التشوهات الخلقية في الأجنة .. الأسباب والوقاية
لقاء وتصوير / نبيلة عبدهولادة طفل تعني الفرحة والحب والأمل بالنسبة لكثير من الأسر ، إلا أن ولادته مشوها تعني الحزن والألم الدائم عند الكثير من الأسر الذين قدرعليهم أن يعيشوا ويتذوقوا مرارة إعاقة أطفالهم كل يوم .. هذه التشوهات الخلقية تحدث لعدد من الأسباب إذا ما تم تجنبها ، يمكن تفادي الإصابة .. والأمهات الحوامل معنيات بالدرجة الأولى بالتعرف على هذه الأسباب فهن من يقع على عاتقهن أن يجنبن الجنين هذه الأسباب.عدد من الأسباب تذكرها لنا الدكتورة نور بيضاني اختصاصية نساء وولادة وعقم في المجمع الصحي الإنجابي في المعلا بعدن من خلال اللقاء التالي : قبل الشروع في الحديث عن أسباب التشوهات الخلقية تقول د. نور بيضاني « إرادة الله في إنجاب طفل مشوه فوق كل شيء وأكبر من كل سبب علمي ومنطقي » ، موضحة أن التشوهات الخلقية هي عبارة عن خلل جيني في تكوين أو وظيفة عضو أو جهاز من أجهزة الجنين في المراحل الأولى للحمل . وأوضحت « تتنوع العيوب الخلقية عند بعض المواليد بسبب تعرض الأم الحامل إلى بعض الإشعاعات ، أو استعمال بعض الأدوية مثل حمض (الفاليبوريك) الذي يستخدم لعلاج بعض أنواع الصرع ، كما أن لنقص احد العناصر الغذائية الضرورية لنمو الجنين دورا كبيرا في ذلك ، وتشكل الأسباب الوراثية عاملا مهما جدا في ولادة طفل مشوه ، مشيرة إلى انه يولد ( 2 - 3 ) أطفال مصابين بعيوب خلقية لكل 100 طفل سليم ، وتزداد تلك النسبة في المناطق الصناعية وبين زواج الأقارب بصفة عامة ، و أهم تلك العيوب ما يصيب الجهاز العصبي وخاصة ما يسمى بالشوك المشقوق أو فتحة الظهر . [c1]أسباب التشوهات الخلقية [/c]أرجعت الدكتورة نور بيضاني حدوث التشوهات الخلقية في الأجنة إلى الأسباب التالية : اسباب جينية بنسبة ( 10 - 15 % ) .أسباب بينية بنسبة 10 % .الإصابة بعدوى الزهري - الايدز - الإصابة بداء القطط ( توكسوبلازما ) - الحصبة الألمانية ( روبيلا ) التي تؤدي إلى تشوهات في العين والقلب والأذن . التعرض للإشعاعات وبعض المواد الكيميائية مثل الزئبق والرصاص .تناول الهرمونات وخاصة التي تحتوي على الاستروجين .مرض الأم مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان وغيرها .تناول بعض الأدوية مثل : مضادات التجلط ومهبطات ضغط الدم دون استشارة الطبيب وكذلك أدوية الصرع والسل والمسكنات مثل (الديازبام). سوء التغذية الذي قد يؤدي إلى فقر الدم ونقص حمض الفوليك الذي يمنع حدوث التشوهات الخلقية في الجهاز العصبي .نقص الأوكسجين عند الأم الحامل . وهناك أسباب متعددة العوامل بنسبة ( 20 - 25 % ) منها : [c1]نمو الجهاز العصبي [/c]أوضحت د. نور أن عددا من العوامل الأساسية عند نمو الجنين قد تكون سببا كبيرا في حدوث عيوب خلقية لديه من هذه العوامل نمو الجهاز العصبي الذي يعد عاملا مهما حيث انه يبدأ بالنشوء في الأسبوع الثالث من الحمل وفي هذه المرحلة يكون الحبل الظهري داخل المضغة ، وهذا الحبل يعمل كدعامة لنمو بقية الخلايا العصبية ما يسمح بتمايزها وتكون