الحديث عن الديمقراطية في دول العالم العاشر هم وعبث فعدم استيعاب معانيها وأهدافها أفسدت وتعثرت رغم حاجتنا لها وتثبيتها في بلادنا إعجاز يفوق الوصف ولا ننكر إننا استفدنا منها بهذا القدر أو ذاك لتطبيق بعض من أهم ملامحها وقبل الولوج إلى تفاصيل ما حققناه عبر هذه الكلمة دعونا نعرج إلى الماضي خاصة إلى الوضع السياسي (لليمنيين- شمالاً وجنوباً) والتركة الثقيلة التي ورثتها الوحدة الوطنية.عاشت المحافظات الجنوبية إرهاصات واضحة منذ بداية الكفاح المسلح حتى هذه البداية اختلفوا حولها وكل واحد أعطاها ما يتناسب مع ميوله واتجاهاته حيث نهل بعض ممن قادوا الكفاح المسلح من الدول التي تلقوا فيها دراستهم الأكاديمية وإيمانهم بالنظام الحزبي المسيطر أو الموجود في تلك البلدان وكانت الناصرية والبعث العراقي والسوري والقومية العربية وعادوا وكل منهم يحمل أيديولوجية وفق قدرته الاستيعابية والمصالح الذاتية التي حققها من تلك التنظيمات وبرزت في الساحة السياسية (جبهة التحرير والجبهة القومية) والغيت بقية الأفكار أو لنقل تجمدت وإن كان البعض احتفظ بتلك الأفكار لذاته واستمر بتزويد نفسه بكل جديد لتلك التنظيمات وأخيراً تم أيضاً إزاحة (جبهة التحرير) وتفرد السلطة (للجبهة القومية) التي دعمت من قبل الجيش والمستعمر وكان التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية قد ضم فصائل مختلفة من تلك الأحزاب حتى توصلوا إلى فكرة (الحزب الاشتراكي اليمني من طراز جديد) وأعلن صراحة انضمام البعث العراقي والسوري والشيوعي تحت سقف القومية العربية.وظهرت في بلادنا أيديولوجيات وقيم ومبادئ غريبة من قبل الرفاق أولئك الرفاق الذين انتهى بهم المطاف إلى مصطلحات جديدة اليمين المتطرف واليسار والفردية والطغمة والزمرة إلى الشرعية وعدم الشرعية وآخر تلك المصطلحات الانفصالية وخلال حقبة من الزمن لم تظهر بوادر الديمقراطية أو حتى التلويح بها من بعيد كان النظام بفكر اشتراكي وليس بالشيوعي كما قيل عنه لأن الشيوعي هي أعلى مراحل الرأسمالية والتي لم يصل إليها الرفاق الروس.مظاهر الاقتتال الدموي وتخلص الرفاق من بعضهم البعض بإدعاءات وهمية وبمراهقة سياسية هزيلة خسر معها الشعب ربع قرن من عمره حيث ظلت الخطابات والشعارات وسيطرة مجموعة بين اقتتال وآخر واختلاف ثان تحت شعار (لا صوت يعلو على صوت الحزب) وبحكم هذه المبادئ الدخيلة إنهزم الحزب وظل عارياً في الساحة يتخبط بعشوائية وأدعوا بأنهم حققوا مكاسب وطنية لصالح السواد الأعظم من الشعب ولكننا كمواطنين لم نلمس واقعياً تلك المكاسب غير الانتقامات والثأرية والسحق والسحل للسواد الأعظم وكانت أحداث 13 يناير هي نهاية المشوار حيث تم التخلص من كل القيادات وبرزت الدرجة الثانية والثالثة من قيادة الحزب الاشتراكي والتي تم إنقاذها بعد تحقيق الوحدة التي كان الحزب شريكاً فيها ولكن بشكل فردي بدون العودة لقيادات الحزب لأنه كان حزباً بدون قيادة وحاول من تبقى منهم أن يعيد اللعبة من جديد لكن إصرار الشعب على رفض هذا التراجع ودفاعه عن الوحدة كمطلب شرعي وأعظم منجزات القرن العشرين جعلهم يرتجفون وإن بقت منهم فلول متناثرة وحزب موجود ضمن العدد الكبير من الأحزاب...بالنسبة للمحافظات الشمالية عانت ما عانت ولكن بعيداً عن الحزبية وللضرورة كان ظهور حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ضم كل فصائل التوجهات السياسية المختلفة في الفكر إضافة إلى رجال الأعمال والأدباء والمثقفين وتشكل الحزب برؤى متعددة وغطى فراغاً كبيراً كانت تعيشه السلطة وتنوع الأفكار أعطى لحزب المؤتمر خصوصية وكانت الظاهرة الاقتصادية هي الأفضل حالاً وهذه الخاصية غازلت ظروف المواطن في المحافظات الجنوبية ولم يعلن الحزب عن الديمقراطية أو بداية ممارستها ودخلت السلطتان في مشاكل بل وحروب رغم إن المواطن الشمال أوالجنوب لم يشعر أحدهما بأنه غريب عن الثاني حتى قيام الوحدة التي كانت بين سلطتين حاكمتين لأن الشعب كان موحداً ربما أكثر من بعد قيام الوحدة تفاصيل كثيرة في هذا الجانب ليس مجالنا هنا ولكني أوردت هذه المقدمة فقط حتى نصل إلى التعرف على الديمقراطية كاسم أو تصرف وممارسة.