كفيفات اليمن.. بصيرة تهزم إعاقة البصر
لقاء / فيصل الحزميتطلعات كبيرة.. وأحلام واسعة تنسجها جمعية الأمان لرعاية الكفيفات في بلادنا كأول جمعية غير رسمية تهتم برعاية الكفيفات والتعريف بحقوقهن وإدماجهن في المجتمع.. وهي تطلعات وآمال لا تقل شأناً عما يطمح إليها ذوو الإعاقات الأخرى في مجتمع يحيط به الفهم القاصر وثقافة تقليدية لا تؤمن كثيراً بالحقوق.. لذا كان على من فقد حاسة من حواسه أو من أصيب بإعاقة ما أن يخوض (معركة البقاء) لتعويض الحرمان وكسر حواجز النظرة القاصرة بكل شجاعة وإرادة وعزيمة لتأمين مستقبل زاهر..عن تفاصيل ذلك والجهود المبذولة لتأمين أوضاع مجتمعية صحية لشريحة الكفيفات كان لنا لقاء مع الأخت/ فاطمة العاقل رئيسة جمعية الأمان لرعاية الكفيفات فكانت هذه الحصيلة:[c1]الإنطلاقة الأولى[/c]* بداية هل لكم تسليط الضوء عن الجمعية وأنشطتها واهتماماتها الخاصة بشريحة الكفيفات في بلادنا؟!- جاءت الفكرة عندما عملت كأخصائية اجتماعية بمركز المكفوفين بصنعاء لست سنوات الذي لم يكن يوجد به كفيفة واحدة من النساء لعدم وجود سكن للكفيفات في المركز.. على الرغم من تزايد عدد الكفيفات الملتحقات بالجمعية إلا أن عدد الطالبات الكفيفات الملتحقات بالمؤسسات التعليمية لا شيء ما دعا إلى تأسيس أول مدرسة لهذه الشريحة في عام 1995م تسمى معهد الحلالي لتعليم الكفيفات في أطراف العاصمة صنعاء فبدأت حينها الانطلاقة الأولى للجمعية اليمنية وبدأ البحث عن الكفيفات من مختلف المناطق وتعزيز مشاركتها لتصبح عضواً فاعلاً ومقتدراً في الحياة وذلك من خلال العديد من الفعاليات ولأنشطة التي برزت بها الجمعية في الوقت الذي يزيد عددهن واحتياجاًتهن من التدريب والتأهيل فكان لا بد من إيجاد مظلة تحضن هؤلاء الكفيفات وتتفهم احتياجاتهن ومتطلباتهم وانتشالهن من براثن الواقع الأسري والاجتماعي الصعب فقمنا بتأسيس جمعية الأمان لتتولى مهمة ومسؤولية الرعاية والاهتمام اللازمين لهذه الشريحة التي حرمت من نعمة البصر..[c1]بصيرة نافذة[/c]وأحب أن أؤكد هنا أنه على الرغم من إعاقة الفتيات من نعمة البصر إلا أن لديهن بصيرة نافذة تجاوزت حدود الإعاقة وهي تناظل كثيراً من أجل حقوقهن الحياتية.* لماذا تم تسمية جمعيتكم بجمعية الأمان؟!- لهذا الأسم دلالة خاصة لدى شريحة الكفيفات نظراً لاحتياجهن والانسان عموماً إلى الشعور والإحساس بالأمان وكون الأمان والبداية للتنمية ومن ثم المشاركة الفاعلة في المجتمع.[c1]قضيتان اساسيتان[/c]عملية تأسيس الجمعية تطلبت تمويل كيف تم تدبر ذلك؟!حين بدأنا مشروعنا ركزنا على قضيتين أساسيتين الأولى هي إقناع أسر الكفيفات بالإهتمام بتعليم فتياتهم الكفيفات عبر إلحاقهن بمعهد الحلالي وإبعاد الوصمة الاجتماعية والنظرة القاصرة عن المعاقين بشكل عام ومنهن الكفيفة والجانب الآخر هو تأهيل كادر نسائي متخصص في تعليم الكفيفات إضافة إلى التركيز على البحث من مصادر التمويل اللازمة من رجال الإعمال والخيرين والبدء بتوفير الأجهزة والمعدات والأدوات الضرورية لمدرسة خاصة.. واستقر وضع التمويل للمشاريع الخاصة بالكفيفات بعد تأسيس الجمعية وتم أيضاً تأمين السكن ووسائل الدراسة بشكل أفضل.[c1]ملتحقات[/c]* كم وصل عدد الملتحقات بالجمعية؟!