القدس المحتلة / 14 أكتوبر / رويترز:أوقفت إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) القتال في قطاع غزة أمس الخميس لكن مع ضآلة احتمالات السلام عبر كل من الجانبين عن تشككه في أن تصمد التهدئة التي توسطت مصر فيها. وقبيل بدء سريان التهدئة قال مسعفون ونشطاء إن ضربة صاروخية إسرائيلية قتلت مسلحاً فلسطينياً وأصابت آخر بجراح بالقرب من السياج الحدودي مع إسرائيل في وسط قطاع غزة. بدأت التهدئة الساعة السادسة صباحاً (0300 بتوقيت جرينتش) بعد يوم آخر من العنف عبر الحدود. وسقطت عشرات الصواريخ الفلسطينية القصيرة المدى وقذائف المورتر على جنوب إسرائيل لكنها لم تسبب أضراراً خطيرة. وأصابت غارات جوية إسرائيلية عدة مسلحين في غزة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في كلمة قرب تل أبيب مستخدماً لفظة تهدئة التي تفضلها إسرائيل وحماس في غياب اتفاق رسمي على هدنة «إن ما يدعونه (تهدئة) هو هش ومن المرجح أن يكون عمره قصيراً». وأشار إلى أن إسرائيل «ستمضي قدماً في تطبيق هذه التهدئة». ولكن يتعين أن يستمر الجيش الإسرائيلي في الاستعداد للرد إذا استمرت الهجمات الصاروخية. وكرر اولمرت أمس الأول الأربعاء تهديداً بغزو غزة إذا فشلت التهدئة وقال «حماس والجماعات الإرهابية الأخرى لم تغير خطها أو تتحول إلى محبة للسلام.» وبالنسبة لحماس التي سيطرت على قطاع غزة بعد اقتتال مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في يونيو من العام الماضي قد تكون التهدئة إيذاناً ببعض التخفيف للحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة الساحلي الفقير. لكن كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس قالت في بيان صدر مع سريان اتفاق التهدئة إن وقف إطلاق النار ليس بأي حال هدية مجانية لإسرائيل وحذرت الدولة اليهودية من أي خرق للاتفاق. وجاء في البيان أن كتائب القسام مستعدة تماماً لتوجيه ضربة عسكرية ستهز «الكيان الصهيوني» إذا لم يلتزم الإسرائيليون بكل بنود الاتفاق وحملت «العدو الصهيوني» مسؤولية أي تصرف أخرق قد يقدم عليه. وتأمل حماس التي عزلها الغرب لرفضها نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل في الحصول على شرعية دولية. ووافقت إسرائيل والولايات المتحدة اللتان ترفضان إجراء مباحثات مباشرة مع حماس على إجراء مفاوضات غير مباشرة عبر وساطة مصرية. وعلى الرغم من رفض حماس الاعتراف بإسرائيل فإن تعاملاتهما غير المباشرة عن طريق القاهرة قد تساعد أيضاً الحركة في اكتساب بعض الشرعية في الغرب والمصالحة مع عباس الذي يخوض غمار مفاوضات سلام ترعاها الولايات المتحدة مع أولمرت. وقال جوردون جوندرو المتحدث باسم البيت الأبيض «نأمل أن يكون هذا معناه ألا تطلق حماس مزيداً من الصواريخ على الإسرائيليين الأبرياء وأن يؤدي أيضاً إلى أجواء أفضل للمحادثات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.» وقال مسؤولون غربيون إن إسرائيل التي خفضت بشدة إمدادات المواد غير الأساسية لقطاع غزة ومنها الوقود منذ تولي حماس السلطة في يونيو الماضي تعتزم السماح لعددٍ أكبر قليلاً من الشاحنات بدخول القطاع اعتباراً من يوم الأحد المقبل شريطة أن تكون التهدئة قائمة. ويطالب الفلسطينيون باستعادة التدفق الكامل للواردات إلى غزة. وأبدى إسماعيل هنية القيادي بحماس في قطاع غزة ثقته في أن جميع الفصائل الفلسطينية ستحترم التهدئة انطلاقاً من شعورها «بالمسؤولية الوطنية». وفي نبرة تصالحية على غير المعتاد قال هنية للصحفيين إن التهدئة قد تكون مبعث «ارتياح» للإسرائيليين الذين يعانون من القصف من غزة. لكن حماس أوضحت أنها لن تكف عن تدريب وتسليح مقاتليها وأنها مستعدة لاستئناف الهجمات. وقال أبو عبيدة المتحدث باسم الجناح المسلح لحماس «لا تساورنا أوهام بأن الاحتلال (إسرائيل) يضمر نوايا حسنة نحو شعبنا وإذا أحبط الاحتلال التهدئة فإن ذلك يعني العودة إلى مقاومة أشد.» وهناك عامل آخر هو استمرار المحادثات التي تتوسط فيها القاهرة بشأن إعادة