الحقيقة أن أكثر قطاعات العمل لدينا في الوطن العربي حكومية كانت أم خاصة تجارية أم صناعية لا تهتم كثيراً بتشريعات أو تقنيات ترشيد الكهرباء كما هو الحال بالنسبة للمياه، ولعل هذه الضارة تكون نافعة في إيقاظ الحس المتبلد لدى كثيرين في الترشيد عموماً إلى الحد الذي يوفر كل متطلبات العمل والراحة دون إهدار لمزيد مما يفوق الاحتياج ويسبب كثيرا من الأذى للبيئة. لسنا في حاجة إلى اختراع تلك الأساليب أو التقنيات, فكثير من الباحثين ورواد الأعمال في الدول الأخرى التي اكتوت بنار أسعار الكهرباء والقطع المتكرر للتيار الكهربائي كتبوا في ذلك كثيراً من النصائح، خذ مثلاً ما صرحت به هيئة أو وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية البريطانية Defra بأنه يمكن لقطاعات الأعمال البريطانية توفير ستة مليارات جنيه استرليني بتنفيذ خطوات بسيطة لتوفير التكاليف في تلك القطاعات وبالتأكيد منها التوفير في الطاقة والمياه. قرأت قبل سنة تقريباً مقالاً رائعا في الموقع الإلكتروني لمجلة New Business البريطانية بعنوان «أفضل عشر نصائح لتحسين الكفاءة وتوفير المال», وأعجبني تذييله هذا العنوان بعبارة «باتباع عشر خطوات بسيطة يمكن لقطاعات العمل الصغيرة أن تقلل من انبعاثات الكربون وتوفر المال»، وقد حاولت تطبيق بعض من تلك النصائح في البيت والعمل قبل كتابة هذا المقال فحصلت على توفير يقارب 50 في المائة من فاتورة كهرباء المنزل دون أن تلاحظ أسرتي أي تغيير يذكر, فالجميع يستمتع بإنارة جيدة ويشغل ما يريد من أجهزة كهربائية وإلكترونية، أكثر هذه النصائح تتكرر في عدة مقالات أخرى خصوصاً الأجنبية مع مزيد من الأفكار الجميلة والآراء المفيدة، لذا دعني بعد هذه المقدمة الطويلة أسرد لك أهم تلك الخطوات لتخفيض التكاليف عموماً في القطاعات الحكومية والخاصة: 1 ــ التأكيد على من هم تحت مسؤوليتك في البيت والعمل على إطفاء جميع الأجهزة أثناء فترات عدم الاستخدام, خصوصاً أثناء الليل ونهاية الأسبوع والإجازات، مثل الغلايات وأجهزة التكييف أو التدفئة وأجهزة الحاسب الآلي، وذكرت المجلة أن تطبيق ذلك على جهاز حاسب آلي مكتبي واحد يمكنه حسب تعرفة الكهرباء البريطانية توفير ما يزيد على 35 جنيها استرلينيا سنوياً (190 ريالا). 2 ــ إطفاء الإضاءة في المكاتب والغرف الفارغة، وتخفيضها في الممرات التي لا تستخدم كثيراً، وهذا يخفض 66 في المائة من تكلفة إضاءة المكتب مثلاً باعتبار العمل فيه ثماني ساعات فقط. 3 ــ تخفيض درجات تبريد المكيفات وأجهزة التدفئة للحد المناسب ولو درجة واحدة يحافظ على صحة الموظفين ويوفر الكثير. 4 ــ قطرات المياه من الصنابير التالفة يكلف الكثير، لذا يجب فحصها باستمرار وإصلاح أو تغيير التالف منها. 5 ــ يمكنك التوفير من خلال الإبداع في إدارة مخلفات الشركة كإعادة استخدام الجيد منها بطرق مختلفة أو الاتفاق على بيعه لشركات تدوير المخلفات. 6 ــ تخفيض الأحمال وصيانة مركبات الشركة بشكل دوري يخفض من تكاليفها إجمالاً ويطيل عمرها التشغيلي ويحافظ على البيئة. 7 ــ إعادة تعبئة الأحبار بدل تغييرها, والطباعة والتصوير على وجهي الورقة ما أمكن ذلك يوفر كثيرا على الشركة ويحافظ على البيئة بتقليل المخلفات. 8 ــ الاستثمار بتركيب بعض تقنيات الترشيد في الكهرباء والمياه ومنها: * استخدام أجهزة تحكم آلية لتشغيل وإطفاء المصابيح في الممرات عن طريق استشعار المارة ودرجة توفر الإضاءة الطبيعية. * استخدام صنابير ذات تحكم بالخلية الضوئية بدلاً من التقليدية يوفر كثيرا من هدر المياه بلا فائدة. * استبدال المصابيح الحرارية «الهالوجين» بأخرى اقتصادية مثل مصابيح الفلوريسنت المدمجة CFL التي توفر ربع التكلفة وعمرها الافتراضي أكثر بعشر مرات ورغم احتوائها على الزئبق والفسفور إلا أنها أصغر وأقل عرضة للكسر مقارنة بمصابيح الفلوريسنت التقليدية (النجفات) Fluorescent Lamps التي توفر أكثر من 70 في المائة مقارنة بمصابيح الهالوجين إلا أنها قليلة الاستخدام في أمريكا وأوروبا لسهولة كسرها واحتوائها على كمية بسيطة من الزئبق والفسفور الخطيرين جداً على الصحة، لذا تفرض الحكومة الأمريكية على الشركات التي توردها لأمريكا ختمها بشعار تحذيري خاص يحوي عبارة «تحتوي على الزئبق», وينصح بتنظيف المكان بورق مبلل بدلاً من المكنسة التي تنشر ذرات الزئبق والفسفور في الهواء، هذا فضلاً عن انتشار كثير من منتجاتها المقلدة ذات الجودة الرديئة في الوطن العربي، ولعلك لاحظت بعضها يخلف دخانا أسود على الجدار, فضلاً عن الأصوات المزعجة التي تصدرها أحياناً. ختاماً، إن الاستهلاك العشوائي وعدم المبالاة يكلفنا كثيرا من الصحة والمال, ويسبب الأذى لبيئتنا التي نعيش فيها.[c1]*عن/ صحيفة (الاقتصادية) السعودية [/c]
لتقليل التكاليف في القطاعات الحكومية والخاصة
أخبار متعلقة