عبدالله علوانقصيدة ( ليت شعري من اكثر ترقاب الفرص ) أحدى قصائد حكيم الشعر الحميني ، عبدالرحمن الآنسي ، المودعة في ديوانه (ترجيع الاطيار بمرقص الاشعار) وهي من جياد شعره ، بل هي من عيون الشعر الحميني .وجودتها ، لاتأتي من موضوعها الجمالي وحسب ، بل ومن لغتها الشعرية السهلة والبسيطة ومن تراكيبها البليغة ، ثم من نسقها العروضي ، بحراً وقافية واسلوباً.فـ "المديح" هو غرض القصيدة الجمالي ، فهو لايكاتب بها (السيد محمد بن حسن المحتسب) كما يقو الشارحان في راسها انما هو مدحه، كما سنرى ذلك في المبيثة الرابعة ووشاحها والقفل الذي يختم به القصيدة .المهم ان القصيدة من المديح ، لكن هذا الغرض الجمالي ، البديع لانجده إلا في نهاية القصيدة ، في المبيتة الأخيرة ، ففي المبيتة الاخيرة يكشف الشاعر القماط عن الطير الذي يهيمن على المبيتات الثلاث الآخريات بأوشحتها الثلاثة والاقفال الثلاثة .لكن لماذا هذا القماط .. ؟ لماذا كان الطير هو مدار القصيدة وليس العلامة المحتسب ..؟ الآن الشاعر يريد ان يغمض ويبهم .. ؟ أم لان هناك تماثلاً بين الطير والعالم من جهة ، ثم تماثاًل آخر بين الشاعر والطير بما هو عالم ، كما تقول توشيحة المبيتة الثانية والثالثة ..؟إذا كان كذلك فاين يكمن هذا التماثل .. . سنبدأ القراءة من المبيتة الاولى :[c1]بيت ليث شعري من أكثر ترقاب الفرص فيك يا طير واحتال واحتاشوتردد عليك كل يوم حتى اقتنص شاردك والحذر من قدر لاشوربط ساق رجلك وقصر بالمقص من جناحك طويلات الأرياشوتجاوز على ظلم حبسك في القفص بعدما كنت مطلق بالاعشاش[/c]وأول ما نلاحظ في هذه المبيتة هو عنصر التماثل ليس في الذات ، فالطير حيوان سماوي ليس لذاته أي شبه بذات الانسان العلامة، لكنه يماثله في الأفعال ، وفي الصفات ، وفي الاحوال ، فالطير يتعرض للتجسس ، "ترقاب الفرص" وللاحتيال الاحتياش " أي للمكر والاصطياد ، وانتهاز الفرص" وكل يوم تتردد عليه عيون لايعرفهم الشاعر ، بل هو يتمنى معرفتهم ( كما في مطلع القصيدة وقوله "ليث شعري" ولكنه لايقدر على معرفتهم ).كذلك الطير يعيش عمره حذراً من الوشاة المتربصين به ، إلا أنى الحذر لايرد القدر، ولان القدر محيط بكل كائن أن كان، واينما كان ، وكيفما كان ، فقد وقع الطير في فخ الوشاة ة، فربطوه من ساق رجله، وقصروا بالمقص ارياشه الطويلة بل وجناحيه ، وتمادى الوشاة في ظلمه وحبسه في القفص ، بعدما كان طليقاً يحلق بحرية على اغصان الحقول والرياض وفي اعشاش الطيور .كذلك يتعرض الطير للاقصاء .. وللنبذ وللتهميش ، أولاً، ثم يتعرض للحصار والتجسس واخيراً يقع في الفخ بفعل مدبر ومحكم ، او بفعل مجموعة من الانتهازيين الذين يترددون عليه متربصين به، وذلك قدره رغم الحذر، فالحذر لايرد القدر "والحذر من قدر لاش" وكلمة "لاش" مرخمة من كلمة "لاشيء" و تعني عدم إمكانية الهرب من القدر البتة كما يقول في قصيدة اخرى عنوانها " الحذر لايمنع المقدور" : [c1]الحذر لايمنع المقدور***هيهات ماقدر الله كان [/c]ثم يأتي التوشيح من ثلاثة أسطر ليحدد الجناة وهم الناس ، ومن هؤلاء الناس كانت مأساة الطير وكان الظلم ، وكان الفساد .