صباح الخير
نظام العَلاقات بين الناس، داخل الكيانات الاجتماعية الصغيرة والكبيرة، تحدده وتضعه الدساتير والقوانين، وتتحدد بالتالي حقوق الناس وواجباتهم داخل هذه الكيانات على هيئة عقود قرابة، وعقد اجتماعي شامل يُشارك في صياغته وتطبيقه الجميع، وبالتاسلي بصبح العقد شريعة المتعاقدين، والكل ملزمون بتنفيذه والعمل به، وهناك إجراءات جزائية للخارجين عنه، وهكذا ينطبق الأمر على القوانين الدولية والمعاهدات والاتفاقيات، وإلا كانت الفوضى وغياب النظام وبالتالي غياب مبرر وجود تلك الكيانات بما فيها الدول والمنظمات والأحزاب.وقد سبق للديانات والنظريات الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية أن حددت منطلقات فلسفية عامة، تضمن سلامة وسلاسة نظام العَلاقات بين الناس، ليكون قوامها العدالة والمساواة بين أفراد كل الكيانات الاجتماعية، وإلا فسدت هذه العَلاقة وانحلت، وتفككت الروابط المنشودة بينهم كنظام اجتماعي وسياسي مستقر، وهنا يعود الناس إلى عالم الغاب والتوحش والاقتتال، وهنا يسود منطق قوة السلاح بدلاً عن منطق قوة الحق والحقيقة، وهذه للأسف هي سمات اللحظة التاريخية الراهنة: الفوضى الخلاقة الأمريكية التي يُراد تعميمها عالمياً.لذلك كله لابد من إعادة الاعتبار للدساتير والقوانين والمعاهدات والاتفاقات لتكون حكماً بين الناس داخل الكيانات الوطنية والقومية، وبين الدول تحت رعاية مستقلة من هيئة الأمم المتحدة، لنضع حداً للحروب القائمة ولعمليات الغزو والاحتلال من قبل الكبار تجاه الصغار، ومن قبل الأقوياء ضد الضعفاء أو المستضعفين، وهنا تأتي أهمية وعي الناس بالقوانين ومشاركتهم في صياغة هذه القوانين والاتفاقات والمعاهدات، ليكونوا على دراية بها ومستوعبين لها، ليعرفوا بصورة أدق حدود واجباتهم وحقوقهم، وتأكيد ذاتهم.وبذلك فقط يشاع الخير بين كل الناس، وتصبح مشاركة كل فرد في الحياة الاجتماعية العامة فعالة ومؤثرة وذات معنى، وهنا فقط تتجسد الديمقراطية الوطنية وكذا الديمقراطية داخل كل كيانٍ اجتماعي صغير أو كبير، وكذا على مستوى العَلاقات بين الدول في إطار منظمات وهيئات الأمم المتحدة، ويصبح العالم أكثر هدوءاً واستقراراً، وتسقط غلبة القوة ليسود الحق بين الجميع، وتسود العدالة والمساواة والمحبة بين الناس، وتنتهي العداوة والكراهية بينهم: وهذا هو كل ما تنشده البشرية في نضالها الدؤوب والمستمر إلى ما لا نهاية.