جندي إسرائيلي أسر في غزة منذ نحو عامين. وقال زعيم آخر من زعماء حماس هو خالد مشعل إن إطلاق سراح شليط يتوقف على إفراج إسرائيل عن سجناء فلسطينيين لكن حكومة أولمرت ترفض كثيرًا من الأسماء الواردة في قائمة الفلسطينيين المطلوب الإفراج عنهم. [c1] مبعوث الأمم المتحدة : التهدئة في غزة يمكن أن تخلق أحوالاً مواتية لنشر قوة للأمم المتحدة [/c]من ناحية أخرى قال مبعوث للأمم المتحدة أمس الخميس إن التهدئة التي تمت بوساطة مصرية ومحادثات المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة يمكن أن تخلق الأحوال المواتية لنشر قوات حفظ سلام من الأمم المتحدة في قطاع غزة. وقال روبرت سيري المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط إن فكرة إرسال قوات حفظ سلام «سابقة لأوانها» في هذه المرحلة لكنها يمكن أن تصبح «عملية للغاية» في وقتٍ لاحقٍ إذا تحسنت الأحوال الأمنية والسياسية. وبدأ سريان هدنة تم التوصل إليها بوساطة مصرية بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أمس الخميس لكن الجانبين عبرا عن شكوكهما بشأن الفترة الزمنية التي يمكن أن تستمر خلالها هذه التهدئة. وبموجب شروط الهدنة يجب وقف القتال عبر الحدود وتقوم إسرائيل تدريجيا بتخفيف الحصار الاقتصادي للقطاع الساحلي الذي تم تشديده بعد أن سيطرت حماس على القطاع قبل عام بعد قتال مع قوات حركة فتح الموالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال سيري لرويترز في مقابلة «إنني اعلم انه يوجد قدر كبير من الشكوك بالفعل.» وأضاف «يجب أن ندرك جميعاً أن هذه التهدئة ما زالت هشة وخاصة في الأسابيع المقبلة. وهذا هو السبب في أننا سنتطلع إلى كل الأطراف لكي تتصرف بحرص ومسؤولية لضمان استمرار هذا الهدوء.» وقال سيري إن وكالات الأمم المتحدة يمكن أن تقدم «نقطة بداية» لاقتصاد قطاع غزة الذي يحتضر من خلال استئناف مشروعات التشييد التي تم تجميدها في العام الماضي بسبب قيود إسرائيل على واردات مواد البناء. وقال سيري «إننا نريد إعادة فتح المعابر تحت السيطرة وبصفة دائمة» مضيفاً أن هذا يجب أن يشمل «السلطة الفلسطينية الشرعية» في إشارة إلى حكومة عباس في الضفة الغربية المحتلة بزعامة رئيس الوزراء سلام فياض. وبالإضافة إلى تخفيف حصار غزة قال سيري إن بواعث القلق الأمني لدى إسرائيل ومصر يجب معالجتها بسرعة. وطالبت إسرائيل بوقف تهريب الأسلحة إلى غزة واشترطت لإعادة فتح المعابر على حدود رفح بين غزة ومصر وأن يفرج الناشطون عن الجندي الإسرائيلي المحتجز جلعاد شليط. وبحثت حكومة فياض ومسؤولون من الأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة فكرة نشر قوات حفظ سلام من الأمم المتحدة في الجزء الجنوبي من غزة بين رفح ومعبر كرم أبو سالم القريب من الحدود الإسرائيلية المصرية ومعبر المنطار التجاري مع إسرائيل. وقال مسؤولون إسرائيليون ودبلوماسيون غربيون إن القوات الدولية يمكن أن تتمركز في مطار غزة الذي لا يعمل الآن. وقال سيري انه إذا تماسكت الهدنة وبقيت المعابر مفتوحة وتحت السيطرة «عندئذ فان هذه الفكرة التي أشرت إليها يمكن أن تصبح واردة» .ووصف جهود المصالحة التي استؤنفت بين عباس وحماس بأنها «شأن فلسطيني داخلي» لكنه قال إن «العالم الخارجي لا يمكنه أن يكون غير مهتم بذلك» .وقال سيري «من المهم للغاية أن نرى خطوات في هذا الاتجاه وعندئذ ومرة أخرى يمكن أن تصبح فكرة (نشر قوات حفظ السلام) وسيلة عملية للغاية للأطراف لكي تبدأ في التعامل بعضها مع بعض.» وقال دبلوماسيون غربيون إن إسرائيل أظهرت استعداداً متزايداً لبحث نشر قوة دولية في قطاع غزة لكنها بقيت متشككة بشدة في أن الهدنة ستتماسك وفي أن الدول ستوافق على إرسال قوات إلى بيئة يحتمل أن تكون عدائية. وقال سيري إن مهمة حفظ السلام ستصبح ممكنة فقط في ظل شروط معينة أهمها أن يكون هناك اتفاق بين إسرائيل ومصر و»كل الأطراف» بشأن الحاجة لمثل هذه القوة. وقال سيري «وأعتقد أن هذا سيكون اعتبارا مهما لأي بلد يسهم بقوات في المستقبل.»