[c1]توشيحما فساد البلاد غير من الناس من كفي شرهم ما لقي بأس فهم الرجل في الشر والرأس [/c]والناس اسم عام وهو مجاز ويراد به شريحة خاصة منهم وهم الوشاة، أما البأس فكناية عن الاذى والضرر، والذي لاعلاج له سوى التقوى ، فمن اتقى الوشاة أو أذى المفسدين ومكايدهم سلم من آذاهم فهؤلاء الناس، هم الذين يسعون بأرجلهم في الارض فساداً ، ويخططون له ، بل ويديرونه بأرؤسهم ، وفي مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والادارية ، وبدون محاسب لهم أو رقيب.وهنا يبدو القفص وكأنه الحصن الذي يتحضن به الطير من المظالم الاجتماعية وفساد الدولة القاسمية ووشاتها .ثم يأتي التقفيل، ليفسر افعال الوشاة بالطير ، ويشير اليهم بضمير الغائبين "هم" فهم نغصوا حياته ، وكدروا صفو عيشته ، وهم جرعوه العطش الواناً .. والواناً ، وهم جرعوه الغصص المريرة .. حتى ان بقاه حياً بينهم ، بدت الشاعر وكأنها من الخوارق .. ؟ وهذا يدل على أنه طير قوي الشكيمة ، وجلد وصبور هكذا يقول القفل :[c1]تقفيل هم رموا صفو عيشه باكدار النغص***هم اعلوا فؤاده بالأ عطاشهم وهم جرعوه بالفراق مر الغصص***عجبي كيف إلى اليوم زاد عاش..؟!![/c]المبيتة الاولى بوشاحها والتقفيل تصف سوء حال الطير ووضعه الماسوي ، ومصارعته مع الوشاة ، الذي تحول بسببه ، من طير حر وطليق إلى طير يكابد مرارة العيش والحرمان .أما المبيتة الثانية ، فهي تصف احوال الطير الحبيس واشواقه السجينة معه ، إلى الحياة الحرة الطليقة بعد حبسه :[c1]بيتكم قلب غنله الفكر في وجه السماء بيتان***سمع في الهوا خفق الاجناحويطرب غناه ان رآى خضرة وما***ويصفق جناحه ويلتاحويظنوه مرتاح وفي الجهل العمى***كيف محبوس مشتاق مرتاحذاك اليوم كان على غصن ، ان غنى رقص***تحته رجله ، وان نوشه ناش[/c]هذه المبيتة تصور غرابة الطير وعزلته ، فهو حبيس غربته ، لكنه ما أن يسمع خفق الاجناح ، في الهواء ، حتى يلتفت بوجهه إلى السماء مستأنساً بكل طير يزوره ، وما ان يرى الماء والخضرة ، حتى يصفق بجناحيه شوقاً إلى ايامه الماضية .وهذه الحالة الولهانة ، والملتاعة إلى كل طير قادم اليه ليزوره، وبكل اسباب الحياة المحروم منها كالماء والخضرة ، كل هذا يجعل الناس يظنون ، ظن الجاهل ، بأنه مرتاح في قفصه ، وفي جهلهم يكمن العمى ، لأن اشواق الطير مع الحبس تكون اشد من عذاب الجحيم ، لكنه الوعي السطحي.لقد كان الطير حقاًُ مرتاحاً ، ايام ما كان طليقاً يغني على الاغصان ،وعلى غناه ترقالاغصان تحت رجله ، ويناوشها فتنوش تحت رجله .. ؟ ، لكنه الآن لايقوى على المناوشة ولا الاغصان تمتلك القدرة على التناوش ، وهو بعيد عنها وحبيس القفص ، لا بل والاشد انه مقصوص الجناح، وحياته منغصة ومكدرة .ثم يأتي التوشيح ، ليفسر حقيقة الشاعر الذي هو الآن بكل مشاعره وعقله يجلس جوار الطير ، فهو طير مثله أو يماثله ، وهذا التماثل يؤكد انسانية الطير وانه مجرد اطار جمالي يوجز به الشاعر حقيقة العلماء المؤمنين ، وأمانتهم العلمية وصدقهم ، ثم مآسيهم المفجعة.