الروائي والقاص المصري أشرف الخريبي في حوار مع ( 14 اكتوبر ):
حاوره في القاهرة: بسام الطعانروائي وقاص وناقد مصري، عضو اتحاد الكتاب، حاصل على ليسانس الحقوق عام 1999 ترجمت بعض أعماله إلى الفرنسية والانكليزية ، نشر نتاجه في اغلب الدوريات والمجلات العربية، صدرت له:1ـ التداعيات ـ مجموعة قصص 19992ـ ورد الشتاءـ مجموعة قصص 20003ـ السيدة الجميلة ت مجموعة قصص 20064ـ ذاكرة الجسد ـ مجموعة قصص 20065ـ أنا وأنت وضمير العالم ـ مجموعة نصوص 20076ـ قصص الانترنيت وعين الناقد ـ دراسات 2005 جزء أول7ـ قصص الانترنيت وعين الناقد ـ دراسات 2006 جزء ثاني8ـ يُحكى أن ـ رواية 20089ـ التعويذة ـ مجموعة قصصية 200810ـ مُراهقة الأعمى ـ نصوص 2008[c1] أنت كاتب وقاص وناقد، أنجزت عدة أعمال إبداعية ونقدية.. ماذا يعني لك كل هذا؟[/c]- الإبداع حالة من الشك في الوجود ، أتبدل في الأشياء وتتبدل في ّ ، أحاول والجميع يفعل أن ينجز علي مستويات عديدة ، ليخدم قضايا واقعه ،ومجتمعه ، يفعل ما يمكن أن يقدم به انجازا ما ، قد نستطيع تقديم تفسير عن بعض الأجوبة التي أزعم أن لها أصلا أسئلة مُحيرة ومرهقة، ولن تذهب دوما من الوعي لوضوح الرؤيا أو غيابها فلا فرق، من الصعب أن تتمكن من بلوغ الذروة والوصول إلي فهم عميق فتظل في المحاولة لبلوغ القمة ، حلم وأمل بالتغيير للأفضل مهما يكن سوف تستجيب الرؤيا بهذا الفهم العميق، أتواصل مع ضوء شفاف وأمل في غد أفضل لي وللجميع أطمح بروح هادئة تُسايرني أو قلقة علي أبنائي وإخواني وأصدقائي والآخرون، حضور أتخلي فيه عني من أجل الوجود، استبصار للرؤى، كي أستعذب اللحظات أحيانا ، وهذا بحد ذاته يعني قمة هِويتيّ في كل كتاب جديد .ووجودي علي نفس هذا الشطوط في ذلك البحر الكبير [c1] يدعي البعض أن القصة القصيرة تعتبر تدريبا يسبق كتابة الرواية. هل هذا صحيح؟[/c] - القصة القصيرة ومضة قريبة جدا جدا من الرواية وبعيدة كل البعد عنها في نفس الوقت لا يمكن أن تكون القصة تدريب علي الرواية، وان كانت تخدم كاتب الرواية. القصة لها موقف وطريقة أداء وحس شعوري ومنطق فكري مُختلف عن الرواية ، يعتقد البعض أنه يمكن تحويل القصة إلي رواية والفروق بينهما ليست قريبة، أبدا \ الرواية تقدم موقفا مختلفا وبناءً مختلفا لا يعنى أبدا أن القصة تُدرب كاتبها علي كتابة الرواية أو تمهد له الطريق، المسالة مختلفة تماما برأي ، كاتب الرواية يختزل اللحظة والقاص يفترس اللحظة ، وأشياء أخري كثيرة، وكلهما مبدع بالطبع ، ربما تقاربت اللحظات والأبنية واختلفت الطرق، ركوب السيارة ، ليس أبدا تمهيدا لركوب الطائرة. وان اعتبرنها تدريبا فلابد أن يتحول كُتاب القصة إلي كتابة الرواية بما أنها تدريبا وليست الفعل الذي يُسهم في الوصول إلي ذروة الفن ، وأصبحت القصة بهذا المعني تمهيدا كالماجستير للدكتورة إذا سلمنا بهذا ، ولا أتصور أنه صحيح [c1] هل تعتبر الذائقة معيارا أساسيا في قراءة النص؟[/c] - الذائقة أحيانا تحكمها المزاجية وأشياء كثيرة في التلقي من بينها التعامل العميق مع النص وسطحيا مع نص أخر لأنه لا يتفق مع مزاجية وحالة التذوق، ولكن من يفرض هذا التعامل؟ أنه النص نفسه و يمكن اعتبارها أساس القراءة ، فالذوق أو التذوق الفني ، يختلف من شخص لأخر ومن قراءة إلي أخري، ولكن القراءة النقدية يختلف معها الأمر ، هناك نص يأسرني ولكنه لا يؤثر فيك والعكس ما الذي يحكم هل هو القاعدة النقدية أم الذائقة الشخصية ؟هناك نصوص كثيرة جدا تحمل بنى فنية رائعة ، ولكنها لا تأسرك نحن نستمع إلي شعر المتنبي ونستمع لأغاني جديدة هذه الأيام هل هناك فرق في التذوق الفني الذي ينبع من تذوق ثقافي، أتصور أن الذائقة الشخصية لها تأثير كبير في قراءة النصوص وتقديم الطرح النقدي عنها ، ولكن للنص نفسه القدرة علي تحويل الذائقة إلي الموقف الذي يريد بلوغه الكاتب والتعامل المباشرة مع هذه المعطيات المختلفة . [c1] ماذا تنقص القصة العربية لتواكب القصة العالمية؟[/c]- الكتابات العربية عموما في الشعر والقصة والرواية وحتى النقد الأدبي جميعها ينقصها شيئا أساسيا ألا وهو الاستقلال والحرية، فنحن متأثرون بالنظريات الفكرية الغربية التي لا طائل من اللهاث خلفها إلا ما ندر، فلا حرية لدينا لنعمل علي تأسيس موقفا فكريا فنيا جادا ومثمرا ، ولا نظرية فكرية مُستقرة ومُستقلة هناك فراغ فكريّ كبير، وقمع سلطوي أكبر، وانسحاب ذاتي أعمق، إلي جانب ما لدينا من صراعات حضارية لا يستهان بها ، بين قيم عصرية تدعي الصحة وبين قيم قديمة تدعي الصواب ،مشكلات تظل تداهمنا طوال الوقت وبلا حل، لا ننجز ونتجاوز هذا الأنجز،لانجاز أخر ، إنما نظل ننظر إلي الخلف علي الدوام، بصورة الماضي،بعين مُترعة بالشك ، مليئة بالتوجس ، خائفين من المستقبل دوما ، لذا نبقي محبوسين في نفس هذه المرجعيات بلا تطور لدينا هذه الحالة من التبلد الثقافي الذي بلا حراك اعتماد علي المعطى المعرفي من العالم الغربي في العلوم الإنسانية وفي الكتابات الأدبية وحتى في العلوم التكنولوجية،بداية علينا أن نتحرر، عبر تفعيل الثقافة بشكل ملموس وحقيقي عربيا وعالميا، العمل علي التبادل المتكافئ مع الأدب العالمي مهم وتقديم النموذج الذي نفتخر به فالثقافة العالمية عموما تبقي عالمية لأن لها صفات بعينها ، هي علاقة لا تتأسس بالعزلة بينما يكون من المهم التعامل معها بالتداخل والتواصل الحضاري وليس الانقطاع،والنظر من بعيد والنقل بلا هوية حقيقية [c1] ما هي اللغة التي تفضلها في الكتابة القصصية؟[/c]- اللغة في كتابة القصة، هي لغة شعرية - كما أفضل وأطمح تحمل أجواء الأسطورة فالقصة القصيرة تقوم برأ يي علي بناء لغوي ، إنه منطق البناء الأساسي، اللغة بمفهومها المُجمل بهذا الذي يُسمي سحر الكتابة ، السحر اللذيذ، فلا لغة بلا سحر يؤرقها ويفضي إليك بحالها \ حال الكتابة، إنها الموسيقي \ الرقص \ الغناء \ التأويل \ الرؤيا \ من هذا المنطق أتصور الكتابة بلغة شفافة، رومانسية ، شعرية لا محالة فما الفرق بيني ككاتب وبين الآخرين ، ما الذي يميز المبدع، أنه اللغة التي يحملها في عمله الفني ، يقطر بها أعذب الكلمات وأعمقها ويؤسس بها بنية ثقافية ومعرفية جد عظيمة ، كي تبقي بهذا الشموخ علي الدوام ،تحمل نزق اللحظة وهذيان الابداع وأرق المبدع . [c1] كيف تنظر إلى المنجز القصصي في الوطن العربي اليوم؟