- هناك أكثر من (500) كفيفة عضوه في جمعية الأمان إضافة إلى (200) كفيف وكفيفة استفادوا من خدمات الجمعية كخدمات إضافية وصحية وغيرها.ماذا عن الدعم الحكومي؟!الدعم الحكومي موجود فهناك (300) ألف ريال تقدم من وزارة الشئون الاجتماعية و(30) ألف ريال شهرياً من أمانة العاصمة واعتماد من صندوق المعاقين وتغطي 10% من احتياجات الجمعية ومتطلبات التدريب والتأهيل والخدمات الاجتماعية.. كما لدينا كما قلت من فاعلي ألخير مساعدات عينية ونقدية وهي تصل إلى نحو 12% من موازنة الجمعية.* هل الدعم المقدم لكم كافي؟!- لا.. مقارنة بما هو مطلوب وما نطمح إليه في الجمعية وما تطمح إليه أيضاً الكفيفة في بلادنا.. لكننا نسعى جاهدين للبحث عن مصادر أخرى لتأمين الاحتياجات المتزايدة سنوياً حتى لا نواجه تهديدات من أحد الداعمين والممولين بتقليص الدعم المخصص للجمعية كما هو الحال من قبل صندوق رعاية المعاقين الذي بدأ ينكمش تدريجياً ما يهدد أنشطة الجمعية ويزيد من الأعباء عليها.. خاصة وأن لدينا خطط طموحة لخدمة شريحة أوسع من الكفيفات في ظل التزايد الذي يشهده الوطن لمثل هذه الإعاقة..[c1]الأولى في عدد المكفوفين[/c]* ما أبرز هذه الطموحات؟!- الطموحات تتركز بتأمين فرع للجمعية بمحافظة الحديدة خاصة وأنها تحتل المرتبة الأعلى على مستوى الجمهورية بنسبة المعاقات بصرياً بـ 26.5%.. وأيضاً لعدم وجود فيها اهتمام ورعاية بالمكفوفين.. كما نسعى ضمن الخطط إلى تطوير وتوسيع إداري لإيواء الكفيفات بمحافظتي تعز وإب بحيث يمكننا من إقامة الأنشطة والفعاليات الكافية للكفيفات بهاتين المحافظتين وهذتين الدارين يستوعبان (35) كفيفة من إب و (15) من تعز إضافة إلى (65) كفيفة من أمانة العاصمة.[c1]أساسيات[/c]* هل لديكم إحصاءات لعدد الكفيفات في بلادنا وأيضاً.. وما أبرز أسباب هذه الاعاقة ..؟!- الإعاقة البصرية تشغل المرتبة الثالثة في بلادنا بعد الإعاقة الذهنية والحركية.. فعدد المعاقين بصرياً نحو (26) ألف ملخص ذكوراً وإناثاً.. وأستطيع القول بكل ثقة أن تجربتنا في اليمن لرعاية الكفيفات هي الأفضل على مستوى تجارب العالم العربي لا أبالغ ان قلت أنها تناقس التجارب العالمية فالكفيفة اليمنية اليوم وصلت إلى ما لم تصل إليه رفيقاتها العربيات نتيجة للدعم الموجود سواء الحكومي على مستوى التشريعات أو على المستوى المادي وإن كان ضئيلاً.. وأيضاً الجهود المبذولة من الخيرين ومنظمات المجتمع المدني لدعم وتلبية احتياجات الجمعيات الإنسانية والخيرية.[c1]خدمات بارزة[/c]ما نوع الخدمات التي تقدمها الجمعية للمستفيدات منها؟!أهم الأنشطة التي تصب الجمعية وإدارتها نحو إقامتها والاهتمام بها هو الجانب التعليمي: حيث تلتحق الطفلة الكفيفة بروضة الضياء التي تم إقامتها في إطار المشروع المتكامل للجمعية والمعهد للإهتمام والعناية بالكفيفة وحين تحصل على المهارات الحياتية والخبرات الضرورية يتم إلحاقها بمدرسة الكفيفات من الصف الأول الابتدائي حتى الخامس وتدرس منهج وزارة التربية والتعليم إضافة إلى بعض المواد الخاصة كالتعليم على كيفية استخدام الحاسوب الناطق وفنون الحركة والتوجيه الذي بدأ تنفيذه من العام 2004م وهناك أيضاً برنامج محو الأمية وآخر للتدخل المبكر للإعاقات المزدوجة ، أضافه الي برنامج خاص بأصحاب الإبصار الضعيفة الذي بدئ العمل عام 2002م هذا بالنسبة لما يتم تدريسه ,بعد ذلك تأتي مرحلة أخر هى مرحلة الإدماج التي تنتقل الكفيفة منها إلى إدماجها في المدارس العامة للدولة من مرحلة الصف السادس وحتى الثالث الثانوي, حيث بلغ عدد الطالبات الملتحقات ببرنامج الدمج للعام الماضي (2010-2009م) (93) طالبة في 58 مدرسة بأمانة العاصمة.. كما نعزم حالياًُ على دمج (45) أخرى في المدارس العامة.