[c1]والذي هام قلبه بحبهوبقى كل حسه وقلبه فيه من بدة الطير جنبه[/c]إذن الشاعر هو الآخر طير يماثل الممدوح ، أو هو شاعر يماثل الطير الحبيس ، أي أنه يماثله بمشاعره وبعقله بل وباتجاهه العلمي والاخلاقي.ثم يقفل المبيتة ، بقفل يصور قناعة الشاعر بالطير وبأحواله ويشاطره شظف العيش :[c1]تقفيل قدر رضى به على لقط حبات الخلص***حيث يسمع تخرواط الاحناشمايشاء الرز والما على سكر يمص***في حجر بالقناديل والاقفاص[/c]ارتضى الشاعر بحياة الطير واقتنع بالعيش معه على التقاط حبات الخلص ، والخلص نوع من الثمر البسيطة ولكنه اللذيذ.لقد ترك الشاعر رغد العيش ولذته ، بل ترك القصور العالية المزخرفة والمضاءة بالقناديل ، وسكن مع الطير في السفوح والوديان ، مع الزواحف والحنشان .. ؟ ولكن رفضهما هذا ليس رفضاً لرغادة العيش ، وحياة القصور.ثم تأتي لمبيتة الثالثة كي تواسي الطير وتثبت عزيمته على الصبر وعلى التجلد لمواجهة هذه المحنة محنة الوشاة ومحنة الفساد والمفسدين :[c1]بيتطير عند الله إفراج وعند الله سعه***من مضايق على بابها اقفال مفتاحها الصبر ، فاصبر فراس المنفعة***فيه ، وكم لك من الخلق امثالماجرى لك جرى له وقد يحصل معه***لحال ماقدر خطر لك على بال[/c]يلفت الشاعر انتباه الطير إلى التجلد والصبر ، فمهما ضاقت الاحوال وانغلقت الاعيبها المحكمة ، فإن عند الله الفرج ،وعنده السعة ، وعنده مخارج كثيرة لكل ابواب الحصار المحكمة الاغلاق ، وهذه المخارج محكومة بالصبر ، "فالصبر مفتاح الفرج".ثم يواسيه ، بحالات كثيرة من امثاله في الخلق ، والشاعر واحد منهم ، فما تعرض له الطير من حصار نفسي ووشايات ومكايد ، تجرع الشاعر منها اصنافاً والواناً ، بل ان الشاعر تعرض لمكايد اخطر من مكايد الطير وتعرض لمصائب لاتخطر حتى على بال الشيطان .فكلما ظن الشاعر انه قد خرج من ورطة ، وجد نفسه في ورطة اكثر اغلاقاً من لعبة الباش ، ولعبة الباش ، لعبة مبهمة ومحكمة الحلقات وليس لحلقاتها من نهاية، هكذا تبدو " لعبة الباش" وكأنها لعبة دونها لعبة القدر التي يكابدها الخلق ، هنا وهناك وفي كل العصور أنها احابيل الوشاة ومكايدهم بالعلماء !ثم يأتي التوشيح ، ليسال الشاعر عن من يبلغ النازحين عن الاوطان بأن الشاعر الطير مازال على حبه لهم :[c1]توشيحمن يبلغ بعيدين الأوطانمن معنى بهم حب ولهان ان حبه لهم مثلما كان [/c]ومن هذا التبليغ نستنبط مظاهر التحرش والفتن السياسية وكل مايدور في أوساط المجتمع من مكايد وفتن يمارسها الوشاة بغرض قرع العصا بين اوساط الطبقات الشعبية وفي صفوف العلماء .ويأتي التقفيل ليؤكد حب الشاعر لأحبابه ، ووفائه لهم ، ثم يدعوهم إلى تكذيب الوشاة وإلى عدم الظن بحب الشاعر والطير لهم :[c1]تقفيللاتظنوه لما ناى خاف أو نقص***أو تعلق بأحد غير ماشالعزيمو أبت من تتباع الرخص***والنصيحة تبرت من الغاش[/c]الشاعر أو الطير أو كلاهما ، ما خف ولانقص وزنهما ، ولم يتعلقا بأحد غير أحبابه ، فالعزيمة ، وهي كناية عن الارادة ، أبت ان تتبع الامور الرخيصة "والامور الرخيصة" كناية عن وضاعة الوشاة وبقي الشاعر أو الطير أو كلاهما على حبهما نقيين ، نقاء النصيحة من كل غش .