العمود الفقري حولها ، يكتمل نمو الأنبوب العصبي في نهاية الأسبوع الثالث من الحمل ومن ثم انغلاقه في تلك الفترة ، إلا انه في بعض الأحيان يفشل الأنبوب العصبي في الانغلاق لأي سبب كان ما يؤدي في نهاية الأمر إلى ظهور عيوب خلقية في الظهر من خلال تكون تلك الفتحة ، وقد يرافق ذلك انتفاخ كيسي قد يحتوي على جزء من الحبل الشوكي الذي يبقى مكشوفـا لا يفصله عن المحيط الخارجي غير الجلد، ويمكن الاستدلال بحدوث ذلك قبل الولادة ، حيث أن تلك الفتحة الظهرية تسمح بمرور بعض المواد الجينية وأهمها ( الألفا فيتو بروتين) و( الاستيل كولين استريز) إلى السائل الذي يسبح فيه الجنين، ما يشير إلى حدوث ذلك العيب واكتشافه قبل الولادة، وأفضل توقيت لعمل مثل هذا الفحص ما بين الأسبوع (16 - 18) من الحمل.[c1]العيوب الخلقية [/c]واستطردت قائلة : تـعتبر عيوب الجهاز العصبي أكثر التشوهات الخلقية شيوعـا ورغم أن السبب الدقيق لفشل انغلاق الأنبوب العصبي لايزال مجهولا؛ إلا أن العوامل السابقة الذكر تؤثر بشكل سلبي على التطور الطبيعي للجملة العصبية المركزية منذ وقت الإخصاب، وفي بعض الحالات تكون مشاكل التغذية وتعرض الأم للإشعاع أحد الأسباب حتى قبل فترة الإخصاب، وتشمل تلك العيوب في الجهاز العصبي فتحة الظهر أو ما يسمى علميـا الشوك المشقوق الخفي، الحبل الشوكي المربوط، القيلة السحائية، وفي بعض الحالات يحدث فشل في تكون في الدماغ برمته وتدعى تلك الحالة بانعدام الدماغ.[c1]انعدام الدماغ [/c]وأوضحت أن مظهر الرضيع المصاب بانعدام الدماغ مميز لوجود عيب كبير في قبة الرأس مع عدم وجود الدماغ والمخيخ، وقد نجد بقايا من جذر الدماغ فقط ، وقد تشمل تلك التشوهات الفكين والقلب في (10 إلى 20 %) من الحالات، ويموت معظم الرضع المصابين بهذا العيب الخلقي خلال عدة أيام من الولادة.[c1]الشوك المشقوق الخفي [/c]وذكرت د. نور بيضاني أن هذا النوع ا من التشوهات شائع ويسمى أيضـا بالظهر المشقوق وهو عبارة عن عيب في فقرات الظهر، بحيث يكون الحبل الشوكي دون وجود عظم يحميه من المحيط الخارجي، ولكن لا يتم تكون كيس ظاهر على الجلد، ومعظم الأطفال المصابين ليس لديهم أي أعراض، وقد يترافق مع ذلك نمو شعر على الجلد الذي يغطي المنطقة المصابة أو ورم دهني أو تغير في لون الجلد، ويتكون ذلك العيب عادة في الفقرات السفلى من الظهر.[c1]القيلة السحائية والنخاعية [/c]وقالت : هنالك نوع آخر من العيوب التي تصيب الجهاز العصبي، ويحدث عندما تترافق الفتحة في الظهر أو في الفقرات مع فتق في الأغشية التي تحيط بالحبل الشوكي وهو ما يسمى علميـا بالسحايا ، وعادة ما يكون الجلد يغطي المنطقة المعيبة بشكل جيد ويكون الحبل الشوكي داخل الفقرات ، ومعظم هذه الحالات لا تشكل أي تهديد للمريض ويمكن تأجيل الجراحة إذا كان الجهاز العصبي غير هذا العيب الخلقي سليمـا، والطفل لا يحمل أي أعراض أما في بعض المرضى الذين لديهم تسرب في السائل الشوكي أو في حال وجود جلد رقيق يغطي تلك الفتحة فيجب إجراء العملية لترميم العيب الخلقي مباشرة لمنع حدوث أي التهاب أوحمى