعما معنويا من الجهات المختصة في الأمم المتحدة حتى أتاني من قبلهم مؤخراً عرض شفوي للعمل معهم كمستشار قانوني مختص في قضايا التمييز ضد المعاقين”.وأشار إلى أن الإشكالية الأساسية التي تواجه المعاقين تكمن في نظرة الشفقة إليهم، ومعاملتهم التي تبنى على أساس أنها منح اجتماعية وليست حقوقا أساسية.وأضاف أن موقفاً حرجاً مر به أمام أحد المحال التجارية أثناء انتظاره لسيارة أسرته، “مرت إحداهن ورأتني على كرسي المتحرك فقامت بإعطائي مبلغاً من المال وهذا يدلل على ارتباط الإعاقة في ذهنية المجتمع بالشفقة والحسنة”. واستطرد السيف: “كنت أسعى إلى إعادة قراءة النص الإسلامي ومقارنته بالفكر الغربي فيما يخص هذه الحقوق، متخذا شعار “العدالة للجميع”، وخرجت منها بثمرة وهي تأصيل لخطة إصلاحية لتشريعات الإعاقة مصحوبة بآلية تنفيذية لهذه القوانين ومتابعتها”.وضرب مثلاً بمعاملة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصحابي عبد الله بن أم مكتوم، حيث كان يستخلفه على المدينة المنورة أثناء غزواته رغم كونه أعمى، “نحتاج إلى قراءة التراث الإسلامي لنستخرج منه مثل تلك الحقوق”.وبدأ السيف بالدعوة إلى التغيير في النظرة لحقوق المعاقين من خلال دراسته وبحثه، “وجدت أن الحكومة السعودية مثلا تبذل الأموال الطائلة في هذا المجال ومع ذلك ما زالت غير متقدمة في تحسين أوضاع المعاقين من الناحية الطبية والرعاية الاجتماعية والأسرية”.كما قام ببناء الجانب النقدي في بحثه من خلال عمل “استبانة” تم توزيعها على 500 معاق سعودي مؤهلين تأهيلاً كاملاً، والذي حوى تساؤلات حول حقوقهم والتمييز والتهميش في الحقوق الأساسية كالتعليم والوظيفة واحترام الذات، “طبعا التمييز كـ”فلسفة” و”فكر” فهناك تمييز إيجابي وسلبي ومباشر وغير مباشر، ويعيش المعاقون في الغالب تمييزًا غير مباشر من أمثلته حين أضع شروطًا للوظيفة، منها أن يكون حسن المظهر وجميل الشكل، وهي قد لا تحتاج إلى ذلك بل إلى الجانب الفكري”.وقال: “ أعرف إحدى الأخوات المعاقات التي تم رفض توظيفها في وظيفة تعليمية تعتمد على العقل أكثر من الشكل، وفي اتجاه آخر رأيت في الولايات المتحدة في إحدى المحال دمية على كرسي متحرك تعرض ملابس، وهذا ما يعنيه الدمج الحقيقي”.وبيَن أن “التمييز السلبي” هو عدم وجود خطط واضحة لاستيعاب المعاقين وتوظيف قدراتهم، بينما “التمييز الإيجابي” هو التفضيل في الحقوق والحصول على الخدمات.ونوه السيف بتجربة بريطانيا في مجال الإعاقة، “هناك في بريطانيا آلية تنفيذية لحماية حقوق المعاقين، وهو ما أسعى إلى نقله هنا وهي ما يسمى لجان لحقوق المعاقين، موجودة في كل مدينة وتقدم الاستشارات للمعاقين مجانًا، كما تستقبل شكاواهم لتنفيذ القانون الخاص بهم، سواء كانوا يعانون من تمييز في الوظيفة أم الخدمة الاجتماعية، فتقوم بالترافع عنهم أمام القضاء لرفع المخالفة أو لرد الاعتبار إليهم”. وذكر أن صعوبات واجهته أثناء عمله مقارنة بين القضايا المرفوعة من قبل معاقين في أمريكا وفي العالم العربي؛ حيث تفاجئ بعدم وجود قضايا منظورة في المحاكم في العالم العربي، “لأن أغلب مشكلات المعاقين تعتبر ضمن الخدمة الاجتماعية والمنح إلا أني اعتمدت على الصحف فجمعت قرابة المئات من قصاصات الصحف؛ إذ إنه المتنفس الوحيد لبث شكاواهم”.