لكل نوع من أنواع الكائنات الحية (كائنات عضوية صغيرة، نباتات، خلايا الفيروسات والبكتيريا والأعشاب والحيوانات) تحوى نواة خلاياها كروموزومات أو صبغيات تميز كل كائن عن غيره. فمثلا للإنسان 32 زوجا أي 64 كروموزما وهذا الأخير يتكون من الحامض الريبو- نووى منزوع الأوكسجين "ADN باللغة الفرنسية أو الـ DNA باللغة الإنجليزية لنقل "الدنا"" وهي جزيئّه طويلة تحمل المعلومات الوراثية ملتفة حول بعضها بطريقة لولبية يبلغ طولها لدى الإنسان مترين. ولو بسطنا الأمور لقلنا أن "الدنا" ومن خلال توسطات عديدة وسلسلة من التفاعلات الكيميائية "تشفّر" code البروتين خاصة. الجين إذن هو الجزء الذي يرتبط بهذه الوظيفة وهو يتكون من "خلطات" وتصاميم من أربع مكونات أساسية وهي: [c1]- القوانين: G - الأدونسين: A - التيمين: T - السيتوزين: C[/c]كل تصميم من ثلاث مكونات أساسية يؤدى إلى "حامض أميني" وهذا التصميم القاعدي يسمى "الشفرة" أو codon أو "الشفرة الجينية". وهكذا فإن تجميع الشفرات يفضى هو الآخر إلى تجميع خاص ومحدد للحوامض ألأمينيه المناسبة لكل شفرة وبالتالي نوع البروتين المتحصل عليها. في الحقيقة هذه الصياغة تستلهم مفاهيمها صورها من اللغة: كلمة وكلمة تساوى جملة ومعنى فيصبح "الدنا" هو الدال والبر وتينة هي المدلول "مع أننا نعلم مسبقا أن التعبير اللغوي يتجاوز هذه النظرة الخطيّة والمبسّطة وأن اللغة أي لغة لا يمكن اختزالها في معجمها". هناك 64 إمكانية للحصول على شفرات جينية "الشفرة هي ثلاث مكونات أساسية مثال ذلك: TCA TGC, ACG, AGC, TAT, AAT, ..الخ. البروتينات هي إذن جمع خليط وتصميم لحوامض أمينيه وهناك عشرون حامض أميني. كل الكائنات الحية بما فيها الإنسان خضعت عبر التاريخ وما زالت تخضع لطفرات أي تحوّلات في رصيدها الوراثي وذلك بمحض الصدفة تنشأ خاصيات جديدة منها ما هو يعتبر "إيجابيا" يمكّن الكائن الحيّ من التأقلم مع ظروف خاصّة ومحيط مميّز ومنها ما هو "سلبيّ" يؤدّى إلى ظهور بعض الأمراض وصولا إلى الزوال وذلك لعدم التأقلم مع المحيط. مثال ذلك السمك الذي يعيش في المياه الباردة والذي تحتوى كرومزوماته أو صبغياته " شفرة جينيّة" تفرز بروتينا خاصّا يمكنه من المناعة والقدرة على مقاومة البرودة. فالمحيط يقوم بعمليّة فرز آلية إذ أن الأسماك التي لا توجد بها مثل هذه البروتينات تموت وتنقرض. كما أنّ التحولات والمتغيرات التي تطال المحيط "من جرّاء التلوّث مثلا" تسبب في تراجع نسبة الكائنات الحيّة مثال ذلك: في منطقة ما يوجد نوعان من الفراشات "من نفس الفصيل" 80% منها ذات لون يميل إلى البياض ويتأقلم مع ألوان الأغصان بحيث يصعب على الحشرات الفتاكة أن تلحـظها وتصـطادها و20% منها يميل إلى السواد بحيث يسهل معاينتها واصطيادها من طرف الحشرات والحيوانات.بمجرد تلوّث المنطقة بمفعول الصناعات التحويلية وغيرها من الملوثات التي تسوّد الأغصان "بمفعول الغاز الكربوني والمواد الملوثة التي تلفظها المصانع" فتصبح الفراشات البيضاء أكثر عرضة للاصطياد وهكذا تتغير النسب فلم يعد هناك سوى 20% من الفراشات البيضاء. الجينات والشفرات الجينية لا تؤدى إلى إفراز للبروتين في كل أعضاء الجسم. فالأسماك التي تعيش في القطب الشمالي لا تحمل هذه البروتين المنيعة ضد البرودة إلا في الخلايا الدموية "الكريات الحمراء". إذن هناك جزء من ألجين يقوم بدور المنشط أو المحرك أو المنبه أو المعيق "نشبّه ذلك بالقاطع الكهربائي وهذه الصورة مستعارة من الحياة العامة واليومية الماكروفيزيائية والمشاهدة بالعين المجرّدة ولذلك فهي لا تستوفى المسألة لأننا بصدد مستوى دقيق ومتشعب ومعقّد". الجين المنشّط لا يفعل فعله في النبات إلاّ في مستوى أوراقها ليضفى اللون الأخضر. كما يوجد في كل جين بداية ونهاية أي ما يشبه الحاجز الذي يرمز إلى نقطة الوصول ونهاية المعلومة. في الحقيقة علاقات الجينات بالبروتينات ليست بهذه البساطة . فيمكن لجين أن يفرز بروتينا أو أكثر - يمكن للبروتين الواحدة أن تكون حصيلة نشاط جينات عديدة - يمكن لجين أن يشفّّر لبروتين في وقت وزمان محدّدين من نموّ الكائن الحيّ - نشاط الجين مرتبط بموقعه فوق الصبغيات Locus وبعلاقة بالجينات المجاورة. - هناك