شوكية، وفي بعض الحالات قد يبرز جزء من الحبل الشوكي من فتحة الظهر فيصبح الجلد هو الساتر الوحيد عن المحيط الخارجي، وتسمى هذه الحالة بالقيلة السحائية النخاعية ويتم تفريقها عن الأولى إكلينيكيـا بالضوء، حيث تظهر عتمة داخل الكيس التكون في الظهر دلالة على وجود جزء من الحبل الشوكي داخل الكيس ويبرهن ذلك بعمل أشعة للرنين المغناطيسي ، حيث يظهر محتوى ذلك الكيس بدقة وينجم عن هذه الحالة خلل وظيفي في العديد من الأعضاء، حيث تشمل الهيكل العظمي والجهاز التناسلي .وأضافت : وقد يكون موقع الإصابة في أي مكان على طول الفقرات، ولكن يحدث في أسفل الظهر وبالتحديد في الفقرات القطنية العجزية بنسبة (75 %) على الأقل ويترافق مع ذلك خمول في العضلات وحدوث شلل في الأطراف السفلى مع غياب الانعكاسات العصبية وإمساك مع مشاكل في التبول وفي بعض الحالات قد تترافق تلك الأعراض مع حدوث استسقاء للرأس ما يسبب انفتاحـا كبيرا في اليافوخ الأمامي وتوسع أوردة الرأس الظاهرة على الفروة والأقياء مع زيادة في حجم الرأس.[c1]نسبة حدوث التشوهات [/c]ولفتت د. نور إلى أنه لم يحدد السبب علميـا بشكل دقيق لهذه التشوهات ، ولكن هناك تأهبـا وراثيـا، كما في بقية عيوب الجهاز العصبي، ويرتفع خطر نسبة التكرار بعد إصابة طفل واحد إلى (3 - 4 %) وتصل إلى حدود (10 %) عند وجود حملين سابقين مصابين.[c1]الوقاية [/c]أما عن الوقاية فقالت د. نور : كما ذكرت سابقا أن تلك العيوب الخلقية لم يحدد سبب أكيد لها ، ولكن من خلال الدراسات التي أجريت مؤخرا ثبتت أن بعض المواد الغذائية لها دور كبير في منع حدوث ذلك بإذن الله، وبالتحديد حمض الفوليك، الذي يتوافر في الأرز الأسمر، الجبن، الدجاج، لحم البقر، البقول، العدس والكبد.ولما كان الاحتياج للجسم أكبر ما هو مستهلك من المرأة الحامل أو بمن يحتاج ذلك النوع من الفيتامين فقد لجأت شركات الأدوية إلى عمل حمض الفوليك على شكل أقراص.[c1]حمض الفوليك[/c]تعرف العلماء على هذا النوع من الفيتامين بعد أن وجدوا علاقة بين نقصه في جسم الأم الحامل، وحدوث تلك التشوهات التي تطال الجهاز العصبي للجنين، حيث أنه يجب إعطاء حمض الفوليك للمرأة ، قبل الإخصاب لكي يكون فعالا مع الاستمرار بتناوله حتى الأسبوع الثاني عشر من الحمل ، وذلك حتى يكتمل تخلق المرحلة المبدئية للجهاز العصبي للجنين، وقد أوصت منظمة الصحة العامة الأمريكية بضرورة أن تتناول كل النساء في سن الإنجاب القادرات على الحمل حمض الفوليك يوميـا بمقدر (0,4 ملغ)، أما النساء اللواتي لديهن حمل سابق مصاب بعيب في الجهاز العصبي، فيجب معالجتهن بحمض الفوليك بجرعة (4 ملغ يوميـا) تبدأ قبل شهر من الحمل المخطط له، وحيث أن التغذية الحالية تزود الجسم بنصف الحاجة اليومية من حمض الفوليك تقريبـا وبغية زيادة الوارد اليومي من حمض الفوليك، فقد تم البدء رسميـا في الولايات المتحدة وكندا بتدعيم الطحين والرز والمعكرونة ودقيق الذرة بـ (0,15 ملغ) من هذه الأغذية، وقد تم تثقيف وتوعية النساء اللواتي يخططن للحمل تجاه تلك الأمور والاحتياطات اللازمة.