المرحلة الثالثة هي التحاق المكفوفة بإحدى الجامعات اليمنية الحكومية أو الخاصة حيث بلغ عدد الملتحقات هذا العام (145) إضافة إلى (5) في الدراسات العليا ويتم دعمهن جزئياً من صندوق رعاية المعاقين وأيضاً هناك اهتمام بالجانب الرياضي وتفعيل مشاركات المكفوفين على المستوى الإقليمي.. و طموحنا أن يتمتع الكفيف بالخدمات الصحية عبر البطاقة الصحية وان يحصل على تخفيض يصل إلى (50%) في مختلف الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والتلفون والمياه وغيرها .[c1]الأهداف والتنمية والدمج[/c]* ما الأهداف التي تنشدونها..؟!- حين قفزت إلى ذهني فكرة إنشاء جمعية الأمان أدركت ان أهم بواعث العمل على خلقها يكمن في حتمية دمج الكفيفة (الدمج التام) في المجتمع وهذا البرنامج بدأته منذ 1997م ثم تشعبت في المحافظة على الحقوق الإنسانية للكفيفة والدفاع عنها وتعريف المجتمع والأهالي بوجه خاص بهذه الحقوق وحمايتهم من الاستغلال والتخطيط لمشاريع لخدمتهن ومراقبة الخدمات المقدمة لهن وتحسينها والارتقاء بها, وتوفير الدعم الاجتماعي والنفسي لأهاليهن وأهداف أخرى لا يتسع المجال لذكرها..[c1]أسلوب علمي وحضور دولي[/c]* سمعنا عن أسلوب تعيلمي هو (بريل) ماذا يعني..؟!- هو معلم لذوي الإعاقة البصرية ونحن في الجمعية بفعل تواصلنا حصلنا على وسيلة واحدة من مركز المكفوفين بدولة قطر الشقيقة ونحن أيضاً على تواصل مستمر مع المنظمات والدول المانحة وخاصة الأسيوية لدعمنا وتوفير احتياجاتنا.. كما حصلنا على الواح كتابية للخط البارز من اتحاد آسيا للمكفوفين ونشارك معهم في دورات تخصصية تدريبية.. ولنا حضور دولي كبير وواسع ومشاركات علمية وتبادل للخبرات مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة وأيضاً مع مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية مثل العربية للمعاقين واتحاد أسيا للمكفوفين ومنظمة التأهيل الدولي والاتحاد العربي للمكفوفين والاتحاد الدولي ونحن مؤسسون لهذه الاتحادات كما حصلنا على عضوية لجنة المرأة للإتحاد العالمي للمكفوفين.[c1]إسهامات مجتمعية[/c]* ماذا عن إسهامات الكفيفات في مختلف مجالات الحياة وفي زيادة دخل الجمعية من خلال الأعمال الحرفية وغيرها؟!- الجمعية تعمل على تعليم الكفيفة وتأهيلها علمياً وقد تم توظيف نحو (25) كفيفة في مختلف مؤسسات الدولة كما تعمل على تدريبها على الحاسوب الناطق وقد تم توزيع نحو (35) حاسوباً كما تم الحاق عدد منهن بمعاهد تعلم اللغة الإنجليزية وغيرها.[c1]نظرة قاصرة[/c]* حدثونا عن النظرة القاصرة من المجتمع التي تعاني منها الكفيفة؟!