صباح الخير
بداية .. أود ان احدد ان المقصود بـ ( نحن ) في العنوان اعلاه هو : (العرب ) .. وان الآخر هو الغرب الأوروبي والامريكي .. والشرق بدوله وقومياته المختلفة . وعود إلى مايوحي به العنوان اعلاه ، فإن حديثي في هذه الزاوية سيتمحور حول العلاقة بين العرب ( نحن ) والآخر بأطيافه المختلفة شرق وغرب ، ولان السؤال هنا حول العلاقة فإن ذلك سيستدعي بالضرورة سؤال الهوية العربية في علاقاتها بهويات مختلفة ، ومن هنا لابد ان نستدرك اشكاليات هذه العلاقة وخلفياتها التاريخية ومدى تأثيرها سلباً وايجاباً على حاضر هذه العلاقة ومدى تهديدها اودعمها لهذه الهوية . والثابت في هذه الخلفيات التاريخية ان علاقة العرب بالغرب كانت عبر التاريخ علاقة غير سوية ادت الى عديد من الحروب والغزو والاحتلال واخضاع كل للآخر . اذن ثمة عدم طمأنينة في وجود شعور بالتهديد كل للآخر كانت قائمة ولاتزال ، حيث خضع العرب ولقرون للاستعمار ، ولم يدرك العرب التحرر إلاَّ في مدى نصف قرن ، ولاتزال الاثار السلبية للإستعمار تسحب نفسها على حاضر العرب وتهدد هويتهم ، خاصة ان الاستعمار ترك العالم العربي ممزقاً إلى دويلات ، وترك في كل دولة إرثاً من التكوينات الفئوية والطائفية وغيرها وغذاها ولايزال يغذيها حتى اليوم ، ذلك ان الاستعمار لم يفكر في يوم الا ان يكون استعماراً .. وهو لايزال كذلك .. إستعماراً متسلطاً عصاه الغليظة على رأس كل قطر من اقطار العرب التي سبق وان تركها ممزقة ، ولاتزال اطماع الغرب الاستعماري في ثروات العرب هي التي تحرك كل سياساته وتحدد طبيعة العلاقة مع العرب وهي العلاقة التي تقوم على الهيمنة والتسلط والغطرسة . لذلك .. عندما ينظر العرب الى هذه العلاقة مع الغرب الرأسمالي لابد وان يراها علاقة تهديد للهوية لاتني تتكرس يوماً بعد يوم وتصل إلى اقصى مدى في عودة الاستعمار المباشر .. مثال ( العراق ) و ( لبنان ) ذلك ان عجز الغرب عن تطويع اي قطر عربي لمشيئته لايزال يجعله يستدعي وسيلته الاولى ( الاحتلال المباشر ) .على ان العلاقة العربية مع شعوب الشرق تختلف كلياً ، فهي لاتحتوي على ارث عدائي ولا تاريخ استعماري ، بل ان العلاقات مع الشرق كانت على الدوام علاقات تكامل وتبادل نزيه للمعرفة والخبرة والموارد ، حتى وان شهدت خضات ونزاعات دموية في مراحل تاريخية معينة فإنها لم تعمر ولم تترك اثراً سلبياً بل انها سرعان ماجنحت للسلام والتعاون . ولذلك لايرى العرب في عمومهم اي تهديد للهوية قادم من الشرق بل ان كثيراً من شعوب الشرق تشكل اليوم امتداداً لأحد اكبر مقومات الهوية العربية وهو الدين الاسلامي الذي يمثل اليوم جامعاً للعرب مع العديد من شعوب الشرق اكثر منه مصدر تهديد . اذن .. لايجوز باي حال من الاحوال ان يشكك اي عربي في اي موقع كان بسلامة تعزيز اواصر العلاقة مع شعوب الشرق ، وعلى العكس من ذلك لم تخلف العلاقة مع الغرب الا مزيداً من التهديدات التي لايبدو باي حال من الاحوال انها ستقف عند حد .. وعليه فإن الحذر من الغرب هو الاكثر الحاحاً على العرب اليوم ، لانه هو التهديد الاخطر والشواهد الحية كثيرة ولاتزال تتأكد اكثر فأكثر .