ثم تأتي المبيتة الاخيرة ، وهي بيت القصيد ، لتكشف القماط عن هذا الطير، الذي هو العلامة محمد حسن المحتسب الذي يماثل حاله حال الشاعر ويتصف بصفاته، ويتعرض لما يتعرض له الطير من محن ومآسٍ ، فالطير هو ترميز للعلامة المحتسب ، كما تقوله المبيتة الرابعة والاخيرة :[c1]بيتسرت في ذا النسيب وآخر السير الوقوف***بعد الإحرام بمدح المعرفالذي لو وزنته من الناس بالالوف***ما ثقل وزنهم به ولاخفأوحد السادة القادة الشم الأنوف***الذي هم من الناس أشرفمن بفضلهم محكم القرآن نص***وجعل حبهم أنس الأوحاش[/c]فالقصيدة كلها تأتي بمثابة الحجة "بكسر الحاء" أو هي العمرة على أقل تقدير ، فهي لباس إحرامه ، وعلى إحرامه يقف بين يدي العلامة المحتسب ، ثم يضع على المبيتة هذا الوشاح :[c1]توشيحإنما المحتسب حين يحاضر روض ناضر يقر النواظرويسلي على كل خاطر[/c]ثم يقفل القصيدة بعد التوشيح بهذا القفل :[c1]تقفيل تتهاده الأخوان فأوقاته حصص***في القوائل والاصباح والاغباشوتظنه بمن جالسه منهم أخص***من طلاقه محياه الاباش[/c]فالقصيدة إذن ، عمرة يحج بها الشاعر إلى مجلس العلامة الذي يشيع الحب والبهجة والبشاشة لكل جلساته حتى ان كل واحد من جلسائه يظن أنه المخصوص بتلك البشاشة دون غيره من الاخوان ، فكل اوقاته حصص ، وهوطلق المحيا والابشاش ، وفي الوشاح يصفه او يشبهه بالروض النضير ، وانه قرة كل عين تراه ، بل هو الفرحة والأنس وفي مجلسه يستأنس المتوحشون ..؟ والروض النضير كناية عن ندواته العلمية ورحابة هذا العلم .والعلامة المحتسب ولد في صنعاء عام 1179 هـ وبها نشأ في عصر الشاعر الآنسي ، وكان كما يقول محمد علي الشوكاني في البدر الطالع ج 2 بأنه عالم ومجتهد استفاد من العلوم الآلية وشارك في علم السنة ، وعمل بالادلة ولم يقلد أحداً ، وهو على جانب عظيم من حسن الخلق والتودد للناس ، واطراح الدعاوى التي يتعلق بها كثير من هم دونه ،وقد توفي في سنة 1257هـ في قرية "القابل" احدى قرى وادي ظهر غرب مدينة صنعاء .[c1]الحميني ولغة البيان الجليلة[/c]لغة القصيدة ، لغة ليست محكمة الاعراب لكن عدم اعرابها لايعني لغة عامية ودارجة ، بل يعني فقط أنها غير معربة ، لكنها لغة هي إلى الفصحى اقرب منها إلى العامية ، ولكن باساليب بيانية محكمة وجليلة ، مع ان هذه الاساليب هي اساليب حمينية بحتة ، أي أن أساليب التركيب فقط ، هي العامية ويمكن النظر إلى بيانها وجلالها من خلال التراكيب المجازية المرسلة ، كالاستعارة والكناية، والتماثل فمن الاستعارة كلمات مثل الاحتياش ، الاقتناص ، الشارد ، القفص ، والحبس ، النغص، الالتياح، والمناوشة ، الانقاش، اللب، الورطة، الخفة ، النقص، ماش، النصيحة، العزيمة ، الغاش ، الرخص الاوحاشفالاحتياش فعل مشتق من حاش يحوش الصيد اذا حاصره واحكم حصاره للايقاع به ، الاقتناص من الفعل قنص الصيد اذا اصطاده ، والفعلان من المجاز ويعني تتبع