منبر التراث
[c1]كتب قيمة[/c]عبد الله أحمد محيرز علم من أعلام اليمن ، وهب حياته لآثار اليمن وتاريخ عدن . كتب العديد من الكتب القيمة في تاريخ عدن وهي كتاب (( الصهاريج )) ، (( العقبة )) ، (( صيرة )) ، و (( رحلات الصينيين الكبرى إلى البحر العربي )) وهو كتاب يتكلم عن رحلات الصينيين العديدة إلى عدن في عهد الدولة الرسولية التي حكمت اليمن شرقه وغربه وشماله وجنوبه أكثر من مائتين عام , وقام كذلك بتحقيق مخطوط بعنوان (( الآداب المحققة في معتبرات البندقة )) . والحقيقة أن مؤلفاته تلك التي ذكرناها تنم على محقق بارع و مؤرخ كبير استطاع أن يحلل تاريخ عدن تحليلاً عميقاُ , وأن يشرح تفاصيل دقيقة وباستفاضة عن جانب من جوانبها الأثرية , والتراثية ، والتاريخية بصورة تدعوا إلى الإعجاب والتقدير الكبيرين . [c1]في أوربا وأمريكا[/c]والحقيقة أن الأستاذ عبد الله محيرز ، كان إلى جانب كتابته في موضوعات تاريخ ثغر عدن المختلفة والمتنوعة الجيدة واهتمامه البالغ بالبحث والتنقيب عن الآثار اليمنية. فقد كان من الرواد الأوائل الذين اهتموا بقضية ثقافية غاية في الأهمية وهي تصوير المخطوطات اليمنية القابعة في مكتبات أوربا ، وأمريكا . حيث قام في سنة 1975م ، بجولة في مكتبات أوربا وأمريكا لحصر وجمع المخطوطات والوثائق التي صورت فيها 800 مخطوط وما يربو عن ألف مقال ، إضافة إلىَ أرشيف مكتبة الهند عن المراسلات الخاصة بعدن ، والمحميات منذ الاحتلال البريطاني حتى 1905م . [c1]مدخل البحث التاريخي[/c]والحقيقة أن عبد الله محيرز ، كان يؤكد على مسألة هامة عندما كان مديراُ عاماُ للمركز اليمني للأبحاث الثقافية الآثار للفترة 1975 ــ 1989م , هي حرصه الشديد على جمع الوثائق ، وتصويرها ، وفهرستها وبذلك تكون في متناول المؤرخين والباحثين بسهولة ويسر و تلك الخطوات تقودهم إلى مدخل البحث التاريخي الحقيقي و الصحيح ـــ علىَ حسب قوله ـــ من ناحية والحفاظ على تلك الوثائق المكتوبة من الضياع والاندثار ومن أجل ذلك أحضر الوسائل التقنية التي تحافظ عليها من تقلبات الزمان وهي أجهزة الميكروفيلم والذي قام بتصوير الكثير من المخطوطات اليمنية النادرة . والشيء بالشيء يذكر ، فقد أسس الأستاذ عبد الله محيرز صرحاً ثقافياُ في اليمن وهو المركز اليمني للأبحاث الثقافية الآثار الذي أشرنا إليه في السابق . والحق أن عبد الله محيرز غرس بذور العناية بالوثائق والمخطوطات والعمل على الحفاظ علها في اليمن أو إذا شئت فقل هو أول من لفت نظر الآخرين إلى عملية جمع الوثائق ، وترميمها وصيانتها بالطرق العلمية ـــ كما قلنا سابقاُ . [c1]مع التراث اليمني[/c]وكان له السبق الأول في جمع التراث اليمني الشعبي الشفهي من شعر ، وسير ، وحكايات ، ونوادر ، وأمثال ، ونُكت وغيرها . وبالفعل خطىَ في تجميعه ، وتسجيله وتدوينه ، وفهرسته خطوات عملية واسعة وثابتة . ولقد قام ـــ أيضاً ـــ بتجميع عدد غير قليل من مجلدات الصحف اليمنية التي صدرت في ثغر عدن في الأربعينيات ، والخمسينيات ، والستينيات منها على سبيل المثال , " فتاة الجزيرة " الصادرة