[/c]- أنا متفائل من هذا المنجز ربما هناك تفاوت ، هذا أكيد ولكن هناك إبداعات قصصية وروائية طموحة ومهمة تحاول انجاز مشروعها السردي برؤى عربية بعيدا عن المنجز العالمي ليس بمعنى البعد ولكن بمعنى التطوير الفني وتقديم منجز يتجاوز ما سبق ، بعين علي هذا المنجز العالمي الكبير جدا ،هناك كثير من المخلصين للكتابة القصصية والروائية في العالم العربي ، تجارب إبداعية وفنية جيدة وطموحة قدمت الكثير من الجهد نعترف به جميعا ، لدينا مواهب كثيرة نحتاج لبعض التشجيع والمثابرة ومنح الفرص للجميع ، نحتاج إلي ما يحتاجه المجتمع من إخلاص وشجاعة وحب حقيقي وثقة في أعمالنا الإبداعية ومشاريعنا الثقافية وفي أنفسنا أيضا ، لابد لنا من عيون تسمع ما سبق، ومن أذن تري ما قيل، ومن عقول تصوغ فعل الكتابة برهافة وإبداع علنا نتدارك أخطائنا الصائبة، والسابقة ونقدم خطاب أدبي يليق بمكانتنا، نموذجا قويا مناسبا للمثقف العربي الذي هو روح وفكر هذا الواقع [c1] ما هي الكيفية أو الصيغة التي يجب أن يمارس من خلالها النقد الجيد والحصيف؟[/c]- عيب النقد أنه يهمش الشعور ليحكم بمنطق- أحيانا علمي رياضي ويزيح التخيل علي حساب الموضوعي،إلي جانب أنه كعمل مجرد أصلا من التعاطف إلا بعد القراءة وأتصور النقد الحقيقي البّناء لابد أن يتعامل بحرفية وبمهارة وبإنتاج نص تالي، الناقد - مبدع ثاني علي النص يقرأ بعين حساسة لحالة الأحرف ، وشكل المفردات وطريقة الصياغة وأشكال لا حصر لها لابد أن تكون في مُخيلة الناقد أنه أكثر من المبدع حرصا علي النص فهو يحبه ويرعاه ويحاوره ويناقشه ويفعل الأشياء نفسها مع المبدع لا ثبات في النقد ، هناك ثوابت في الوعي النقدي \ في المفهوم \ هناك نظرة فكرية ورؤيا نصيه، وذائقة أدبية وأدوات للمبدع وطموح يحمله في خطابه الأدبي وأدوات يحملها الناقد وطموح أيضا ، ولكن هناك مع كل ذلك حب للنص، وقراءة واعية تُحلل المعطيات ولا تصدر أحكاما ، لابد أن ننتبه دوما، يقرأ المبدع وليس شخصه، يقرأ الكاتب هنا كذات مُبدعة يحاول أن يتعايش مع ذات الكاتب المبدعة إلي جانب النص كعالم متكامل البناء بالطبع ، ليقدم موضوعية حقيقية، إذ أردنا أن نقدم انجاز نقدي حقيقي يحسب لصالح الرؤى النقدية الجيدة والفاعلة [c1] لعبت عطاءاتك القصصية دورا مهما في إطار القصة المصرية. أين تضع نفسك بالنسبة لزملائك وزميلاتك؟[/c]- أنا بينهم واحد منهم من هذا ما وفقط لا أحكم علي عطائي، بينما أعطي وفقط ولا أنتظر شيئا في المقابل فأنا أحب هذا العمل وأخلص له، هذا هو فقط ما كان ينبغي أن أفعل، أحاول أن أسس ما أطمح إليه.أري من واجبي أن أقدم شيئا ما وفقط، أحاسب نفسي أولا بأول، أتمني أن نقدم موقفا جديدا ورؤيا جديدة للحياة الثقافية [c1] لماذا كل من يكتب عن الحقيقة في مجتمعاتنا العربية يهاجم بضراوة؟[/c]- ولأن الحقيقة يا سيدي هي الحقيقة فلا أحد منا يفضلها, من يفضلها وليس لدي السلطة بمعناها العام استعدادا لسماع الوجه الأخر ولا حتى السماح له بذلك والهجوم علي الحقيقة منذ الأزل ،لم يبرح روحنا ولا عقولنا رغم كل هذه الخصوبة ، ومجتمعاتنا العربية في رهانات خاسرة علي الدوام لا تقبل ببساطة أن هذه هي الحقيقة لا تتماس مع اللحظات وتتوهم الوعي. [c1] ما مدى استفادتك إبداعيا من البيئة المصرية الغنية والمتنوعة، كيف يتم تناولك لهذه البيئة؟