- أحب أن أنوه أن هناك فرق بين الكفيفة في الحضر والكفيفة في الريف ففي الحضر تم تجاوز هذه المسألة بنسبة كبيرة وهناك الكثير من التجارب التي تثبت ذلك وأيضاً مسألة التعريف بدور الجمعية.. أما في الريف فلا يزال هناك صعوبات اجتماعية ومادية وتوعوية وغيرها لإخراجها من براثن الفقر والجهل والإعاقة.. ومن هنا يصبح إيجاد سكن للكفيفات ضرورة حيوية لانتشالها من هذا الواقع المؤلم واللا إنساني.[c1]نظام الكفالة[/c]* ماذا بشأن نظام الكفالة وهل هو موجود لديكم؟!- تم وضع دراسة اجتماعية لجميع المعاقين من مختلف الحالات ليحصل المعاق على إعانة شهرية يتم تسليمه نصف المبلغ بينما يدخر النصف الآخر في دفتر التوفير هذا بالنسبة للأطفال المعاقين وحتى مرحلة الشباب.. وقد تم الاستفادة من هذه المدخرات في إقامة العديد من المشاريع الصغيرة كشراء قطعة أرض مثلاً أو إصلاح منازل المعاقين أو شراء مستلزمات منزلية للمعاقين أو مكاتب وغيرها وإعانتهم على استكمال مشاريعهم...إلخ.. حيث بلغ عدد المستفيدين حتى نهاية2009م نحو (7500) مكفوفاً.* ماذا عن الجانب التوعوي وخلق وعي مجتمعي حقوقي؟!- نحن نؤمن بأهمية الدور التوعوي ونعطيه أهمية كبيرة في خططنا السابقة أو الحالية وأيضاً بأهمية تفاعل مختلف وسائل الإعلام إلى جانب المعاقين وخلق ثقافة صحية مساندة ومؤيدة للحقوق وأيضاً لإيصال صوت الكفيف كقدرة إنسانية لا تقل شأنها عن غيرها من أفراد المجتمع الأصحاء.. لذلك فقد اتجهنا نحو إقامة المهرجانات وورش العمل والمحاضرات والمشاركة في المؤتمرات الدولية والمحلية سواء للتعريف بالجمعية ككيان إنساني وخيري يعمل على التخفيف من أعباء الإعاقة أوفي توسيع دائرة التوعية والتثقيف بحقوق المعاق كفرد من المجتمع له من الحقوق وعليه من الواجبات وقمنا أيضاً بإنشاء ملكيته تشمل الإصدارات المختلفة مكتوبة بلغة (برايل) للمكفوفين إضافة إلى الأشرطة السمعية وتشكيل لجان مختلفة لتحقيق الغايات المنشودة ونشر الأبحاث والدراسات والمنشورات التثقيفية وعقد اللقاءات الدورية للأهالي بهدف تبادل الخبرات وتخفيف المعانات النفسية والاجتماعية.[c1]حجاج بيت الله[/c]* سمعنا عن تنسيق للجمعية لإيفاد عدد من المكفوفين للحج بيت الله الحرام؟!- صحيح.. الفكرة بدأت في عام 2000م بعد أدائي فريضة الحج, حينها أحسست بضرورة أن نساعد المكفوفين على أداء هذه الفريضة كحق من حقوقهم. ومن ثم قمت بمراسلة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز في عام 2000م أكثر من مرة وفي عام 2005م حصلنا على موافقة ل (45) حاج كفيف وكفيفة إضافة إلى (45) آخرين كمرافقين وقد أدى الفريضة (82) كفيف من خلال فوجين إضافة الى (40) كفيفاً تمكن موخراً من اداء فريضة الحج هذا العام.. ونظراً لتزايد الالتزامات المالية لجأنا إلى الرئيس الفخري للجمعية الأستاذ عبدالله حسين البشيري أمين عام رئاسة الجمهورية الذي تكفل بتقديم الدعم المادي للمرافقين.[c1]عرفان[/c]* في ختام اللقاء إذا كان من رسالة تودون إيصالها من خلال صحيفة14اكتوبر ؟!- كلمة شكرا وعرفان أقولها لكل الداعمين للجمعية واخص بالذكر صاحب القلب الكبير الأستاذ/ عبدالله حسين البشيري الرئيس الفخري للجمعية الذي يبذل جهوداً كبيرة في تذليل وتسهيل أعمال ومهام الجمعية لتأدية واجباتها الإنسانية على أكمل وجه.. والحقيقة أن كل كلمات الثناء والعرفان لهذا الشخص غير كافية.. والشكر أيضاً موصول لكل من ساهم ودعم جمعيتنا من رجال أعمال ورجال الخير وغيرهم.
مكفوفين