في مطلع عام 1940م ، لصاحبها محمد علي لقمان ( المحامي ) ، " النهضة " في بداية سنة 1950م ، لصاحبها عبد الرحمن جرجرة ، " واليقظة " سنة 1956م ، وهي امتداداُ لصحيفة " النهضة " وغيرها من الصحف التي صدرت في عدن والتي كانت تمثل مرجع أساسياُ من مراجع تاريخ عدن المعاصر بصفة خاصة واليمن بصفة عامة . ولقد جلب ــ كذلك ـــ الأستاذ عبد الله محيرز كتب قيمة عن آثار وتاريخ اليمن من دور النشر البريطانية في لندن فضلاً عن المؤلفات العربية في مختلف الفروع الإنسانية. ومازال جزء كبير منها ماثلة للعيان في رفوف المكتبة الوطنية بعدن . [c1]مشروع طموح[/c]والحقيقة أن الأستاذ عبد الله محيرز ، كان ينوي في أواخر حياته القيام بعملية ترميم وصيانة لأهم الآثار والمعالم الإسلامية في عدن مثل مئذنة (( المنارة )) , ويقال أن موضع المئذنة كان مسجداُ يعود بناؤه إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز الأموي المتوفى سنة ( 101هـ / 720م ) . وأما المئذنة فيبدو أنها بنيت في وقت متأخر . ولقد وضع عبد الله محيرز مشروعاُ طموحاُ وهاماُ وهو القيام بترميم بعض الحصون التي تمثل العمارة الحربية في عدن ومدرسة أبناء الشيوخ القابعة في جبل حديد والذي زارها ، وأقام بها الزعيم المصري الكبير سعد زغلول باشا سنة 1922م , وهو في طريقه إلى منفاه في جزيرة سيشيل في المحيط الهندي . [c1]سفير الثقافة اليمنية[/c]والحقيقة أن الأستاذ عبد الله محيرز لا يمثل رمز من رموز المؤرخين والأثريين الكبار في اليمن فحسب بل في الوطن العربي . وكان ـــ بحق ـــ سفيراُ ثقافياُ لليمن الذي أظهر تاريخها وآثارها المختلفة والمتنوعة بصورة مشرقة ومتألقة ومشرفة في الكثير من المؤتمرات العربية والدولية الخاصة بالآثار والتراث والتاريخ مما دفع بكثير من المنظمات الدولية مثل منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة أن تهتم بآثار اليمن بعين الاعتبار والاهتمام ومن جراء ذلك عُين في سنة 1990م نائباُ لرئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية في اليمن . [c1]مع وزير الثقافة[/c]والحقيقة أنه لا يختلف اثنان بأن الأستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة المعروف بهمته ، ونشاطه في الحياة الثقافية والإبداعية في بلادنا , قام بخطوات ثقافية جليلة منها على سبيل المثال أعاد طباعة المؤلفات التاريخية القيمة لعدد من المؤرخين اليمنيين مثل أعمال المؤرخ والعالم الأثري عبد الله أحمد محيرز والذي نحن في صدد الحديث عنه في مجلد أنيق ، وطباعة واضحة ومشرقة بعنوان ( الأعمال الكاملة )) . ونقترح ـــ كذلك ـــ على الأخ وزير الثقافة أن يمنح للمبدعين المبرزين في التاريخ والآثار ، والفنون جائزة علمية تحمل اسم الراحل عبد الله محيرز تسمى (( جائزة محيرز العلمية )) . وهذا الاقتراح ــ أيضاُ ـــ موجه إلى الأخ محافظ محافظة عدن الأستاذ أحمد محمد الكحلاني , والأستاذ الدكتور عبد الوهاب راوح رئيس جامعة عدن , والجمعية التاريخية والأثرية. وأنني أكاد أجزم بأن اقتراحنا هذا سيجد صدى لدى المسئولين .