[/c]- هناك ثقافة تفرضها البيئة ، ذكريات الطفولة ، شجرة الطريق، سور المدرسة ، الفلاح يعمل بالأرض ، رائحة المكان حين يسكنك بروعته هل يمكن أن تنسي، أنت من هنا ابن هذا المكان وهذه البيئة الوفيرة المهمة الغنية ملامح وبصمات وندبات علي الجبين ، ونحن في بيئة فيها البحر والأرض والزرع فيها المصانع والمباني والحارات تسكنك بما لا يدع مجالا للشك، بحيرتها وعنفوانها وأنوثتها الباهرة ، ورصد كل ذلك مهم للحياة الثقافية لأنه تأريخ للمكان ونقل نوعي للواقع بكل ثقافته التي لا يعرفها الأخر. تتشكل في النصوص وتسكن الجمل لتمثل جغرافيا الهزيان المتواصل لتقيم هذا الترابط الجمالي المقنع أنها علاقات خفية تتسق وتنسجم مع روح المبدع ،أحيانا تسكنني وأحيانا أسكنها [c1] كيف تصف المنجز النقدي العربي اليوم، ولا سيما في نقد القصة والرواية؟[/c] بصفة عامة يشمل تاريخ النقد العربي في القصة القصيرة والرواية عدد هائل من المداخلات الثقافية المهمة في مفاهيم الفن والجمال والسرد تتباين فيها الرؤى والمقاربات النقدية ، ولكني أتصورها في الوقت الراهن لازالت قاصرة في الدخول إلي حقيقية النصوص ، لأنها لا تنبع من خلفيات ثقافية جامدة وفقط ، بقدر ما تحمل مجاملات هشة وطريقة بليدة في الطرح النقدي تحمل أحكاما قيمية مرتبطة بأشياء لا علاقة لها بالنص الأدبي بقدر ما ارتبطت بذهنية الناقد وتوجهه الأيدلوجي في فهم النص [c1] كيف تفهم الأدب، ما المطلوب منه؟[/c] الأدب - الكتابة - الوعي يتماهي ويتماسي مع الشغف، الفرح الطفولي لحظات انعتاق إلي العذوبة والشفافية ، هذيان متواصل ومتجدد بالفعل هو الذي يعني اللحظات نفسها . والطموح إلي الفعل فعليه أن يخترق الواقع ويكشف الوقائع، لتحمل قيما ثقافية تؤسس للعلاقة مع الأخر لتعبر عن أمال وطموح الكاتب لآنتاج قيم ثقافية وغرسها في الواقع الثقافي الاجتماعي بهدف انحيازه إلي هذه القيمة [c1] لماذا الكتابة في الوطن العربي لا تطعم خبزا؟[/c]- لأنها الكتابة هذا المجهول الذي يعني المثقف \ والذي يعني الفكر \ والذي لا تقبله السلطة إجمالا لأنه يفكر ويكتب، ويقدم رأى غالبا ضد السلطة السياسية التي لديها القدرة علي الدفع ، وتقديم الخبز ، حيث أقترح علي الحكومة لحل الأزمة السكانية مثلا أن تبني أدوار عليا فوق المدارس التي تحمل دورا واحد أو أثنين أدوارا أخري يسكنها المدرسين مثلا ، أعرف أن هذا تفكير ساذج ولكن ماذا أقول لك وميزانية وزارة الدفاع مثلا ملايين أضعاف وزارة الثقافة ، هل تري.. هي أشياء لا تشتري كما يقول أمل دنقل ، ثمن المثقف العربي يا سيدي ربما لا يبلغ ثمن وجبة جيدة في مطعم متوسط الحال في وسط العاصمة ، ما الذي فعل ذلك هنا سوف اتهم المثقف أيضا الذي ساهم بشكل أو أخر في ذلك رغم أني علي يقين بأنه لا حيلة له [c1] الرواية العربية الراهنة هل هي بخير، أم انحدرت إلى دون المستوى الذي كانت عليه أيام نجيب محفوظ؟