أبوح لكم
عدد كبير من الأصدقاء والزملاء سألوني :لماذا لم تكتب عن صديقك عصام سعيد سالم بعد (موته)!!، مثلما عمل معظم أصدقائه وزملائه؟!الواقع .. يحزنني السؤال ويدهشني ويرفع ضغطي.. وعادة لا أجيب على السؤال لأنني أرفض أن أقدم تقريراً عن عواطفي وحزني . ولا أستطيع أن أعرضهما في فاترينة أو أحوّل تلك العواطف والأحزان والمشاعر إلى حروف سوداء وأعمدة في صحيفة يقرأها الآخرون حتى يتأكدوا من مشاعري لمجرد إرضاء فضولهم!!كيف أقول لهؤلاء : رغم اعترافي بالموت وإيماني بإرادة الله، فإنني أملك شعوراً حقيقياً وقوياً بأنّ (الأحبة .. لا يموتون!!).. لم أتعوّد أن أودِّع حبيباً وصديقاً وهويرحل عن دنيانا بجسده.. لا أستطيع ولا أحب أن أسير في جنازة صديق وحبيب.. وترفض أصابعي أن تمسك القلم لتكتب كلمات باهتة لا ترتفع إلى مستوى حزني الحقيقي والكبير لرحيل ذلك الحبيب والصديق!!أيها الأصدقاء والفضوليون.. ماذا تريدونني أن اكتب عن (موت) رجل يحب الحياة، بل سيظل بالنسبة لنا أهله وأحباءه هو الحياة نفسها!!من قال لكم إنّ عصاماً (مات)؟!.. نعم رحل جسد عصام، ولكن روح عصام، مرح وضحكات عصام، حب عصام لأحبائه وحبهم له، إبداعات عصام ومواقفه الشجاعة والنبيلة .. كل هذا لا يموت ولن يموت بالنسبة لنا.. عصام هو الحياة، والحياة لا تموت.يقع منزل عصام على بُعد خطوات من منزلي. أنّه الطريق الذي أمر به وأنا أغادر أو أعود إلى منزلي، وعادة تعوّدت أن أراه مرة واحدة يومياً على الأقل.. ولكنني منذ حوالي أربعين يوماً لم أعد أراه.. أندهش، أرفع رأسي إلى بلكونة منزله عله يقف هناك يشرب الشاي، كما يفعل أحياناً.. أرى سيارته واقفة تنتظره كما ينتظر الجواد الأصيل فارسه.. أبحث عنه بجانبها أو خلفها عله يحادث أو يمازح صديقاً أو جاراً كما كان يحلو له دائماً.ولكنني لم أعد أراه منذ أكثر من شهر.. نعم لم أعد أرى جسده، أما روحه النبيلة والمرحة فهي تملأ الشارع بهاءً.. ترى روحه في عيون جيرانه / أصدقائه / أهله/ أطفال وشباب حارته الذين تعودوا على مرحه وكرمه كلما مرّ بهم.. كيف يموت كل هذا؟!.. ولماذا يدعون أنّ عصاماً (مات)؟!.. إذا لم يكن كل هذا الحب وكل هذه المشاعر هي الحياة نفسها.. فما هي الحياة إذن أيها الأصدقاء؟!عندما عرفت أنّ مؤسسة 14 أكتوبر ستطبع كتاباً في أربعينية رحيله يحتوي على التعازي والمقالات الحزينة التي كتبت عن رحيله.. تمنيت أن تطبع كتاباً نقرأ فيه أهم ما كتبه عصام عن (الحياة) بدلاً من إصدار كتاب يتحدث فيه أصدقاؤه، عن (الموت)!!الذين يعرفون عصاماً جيداً، يدركون كم كان عصام يحب (الحياة)وكم كان يكره (الموت) والمرض.فيا أحبة عصام.. عصام لم يمت ولا يريدكم أن تكتبوا عن الموت.. بل اكتبوا عن الحياة والسعادة .. وحققوا أمنية عصام التي كان يسعى لتحقيقها في أن نحب بعضنا البعض.. وأن نعمل جاهدين ومخلصين في سبيل الوطن اليمني ليزدهر ويتطور.. وأن نحمي وحدة الوطن من أعدائه في الداخل والخارج!!عهداً عصام.. سنواصل مشوارك ونحقق أمانيك . وستظل روحك بيننا حية لا تموت!!.. وسيكون احتفالنا بك في ذكرى ميلادك مثلما تعوّدنا، في كل عام!!