للحقيقة بعد قيام الوحدة اليمنية المجيدة كان هناك نضج سياسي لدى القيادة السياسية وحنكة وحكمة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح أبرزت الصورة الواضحة في كيفية ممارسة الديمقراطية عملياً فكانت ولأول مرة في اليمن الموحد إعلان التعددية الحزبية حيث يعد النظام الديمقراطي التعددي الحزبي أرقى صيغة سياسية وصلتها التجربة البشرية في تاريخها الطويل وهو النظام الكفيل وحده دون غيره بكفالة حرية التعبير وضمان المشاركة الشعبية في اتخاد القرار والتداول السلمي للسلطة ويستحق الاحتفاء بيوم الديمقراطية كأحد أهم ضمانات صيانة الوحدة.وفي هذا الإطار تم دستورياً ضمان حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والوسائل الفاعلة للرقابة على أداء سلطات الدولة وبشفافية إعطاء الحرية الكاملة في الرأي والرأي الآخر وتأسيس مجلسي النواب والشورى وحرية الصحافة كل هذه التراكمات كانت الأسس الأولى نحو ديمقراطية صادقة وجاءت الانتخابات في 27 أبريل كيوم الديمقراطية في 1993م وحققت التجربة الديمقراطية في بلادنا نقلة نوعية بإجراء أول انتخابات رئاسية في 23 سبتمبر 1999م والتي خاضها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح.إن صناديق الاقتراع هي كانت المحك ووفق إرادة واختيار الشعب إذن فالديمقراطية ممارسة وليست خطابات وشعارات لا نصل معها إلى نتائج ايجابية ولم تخش القيادة السياسية من هذه الانتخابات الحرة والتي أشرفت عليها منظمات دولية ومراقبون من مختلف دول العالم.الذي ارتعب من هذا الوهج الديمقراطي هم المتخاذلون أو من فقدوا مصالحهم الذاتية أو من همشهم الشعب فالأحزاب الأخرى عندما بدأت الإحساس بضعف حضورها التقت بعضها (التقى المتعوس مع خائب الرجاء) وعادوا من جديد إلى لهجة الخطابات والشعارات بل واستخدموا لغة الحقد والكراهية لا لتحقيق مكاسب للشعب ولكن لإعادة وجودهم فخسروا وأعاقوا أيضاً عملية التطور والنهضة التنموية الشاملة التي تسعى إليها القيادة السياسية والحزب الحاكم الديمقراطية عدالة وصدق وحرية ونماء وتطور الديمقراطية ليست شعاراً أنها ممارسة وما أشرنا إليه من إنجازات سياسية يؤكد النية الصادقة لبناء الديمقراطية المتكاملة والتي ستتلمس كل أوجه الحياة إقتصادياً واجتماعياً وسياسياً والانتخابات هي المحك عبر صناديق الاقتراع ومن يعارض ذلك فهو عدو نفسه ومن يقاطعها يحرم نفسه من حقه المشروع وفي التأجيل لمدة سنتين للانتخابات هي أيضاً ديمقراطية حتى يكتمل النضج السياسي وترتيب الأوراق بشكل ايجابي يجعل من يوم الديمقراطية يوماً يعتز به كل مواطن ويفتخر بالنهج السياسي للسلطة الحاكمة وإن لم تكن الديمقراطية نهجاً واسلوباً لأقيمت الانتخابات في موعدها (واللي ما يعجبه يشرب من البحر) طالما وأنها استوفت كل الشروط القانونية والتنظيمية ويحسب للمؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم هذا التصرف العقلاني الحكيم ورغبته في مشاركة كل الأحزاب في هذا العرس الديمقراطي الجميل وعلى تلك الأحزاب أن تعي الموقف وتعد برامجها الخاصة التي ستخوض بها الانتخابات الحرة والنزيهة بدلاً من ضياع الوقت وهدره في مماحكات سياسية بليدة تسيء إليهم وتسيء إلى الوطن بتصرفات هو جاء تدعو إلى القبلية والمناطقية والفرصة متاحة لهم حيث إن الوطن للجميع والانتماء له بالعشق وأمال المستقبل وممارسة الديمقراطية أسلوب راق عند من يملك منهاً وبرنامج عمل يقنعان جماهير الشعب في اختيارهم لقيادة الوطن. وها نحن على مشارف العيد الوطني التاسع عشر تتجدد مناسبة اليوم الديمقراطي ومعها يتجدد التلازم الوثيق بين الوحدة والنهج الديمقراطي كأساس لبناء الدولة الحديثة على الأسس التي اشرنا إليها مسبقاً إضافة إلى احترام حقوق الإنسان إن اختيار بلادنا للنظام الديمقراطي كبديل للأنظمة الشمولية وما أحدثته الديمقراطية من تحولات ملموسة تجعلنا ملزمين بالمحافظة عليها واستمرارها لأنها الطريق الوحيد في ترسيخ لغة الحوار والمحبة.هنيئاً لشعبنا بالديمقراطية التي أظهرت الكثير من القضايا التي تؤكدها وبلادنا بهذا الجانب مثال يحترم ويحتذى به بين الدول ولن نتعثر إذا أصدقنا النية وأخلصنا في تنفيذها لصالح الوطن الوحدوي العظيم .
|
ءات
يوم الديمقراطية
أخبار متعلقة