هفوات العالم السياسية والوشاية بهوالشارد من الشرود وهو عكس الحاضر ، وهذا كناية عن هفوات العالم ، التي يستغلها الوشاة للايقاع بهوالقفص كناية عن المجلس أو المفروض على العلامة فرض اختياري أو الموقع الذي اختاره العلامة مكرهاً على اختياره ، بسبب الحصار المضروب عليه ، وعلى اختياره ذاك، كانت الرقابة الشديدة عليه، ومثلها الحبس أما الالتياح ، فهي عكس الارتياح ، وهي مجاز وتعني اللوعة والاشتياق أما فعل النوش فهو من المناوشة وعكسها المهادنة أو التسامح ولكنها مهادنة العاجز عن الرد وعن المقاومة ، فقد كان العلامة في عنفوان شبابه يقاوم ويناوش الوشاة ، لكنه الآن شاخ وعجز عن مقاومة الوشاة .أما كلمة اللب فتعني العقل ، وقد تعني مبدأ القياس الاشعري ، أما الاحساس فتعني وحدة المشاعر بين الشاعر والعالم الصدوق.والتخرواط ، حركة الثعابين بين الاشجار، والاحناش ، جمع حنش ويعني الثعبان، الانقاش جمع نقش وتعني زخارف البيوت وأبهتها، والورطة مجاز تعني الهفوة التي يصورها الوشاة وكأنها الجريرة الكبرى ، لكنها تعني المأزق، والخفة في قوله "خف أو نقص" تعني الطيش والسقوط الاخلاقي ومثلها كلمة النقص.وكلمة "ماش" تعني ما شيء ومثلها "لاش" تعني لاشيء ، والعزيمة كناية عن قوة الايمان والارادة .أما النصيحة فكناية عن الحقيقة الواضحة ، والغاش عكس الصدق، وتعني الكلام المغشوش والمشوب بالكذب، وهي عكس الصادق والرخص جمع رخيصة عكس النفيسة، وهي هنا كناية عن الوضاعات ،وعن الدناءات .[c1]ومن الكنايات قوله :ترقاب الفرصطويلات الارياش اكدار لنغصلقط حبات الخلصروض ناضر [/c]فعبارة ترقاب الفرص عكس "المداراة" وهي كناية عن الترصد والتجسس بغرض المنفعة الرخيصة.وهي ايضاً كناية عن الانتهازية ، اما عبارة طويلات الارياش ، فكناية عن طول باع العالم ، وشهرته العلمية.أما اكدار النغص فهي عكس صفو العيش ، وهي كناية عن شدة المعاناة النفسية والاجتماعية ومكابدة أهوال العيش ومراراته وعبارة لقط حبات الخلص ، عكس لقط حبات العنب . واللقط تعني اخذ الثمر من شجره ، وهي كناية عن بساطة العيش وزهد العلامة .أما عبارة روض ناضر ، فكناية عن قوة علمه وسعته وكناية عن قوة الاجتهاد.أما التماثل فيجري على اربعة مستويات :المستوى الأول هو التماثل بين الطير والعلامة ، فالعلامة يماثل الطير في زهده المعيشي وفي سمو الروح وفي القوة البلاغية .والمستوى الثاني يجري بين العلامة والشاعر ، فالعلامة يماثل شاعر في العقل والاحاسيس المشتركة، لكنه يختلف عنه من حيث الوظيفة الحياتية .والمستوى الثالث يجري بين رياض الطير ، ورياض العلم ، فكما ان رياض الطيرمفعمة بالخضرة والطراوة ، كذلك ميادين العلم مفعمة بالمعارف الجديدة التي يجتهد العلماء في بيانها واشاعتها بين الناس.ويجري المستوى الرابع من التماثل بين العالم بمجلسه العلمي، وبين البيت المقدس ، فكما يرتاد الناس الكعبة للعبادة ، يرتاد ، ليس الشاعر وحده ، مجلس العلامة ، بل وكل طلبة العلم للتعلم .
|
ثقافة
ليت شعري .. التماثل والتباين 1 - 2
أخبار متعلقة