نافدة
للوفاء أنواع بين بني البشر والحيوان أو الطير.. ذلك الوفاء الذي قد يمتد إلى التضحية من أجل الآخر والوفاء هو صفة غرائزية لدى الحيوانات ليس كلها وإنما أعداد قليلة منها، وعن الوفاء يحكى ان جنكيز خان من القادة الذين خاضوا المعارك وفتحوا بلاداً كثيرة وكان الناس يتحدثون عن قوته وقسوته وفي يوم خرج هذا القائد للصيد يرافقه بعض حاشيته - خاصته - و كان معه صقره العزيز الذي يساعده في صيد الطيور.. وفي البرية حاول القائد الصيد ولكنه لم يظفر بما يريد فعاد من طريق وعاد خاصته من طريق آخر وفي أثناء سيره ألم ـ حل به ـ العطش وبلغ به غايته حتى انه لم تبق عنده قدرة على الصبر والاحتمال.. اخذ جنكيز خان يجوب الوادي فوق صهوة جواده ويصوب نظره في كل مكان باحثاً عن الماء وكان صقره يطير ويتبعه إلى المكان الذي يسير فيه.. تهلل وجه القائد حينما وجد قطرات من الماء تتساقط من مكان عال على سفح الجبل وانه لا سبيل إلى العين التي تتساقط منها هذه القطرات استوقف القائد جوداه ونزل واخرج قدحاً ووضعه تحت قطرات الماء المتساقطة وظل ينتظر حتى امتلأ القدح بالماء فرفع يده ليشرب ويروي ظمأه الذي كاد يقضي عليه فهوى القدح إلى الأرض وانسكب منه الماء.. نظر القائد فوجد أن الصقر هو الذي أساء إليه فغفر له زلته وأعاد المحاولة فوضع القدح تحت قطرات الماء المتساقط وقبل ان يمتلئ القدح انقض الصقر عليه فهوى القدح إلى الأرض وسال منه الماء.اشتد غضب القائد وتوعد صقره بالموت ان عاد إلى العبث بالقدح واستل سيفه من غمده استعدادا لضربه ووضع القدح تحت قطرات الماء وقبل ان يمتلئ انقض عليه الصقر فعاجله القائد بضربة قضت عليه.وقال له: هذا جزاؤك.. وبحث القائد عن القدح فوجده قد هوى في حفرة عميقة لا سبيل منها إلى الوصول إليه.. أراد القائد أن يصل إلى عين الماء ليروي ظمأه الذي يحرق أحشاءه فوجد الوصول إليها يمثل خطراً.. دفعه العطش إلى ان يركب الخطر فتسلق الجبل.. وكان له ما أراد ووصل إلى عين الماء، فوجدها بين صخرتين ووجد فيها حية ميتة قد تناثر السم من فمها وانتشر في الماء. انتهت هذه القصة وان كنت لم أتحقق من صحتها لكنها أخبرت أشياء عديدة عن الوفاء في الصحبة والتضحية والإيثار بين الصديق وصديقه حتى وان كان هذا الصديق مجرد حيوان أو طير.. هذا الوفاء الذي أصبح اليوم عملة نادرة الوجود بين بني البشر.