[/c]- ليست المسألة انحدار في المستوي ولكنه اختلاف في الرؤى أو نكون أكثر دقة زوايا الرؤيا ، هل انحدر فن الشعر منذ أبي نواس أو المتنبي أو طه حسين وأحمد شوقي أو ...........الخ أنها مراحل فنية يمر بها الإبداع منعطفات سياسية وتاريخية واجتماعية تهم المبدع وتسيطر علي أجواء الكتابة لديه ، عند يوسف إدريس أو إبراهيم الكوني أو الطاهر وطار أو أسماء كثيرة تالية يوسف القعيد جمال الغيطاني خيري شلبي الطيب صالح ، تراث جد مهم وعميق يحمل فكرا وروحا يليه أجيالا تحمل كل ذلك التراث الثقافي الهام ، وهناك أجيال جديدة تقدم مستويات روائية جادة وتحاول تثبيت موقعها الروائي علي الخريطة الثقافية رغم العناء الشديد ، لكنها لازالت تحارب بثقة وشجاعة [c1] كيف تنظر إلى دور اللغة كإحدى اللبنات في نصوصك؟[/c] - اللغة أساس البناء وقد يختلف معي الكثير من الكتاب والنقاد أيضا في ذلك وهذا حقهم جميعا ولكني أومن بطاقة التشكيل اللغوي في صنع الدراما والحدث وحتى الشخصيات أومن أن مفردة صياد وحدها قادرة علي هذا النقل المعرفي لهذا العالم أعتمد علي وعي المتلقي ومشاركته معي في اختيار اللفظ المناسب بل الجملة المناسبة كثيرا، وإذا كانت اللغة هي أداة الفكر ومحتواه وهي التي تعبر عن طريقة التفكير وهي تحمل بين أنساقها المختلفة هذا التعبير في شكل صور تتحول إلي مفردات ومعاني تحمل مفاهيما ورؤى فكيف إذا يكون اختياري لها ومع ذلك لابد للسرد وهو في قمة روعته اللغوية أن يحافظ في ذات الوقت علي موقف الذات في توجهها اللغوي العميق وبين الواقع الثقافي من خلال هذه الحدود التي تفصل بين اللغة كموقف ذاتي وبين الواقع المحيط بها كي لا يصبح القصد الفني خاليا من توجهه وخطابه الأدبي ومن الفعل الإيجابي للغة كموقف فني للكاتب [c1] هل صحيح أن في العالم العربي نوعان من النقد، نقد ما بعد الأكل ونقد ما قبل الأكل؟[/c]- نعم صحيح جدا هذا الكلام من وجهة نظر ما ، وهناك أنواع أخري مثل قبل النوم وبعد اليقظة ، والنقد المدفوع والنقد المجامل والنقد للنقد وأنواع لا حصر لها ولكن هذا النوع الذي تتحدث عنه هو الخطير فكل ما سبق كان مجاملات لطيفة لا خطر فيها، لكن أن تقدم وعي لا يستحق فوق وعي أخر مهم، فهذا خطر ، أما إذا قصدت بالأكل الطعام والشراب فلا نقد قبلهما ولا بعدهما ، [c1] ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في الناقد ليكون ناقد جيدا؟[/c]- سبق وأجبت عن هذا السؤال في النقد كموضوع فلا شروط في الناقد \ لأنه مبدع يحمل أدوات وبالضرورة أنساقا وأنماطا من التفكير والرؤى الواضحة في توجهها المعرفي الثقافي والمعرفي الفكري ، لا يحمل سيفا ولا مقصلة ولكنه يحمل وعيا متقدا وروح شفافة وقلما جريئا وعطاء مخلصا ومتابعة دءوبة ، والناقد الجيد هو الذي يضع نفسه في مكان المبدع أولا ثم لا يقترح ، بل يُبدع علي النص لا يتفرج من الخارج بل يدخل التفاصيل ويناقش الفكرة والمعني والبناء يتخلص من هذه الهموم التي أحاطت بنا في عصرنا الحديث من نفي وتذبذب واحتمال وحياد طوال الوقت حملت معها رتابة وقلق وارتباك في مفاهيمنا الثقافية لا طائل من وراءها ، وما يظهر من النص ليس هو النص ربما بين السطور في كلمة تختفي احتمالات كثيرة ، يجب الإفصاح عن الوعي النقدي وطبقاته المختلفة [c1] رأيك بالقصة القصيرة جدا، هل يمكن اعتبارها فنا مستقلا بذاته؟