جينات لا تعطى أي معلومة - هناك جينات تنشّط جينات أخرى أو تحد من نشاطها وتوقفه - عمليّة التشفير تخضع لتوسطات متعددة ومتشعبة وتستدعى مكوّنات مختلفة من الخليّة وتخضع لتأثير المحيط. أما مفهوم الجينات "السلبية" و"الإيجابيّة" أو النافعة والمضرّة فهو نابع في الحقيقة من مفاهيمنا القبلية وأحكامنا المسبقة التي تعودنا عليها ويعكس وجهات نظر ومسلمات أكثر منها الحقيقة. فمنطق الكائن الحيّ يتجاوز منطق البشر ويختلف عنه. والكائن المحور جينيا هو كائن حيّ وقع تحوير مادته الوراثية بطرق وأساليب اصطناعية ولا يمكن أن يحصل ذلك بطرق طبيعية. وهو كل كائن عضوي صغير، فيروس، بكتيريا، نبات أو حيوان وقع تغيير جينومه بإضافة أو نزع أو تعطيل أو زحزحة جين بحيث يفضى ذلك إلى تغيير في الإفرازات البروتينيه والحصول على كائنات حية تمتلك خاصيات ما كانت لتحصل عليها بصفة طبيعية ودون تدخل الإنسان. وبفضل اكتشاف الإنزيمات القادرة على قطع الحامض الريبو- نووي منزوع الأوكسجين أصبح بإمكان الإنسان نقل هذا الحامض وإنتاجه بصفة اصطناعية وغرسه في نباتات أو كائنات حيّة أخرى. [c1]والحصول على كائن محور جينيا يمرّ بمراحل متعدّدة : 1- تحديد الجين المرغوب وتحديد وظيفته الخاصّة : [/c]وهو بحث يستدعى القيام بملاحظات من أجل تعيين الجين المرجوّ التحصل عليه والبروتين التي يساهم في إفرازها. بطبيعة الحال وفى أغلب الحالات يرتبط الجين الواحد بإفرازات لعديد البروتينات. إن تحديد الجين بصفة دقيقة صعب المنال إذا أنه غالبا ما يختفي الجين المذكور ملتصقا بمتتاليات جينية مجاورة فلا وجود لجين خالص يقع انتقاؤه وفرزه. [c1]2- استخراج الجين : [/c]بواسطة أنزيمات قاطعة للحامض الربيونو أى منزوع الأوكسجين ""الدّنا"" نتحصّل على الجين. عمليّة القصّ أو القطع لا تقع بصفة دقيقة ومحدّدة. فالإنزيم يمكن أن يقطع الكروموزوم في أماكن متعددة. ندمج الجين المذكور في بكتيريا ثم نحدث عليها تحولات، كي تتكاثر وهذه العملية يطلق عليها استنساخ الجين. نستخرج عددا معيّنا من الجينات وفى هذه الحالة يمكن لنا أن نحمل أجزاء بكتيرية وهذا ما حدث بالنسبة لمادّة التربتوفان Tryptophane المصنوعة بطريقة هندسة الجينات. [c1]3- غرس الجين : وبالامكان حدوث ذلك بأسلوبين ، هما : [/c]- إمّا أن نغرس كويرات صغيرة جدا في محلول يحتوى على هذه الجينات ثم نطلق هذه الكويرات بمسدس خاص pistolet à minibilles على الخلية "النباتية أو الحيوانية أو غيرها من الخلايا الحية". فتغرس الجينات وتدمج في أماكن مختلفة من كروموزوم أو صبغية الخلية وذلك بصفة اعتباطية. - أو التوسط بناقل عادة ما تكون بكتيريا تعيش في الأرض Agrobacterium Tumefaciens أو البكتيريا الفلاحيه المورّمة والتي عادة ما تتسبب في أورام في النباتات والأشجار وتنقل إليها هذه الجينات. إذن هندسة الجينات تكنولوجيا غير دقيقة وجانب الصدفة والمفاجآت يحتلّ موضعا هامّا في عمليات غرس الجين. فالسّوجا المحوّرة جينيا لتتقبّل كميات كبيرة من مبيد الأعشاب وتتعايش معه: السوجا Round up لأكبر مؤسسة عالمية في هندسة الجينات Monsanto تحمل علاوة على الجين المعروف 534 زوجا إضافيا من المكوّنات الأساسية لم يتفطّن لها أصحاب البراءة إلاّ بعد 6 سنوات. والجين المغروس يتعرّض إلى هزّات وتحوّلات وشروخ وجروح ناتجة عن عملية الغرس نفسها "الناقل أو مسدّس الكويرات الصغيرة". كما تتعرض الجينات المجاورة إلى تغييرات إمّا مباشرة بشرخها و"جرحها" أو بتحويل موقعها ومرتبتها باندماج الجين الجديد الذي يزحزحها. [c1]4- غرس جين العلامة والجين المنشّط : [/c]جين العلامة هو جين بكتيري وعادة ما يكون جين الحصانة تجاه مضاد حيوي نغرسه في الخليّة النباتية ثم نضع الخلايا في محلول يحتوى على المضاد الحيوي فتموت الخلايا التي ليست بها علامة وتبقى الخلايا التي بها العلامة. أما الجين المنشّط فهو جين منتقى من فيروس مهمّته تنشيط عملية "التعبير" و"التشفير الجيني". [c1]إذن نتحصّل في الأخير على : [/c]- جين مرغوب فيه مع فواضل من جينات البكتيريا - جين العلامة - جين منشّط .والحاصل هو "جين وهميّ" كما سمّاه رجال البيوتكنولوجي gène Chimère.
التحوير الجيني
أخبار متعلقة