[/c]- لا أتصور ذلك نحن نتحدث عن تداخل الأجناس الأدبية من شعر وقصة ومسرح وربما أكثر من ذلك ولا مجال للفصل الكثير لأن هذا يفسد الفن غالبا فلو اعتبرنا أن الشعر مثلا الفصيح والعامي والموزون وغير الموزون ( النثر ) كل هذه أنواع من كتابات مختلفة ولكنها تحت مُسمى الشعر كفن وكذلك القصة ( القصيرة والقصيرة جدا والطويلة .....الخ ) لو اعتبرنا أنها جميعا فنون منفصلة لأصبح لدينا قائمة طويلة من فنون لا حصر لها هذه الانقسامات الطويلة والكثيرة تُفسد الفن ولا تطوره ، برأي الانفصال في الفن يفسده وليس لصالحه أن مع النصوص التي تتداخل فنيا وتستفيد من منجزات الآخرين ولا تنفصل لتقدم شكلا أخرا إنما لتقدم مضمونا جديدا وهذا هو الأهم ، [c1] هل لك إستراتيجية تفضلها في قراءاتك النصية؟[/c] - نعم/ أبدأ غالبا من نهاية النص عائدا إلي الخلف مُتصفحا ومن ثم أبدا القراءة تاليا بشكل نهم أولا اقرأه أبدا ، هناك عبارات تستوقفني وتشعل ذهني ومخيلة القراءة وتُغريني بالعودة والتأمل وإعادة التصفح والتأمل الواعي ، لمرات تالية أذكر أني قمت بقراءة أحد الكتب مرات كثيرة متتالية بلا توقف ، [c1] ما موقفك من الناقد الرسمي الذي تستصدر الدوائر والمؤسسات الرسمية قرارا بتسميته قارئا وناقدا؟[/c]- هو زميل وكأي واقع اجتماعي تحكمه قوانين ومعطيات هو يفعل أحيانا الصحيح وأحيانا يكون قاسيا بلا ضرورة ، ويكون مُجاملا كثيرا بلا معني، لأنه في منطق الواقع تحكمه نفس هذه القوانين التي تحكم رئيس المجلس ، ومأمور القسم ، وضابط البوليس والعمدة ، والغفير ، أنه صاحب سلطة يا سيدي ولكنها ليست سلطة نقدية ، أنها السلطة التي تنقصه/ في فرض وجهات نظره، والتي لم يعد يستطيع ممارستها عبر الكتابة النقدية لانفلات الأمور للحد الذي يربكنا ، الناقد الرسمي لم يتخلص من ثقافة نوعية هي ثقافة السلطة.ولذا فهو لا يعول عليه كثيرا في توجيه الحياة الثقافية لأنه رهن انحيازات خاصة بعمله الرسمي [c1] هل اسم القاص والروائي يلعب دورا في نجاح القصة والرواية[/c] - إعلاميا نعم \ موضوعيا لا أتصور أنه ربما لا نقرأ هذا العمل كلية، رغم هذا الاسم الشهير أو ذاك ، ولازال الإعلام في العالم العربي يحبو في هذا الشأن، ويقدم نصوص لا قيمة لها لأسماء كبيرة اعتمادا علي هذا الاسم أو ذاك . ولا أهمية لأسم الكاتب برأي في نجاح العمل إنما يفرض النص نفسه ببساطة بغض النظر عن اسم الكاتب [c1] لو طلبنا منك أن تختار إما الأدب وإما النقد لتكتب فيه فقط ، أيهما تختار ولماذا؟[/c] - سؤالك مُحير أحب الأدب ولا أستطيع إيقاف الناقد اللعين، أختار الأدب علانية لأنه عشقي الأول والنقد سرا بلا مخبرين ، حتى ولو تمني الُكتاب شنقي ،المسألة أن الإبداع الأدبي برأي هو نفسه الإبداع النقدي بمعنى أن النقد إبداع علي إبداع يقدم نص نقدي في مقابل نص أدبي هذا هو الأمر ، هنا رؤيا أدبية واسعة ومحتملة وهنا رؤيا نقدية محددة وواضحة[c1] ـ سؤال أخير.. ما هي أمنيتك التي تتمنى تحقيقها؟ الحرية لي ولأوطاننا الغائبة. [/c]